محمد هاشم عبد السلام

 

يعتبر هذا الكتاب بما يحتوي عليه من مادة غزيرة ومتنوعة عن بناء السفن والأسماء البحرية واللغة والمأثورات والأغاني والأساطير والخرافات والعادات والحكايات، إضافة كبيرة وقيمة. إن أهمية هذا الكتاب ليس قاصرة فحسب على مبحث الفولكلور، فالكتاب الذي قد يظن القارئ لأول وهلة أنه شديد التخصص في فرعه، على العكس من ذلك تمامًا، صحيح أنه يتناول كل ما يمت للبحر بصلة، لكن الإحساس الذي ينتابك أثناء قراءته هو أنك تقرأ رواية، تحتوي على الكثير والكثير من الصدق والعمق والتسلية والشطح الخيالي وخوض غمار تجارب شديدة الخصوبة والثراء، وهو ما يعبر عن مفهوم المؤلف هوراس بيك للفولكلور، “الفولكلور ليس مادة وإنما تجربة”. والكتاب ليس مجرد وصف وجمع لمواد من هنا وهناك ظل الكاتب يجمعها على مدار عمره من الأفواه وبطون الكتب وفقط، بل هو كشف عن المكونات الثقافية البشرية الخاصة جدًا والمشتركة أيضًا التي سيجد القارئ العربي أنها مألوفة لديه، وأنه قد سمع بها من قبل بطرق وأشكال مغايرة.

إن من أهم الأشياء التي قام بها الكاتب، من وجهة نظري، قيامه بدور الراوي أو السارد عند عرض الحكايات والأساطير والخرافات وحتى المعلومات الموثقة، ثم قيامه بدور الناقد والمفند لها، وأيضًا إرجاعها إلى حقائقها العلمية أو مقارنتها بنصوص أدبية أو دينية، وذلك دون أن ينفي أو ينتقص من قيمتها، كما يشعرك في بعض الأحيان أنه يضرب بكل هذا عرض الحائط ويكون وفيًا مخلصًا لما يرويه ويسرده لنا حتى لو لم يصرِّح بهذا.

نجح هوارس بيك، عمل أستاذًا للأدب الأمريكي  27عامًا وتوفي في الأول من يوليو الماضي، وباقتدار شديد، بين دفتي كتابه هذا في إلقاء الضوء على موضوعات لم يتم تناولها بعد بشكل عميق، الأمر الذي جعله يخصها بفصول مفردة، مثل، فنون البحر (كالوشم مثلاً معانيه ودلالاته)، القراصنة والمهربين، السفن الأشباح، عرائس البحر، الأسماء في البحر… الخ، كما نجح إلى حد بعيد في التعريف والتفرقة بين الكثير من المصلحات الغامضة والمتلبسة والمتداخلة كالحكاية والأسطورة، كالخرافة والعادة والمعتقد. وقد أحسن المترجم أحمد محمود بوضع الكثير من المفردات الإنجليزية إلى جوار ترجمتها العربية، تقريبًا في كل صفحة من صفحات الكتاب لزيادة استمتاع القارئ، دون أن يعوق ذلك عملية القراءة ويتسبب في إزعاج القارئ.

عنوان الكتاب: الفولكلور والبحر

المؤلف: هوراس بيك

ترجمة: أحمد محمود

مراجعة وتقديم: صفوت كمال

الناشر: المجلس الأعلى للثقافة – مصر

الطبعة: الأولى 2004

الصفحات: 635 قطع كبير