محمد هاشم عبد السلام

 

هل بإمكاننا إضافة الذكاء إلى مشاعرنا؟ وما هو تعريف ذكاء المشاعر؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير يجيب عنها الدكتور دانيال جولمان في هذا الكتاب، “ذكاء المشاعر”، والذي تعرض فيه بتفصيل شديد إلى المقصود بمعنى ذكاء المشاعر وجوانبه المختلفة، وإن كان ثمة فارق بينه وبين الذكاء العادي أو الذكاء الاجتماعي أو الذكاء الإبداعي أو الذكاء التعليمي، وغيرها من أنواع الذكاء.

وفي هذا الكتاب ينتقل بنا جولمان للتعرف على جوانب ذكاء المشاعر، وذلك لكي نفهم الفارق بينه وبين معامل الذكاء، والسبب الذي يجعل المهارات الخاصة بذكاء المشاعر أهم بكثير من الذكاء التعليمي، وأن أهميته لا تكمن فقط في علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين أو حتى في النجاح في العمل والإدارة والقيادة بل حتى في مجال التعليم نفسه. والكتاب مقسّم إلى جزء أول يناقش فيه بطريقة علمية متخصصة بعض الشيء المخ الانفعالي والبنية التشريحية للمخ، وجزء يناقش فيه باستفاضة طبيعة ذكاء المشاعر، وثالث خصص بالكامل للتطبيقات الخاصة بذكاء المشاعر.

وسوف يرى قارئ هذا الكتاب كيف أن الدافعية والقدرة على فهم مشاعر الذات ومشاعر الآخرين، ما يسمى بالتقمص، وكذلك المثابرة والسيطرة على الأهواء وليس قمعها تؤدي إلى فروق هامة ومؤثرة في الحياة. وسوف يتعرف القارئ أيضًا عبر صفحات الكتاب ومن خلال قراءته لنتائج الاختبارات والتجارب العلمية والدراسات المتخصصة والإحصاءات التي أجراها دانيال جولمان وغيره من الأطباء المتخصصين في مختلف الجامعات والمعاهد والمدارس، سيتعرف على الجوانب التطبيقية لذكاء المشاعر في المنزل والإدارة والمدرسة وغيرها من أوجه الحياة المختلفة وتأثير التعامل مع المشاعر بذكاء على الحالة الصحية بصفحة عامة. كما لا ينسى جولمان أن يطلعنا على الضريبة التي ندفعها بسبب الجهل بالمشاعر وكيف أن حياتنا في مجملها تتأثر بالعجز الناجم عن هذا الجهل.

وقبل أن ينهي جولمان كتابه يتطرق إلى الطرق التي يمكننا أن نربي بها هذه المهارات الخاصة بذكاء المشاعر في أطفالنا، لأجل إعداد أجيال من الأسوياء وكذلك محاولة غرسها في أنفسنا لأجل صحة أفضل وحياة اجتماعية هادئة ومستقرة.

والكتاب بصفة عامة يغلب عليه الطابع السهل البسيط رغم صعوبة ودقة وتخصص الموضوع بالنسبة للقارئ العادي ولذلك فإن الكتاب يعتمد بشكل أساسي على الكثير من الأحداث الحقيقية المروية عن أو على لسان المرضى أو المتطوعين وما حدث لهم وهو ما جعل الكتاب أكثر سهولة وبساطة من حيث القراءة بالنسبة للقارئ العادي. كذلك الأمر بالنسبة للمصطلحات الجيدة نسبيًا على القارئ مثل: العمى الوجداني، إدارة الانفعالات، إدارة الكآبة، إدارة الذات، تشجيع الذات، ذكاء المعاملة، أمية المشاعر، عدوى المشاعر، نبوغ المشاعر، الوعي الذاتي، الشجار الجيد بين الأزواج، الإدمان الذهني، وغيرها من المصطلحات التي لن يجد القارئ أية صعوبة في استيعابها بفضل الأسلوب الشيق للكتاب، وكذلك الترجمة الدقيقة السهلة المتميزة للمترجم الدكتور هشام الحناوي، والذي اختتم مقدمته للكتاب بقوله: “أحب أن أذكر أن هذا الكتاب لا يقلل من الدور الذي تلعبه العقلانية والتفكير والمعرفة في الحياة، لكنه يفتح الباب فقط للتكامل مقابل الصراع بين الفكر والمشاعر، من أجل حياة أكثر إنتاجًا وأكثر إنسانية وأقل قلقًا واكتئابًا”.

يقول دانيال جولمان في بداية الكتاب: “ما هي العوامل التي تجعل بعض أصحاب معاملات الذكاء المرتفعة يصيبهم التعثر في حياتهم بينما يحقق آخرون ذكاؤهم متواضع نجاحات باهرة؟ أستطيع أن أجيب بأن هذا الاختلاف غالبًا ما يرجع إلى القدرات التي تسمى ذكاء المشاعر والتي تشتمل على: التحكم بالذات، والهمة والإصرار، والقدرة على دفع الذات”.

 

 

عنوان الكتاب: ذكاء المشاعر

المؤلف: دانيال جولمان

المترجم: د. هشام الحناوي

الناشر: مهرجان القراءة للجميع –  مكتبة الأسرة –  مصر

الطبعة: الأولى 2004

الصفحات: 365 قطع متوسط