ترجمة وتقديم: محمد هاشم عبد السلام

 

الإثنين 19 يناير 2015

 

خلال العام الماضي ترشحت الممثلة الفرنسية المعروفة ماريون كوتيار، للعديد من الجوائز عن دوريها المتميزين العام الماضي في فيلمين منفصلين. حمل الأول عنوان “المُهاجر” للمخرج جيمس جراي. والثاني عنوان “يومان وليلة” للأخوين جان- بيير ولوك داردن.

وبالرغم من أن النقاد استبعدوا ترشح كوتيار عن أي من الفيلمين للأوسكار تحديدًا، نظرًا للطبيعة المغايرة وغير الجماهيرية للفيلمين، ناهيك عن، تقريبًا، استحالة أن تضيف كوتيار الأوسكار الثاني لرصيدها خلال مسيرتها المهنية القصيرة، لا سيما وأن ماريون كوتيار لم تصل بعد لسن الأربعين. وقد نالت ماريون كوتيار، الباريسية المولد، الأوسكار الأول لها في عام 2008، وذلك عن أداءها لشخصية المغنية الفرنسية الشهيرة أديث بياف. جدير بالذكر أن ترشحيات الأوسكار الأخيرة قد وضعتها ضمن المتنافسات على جائزة أحسن ممثلة عن الفيلم المتميز “يومان وليلة”.

تلعب ماريون كوتيار في فيلم “يومان وليلة” دور الأم “ساندرا”. تلك الأم المحبطة التي ترجع إلى المصنع الذي تعمل به بعد إجازة، فتجد أن وظيفتها قد باتت في خطر وأنها على وشك الطرد من المكان. خاصة بعد أن اتخذت الشركة قرارًا بتقليل حجم العمالة، وأن ساندرا قد وقع عليها الاختيار كي تُصرف من العمل. في النهاية، يتوقف الأمر كله على التصويت أو الاقتراع بين الزملاء من العمال، وقد ينجح الأمر في النهاية لو أفلحت ساندرا في إقناع الزملاء بالتخلي عن العلاوة السنوية لهم في آخر العام، في مقابل الحفاظ على وظيفتها.

ولحاجتها الماسة للعمل من أجل أسرتها، تضطر ساندرا لإهدار كرامتها بعض الشيء والتنازل عن كبريائها، والتوجه إلى الزملاء في العمل فردًا فردًا كي تقنعهم وتحثهم على التخلي عن العلاوة السنوية كي ألا تفقد عملها، وتستطيع وعائلتها البقاء على قيد الحياة. يحتوي الفيلم على قدر من القسوة والمرارة، ويستدر العواطف ويثير المشاعر في نفس الوقت، وليس ثمة شك في أن أداء كوتيار كان له الأثر البالغ فيما يتعلق بقوة الفيلم. ونجاحها في تقديم صورة جد قوية عن الكفاح من أجل العيش بكرامة في عالم مادي لا يرحم.

في سياق هذا الحوار القصير الذي أجراه معها الناقد السينمائي “رودريجو بيريز” في الثلاثين من ديسمبر الماضي، بمجلة “المخرج”، تحدثت ماريون كوتيار، سريعًا عن دورها في الفيلم، وكذلك عن فيلم دورها الرئيسي التالي في فيلم بعنوان “ماكبث” أمام النجم مايكل فاسبيندر، ومن إخراج جاستين كرزل.

رودريجو: من المعروف أن الأخوين داردن قد اشتهرا بعدد اللقطات الكثيرة التي يطلبونها من الممثلين، وهناك بالفعل عنصر من التكرار في هذه القصة. أتصور أنه كان من الصعب عليك تنفيذ هذا، أليس كذلك؟

ماريون: لم يكن صعبًا، لكنه كان مكثفًا. الأخوان داردن يصنعان فيلمًا كل عام تقريبًا، وهما يرتبان كل شيء بحيث تكون الأمور مُريحة. قمنا بإجراء التدريبات لمدة ثلاثة أشهر، ثم أقدمنا على التصوير الذي امتد لأحد عشر أسبوعًا، وهو أمر جد كثير. صحيح أنني بعد هذا الفيلم مباشرة قمت بتصوير نسخة من “ماكبث”، وهو بالطبع أصعب من فيلم داردن، ومع ذلك كان لدينا ثمانية أسابيع. في تلك الأسابيع الثمانية، مررنا بأسبوعين من المعارك، وهو أمر بالغ الجنون!

رودريجو: أعتقد أن هذا الأمر معتمد أكثر على ما هو عليه عملية إنتاج الفيلم وما هي مواردك ومصادرك.

كوتيار: يعتمد على الفيلم بالطبع، لكن عندما يكون عندك أحد عشر أسبوعًا بالإضافة إلى شهر من التدريبات، يكون الأمر مريحًا على نحو مذهل.

رودريجو: كيف يمكنك الحفاظ على الحيوية بعد كل هذه المدة؟ على ساندرا أن تكمل المهمة ذاتها مرارًا وتكرارًا للوصول إلى جميع زملائها بالعمل.

كوتيار: نعم، كان هذا صعبًا. لكنه أيضًا ساحة خلفية جيدة للغاية لخيالك، لأن جميع المشاهد مُصوّرة على نحو متسلسل ومعظم الوقت نقوم بتنفيذ ما بين خمسين إلى مائة لقطة. وهذا كثير، لكنهما قبل كل شيء، لن يقدمان على تنفيذ لقطة واحدة إضافية ليسا في حاجة إليها. إنهما لا يحاولان دفعك في مكان ما آخر. بعض المخرجين يقومون بتنفيذ ثمانين لقطة لأنهم يرغبون في أن يستخرجوا أو يستخلصوا منك شيئًا مختلفًا.

ليست هذه هي الطريقة التي يعملان بها على الإطلاق. إنهما يثقان ويؤمنان بالأشخاص الذين يعملون معهم. لذلك، مع كل مرة كنت أقوم بالتكرار ثانية، كنت أعرف إنها لسبب ما. لكن في اليوم التالي، قمنا بتنفيذ ستة وخمسين لقطة، وفي اليوم الرابع وصلت لاثنتين وثمانين لقطة، وهكذا وهكذا يومًا تلو الآخر … أحيانًا كان الأمر يصل إلى خمسة وتسعين أو مائة لقطة.

رودريجو: ياه! أليس هذا على الأقل مرهق من الناحية النفسية والعاطفية؟

كوتيار: ليس على هذا النحو. كنت سعيدة للغاية أثناء القيام بهذا العمل. قمت بكتابة الكثير من المواد، والعديد من المشاهد المتعلقة بماضيها. كنت أحتفظ بدفتر ملاحظت مدونة به مشاهد من منتصف نوبة إحباطها وكآبتها، وكيف أثرت على أطفالها، وكذلك زوجها، وأيضًا مشاهد من طفولتها. ولهذا فقد قمت بتوظيف كل تلك الأشياء من أجل تغذية لحظات ما بعينها ببعض الانفعالات والعواطف التي كنت بحاجة للوصول إليها.

عندما كانت ساندرا تنفجر بالبكاء في منتصف محادثة ما، لم يكن هذا انفعاليًا أو عاطفيًا. حسنًا، كيف تفعل هذا؟ في بعض الأحيان، يكون عندك مشهد من المشاهد وتتحدث فيه عن شيء بالغ الدرامية إلى حد كبير ومن السهل بالتأكيد أن تصل إلى ذلك القدر من الانفعال عندما تتحدث عن زوجك المتوفي. لكن فجأة، ومن حيث لا تدري؟ مثل التحدث عن حديقتك الخاصة التي قمت بإعادة توضيبها وتجديدها، ثم فجأة تنفجر في البكاء مرة واحدة؟ تحتاج لشيء تستخدمه، ومن ثم فقد استخدمت كل المواقف الدرامية التي قمت بكتابتها. لكن بعد ذلك، عقب ثلاثين لقطة وباستخدام نفس الشيء وتوظيفه مرارًا وتكرارًا، فجأة لن يعمل على نحو ناجح مرة ثانية.

بعدما استخدمت كل ما قمت بكتابته وكنت في اللقطة رقم أربعين، عرفت أنه من المرجح أنني لن أصل إلى اللقطة رقم ثمانين. وأنني بحاجة للمزيد من الأشياء وفي تلك الأثناء تجد أن خيالك لا يتوقف عن الخلق والإبداع، والقيام أيضًا بتحديث جهاز الكمبيوتر الداخلي الخاص بك الذي يعمل على منحك ما هو جديد كي تصل إلى حيث كنت ترغب في الوصول.