محمد هاشم عبد السلام

 

الموسيقا، لفظ أعجمي معرب، يعني “علم الألحان”: وهو من العلوم المتشعبة الأطراف، يشاركه في المادة علوم أخرى ليست من جنسه تمامًا. ومن ذلك أن العلم بالموسيقى فرع من الرياضيات عند النظر في مفردات النغم ومقاديرها ونسبها واجتماعاتها ومتوالياتها وتباديلها واقترانها منها في المسموع. وهي أيضًا جزء من المنطق أخص من الشعر، وذلك من جهة أن النغم متى اقترن بفصول المصوتات من حروف الكلام الدال على المعاني، فإن اللحن بها حينئذ يبدو كأنه ضرب آخر من النظم الملحون في طرائق ليست هي على مجرى العادة في النطق بها كما في نظم الشعر، بل إنما هي أكثر تخييلاً للمعاني، وأجود لفظًا في السمع إلى النفس.

ولهذا كله، فقد بذل الأستاذ المؤلف غطاس عبد الملك خشبة، جهدًا كبيرًا ليخرج لنا الجزء الأول من معجمه الموسيقي، “المعجم الموسيقي الكبير”، الذي صدر مجلده الأول، الذي انتهى بحرف الباء، منذ فترة قصيرة.

وهو معجم علمي تاريخي يتناول تعريف مصطلحات علم الموسيقا والألحان بتفصيل شديد، وكذلك أسماء الآلات العربية والأجنبية، وتراجم المشهورين من الأعلام، شعراء عازفين أصحاب أزجال أو موشحات ونماذج من أشعارهم وأزجالهم، وذلك عبر الفترة الممتدة منذ الجاهلية وإلى القرن العشرين، وكذلك تناول العازفين والقراء وأهل هذه المهنة وكل من له علاقة بها من قريب أو بعيد. كما حرص الأستاذ عبد الملك على تزويد معجمه بصور نادرة لكثير من أهل هذه المهنة من عازفين ومطربين وكتاب وشيوخ أيضًا، فالمعجم يتناول كل ما له علاقة بالأداء أو الأصوات ولذلك نجده يفرد، على سبيل المثال، لمادة أذان الصلاة ما يزيد عن أربع صفحات كاملة.

والمعجم بصفة عامة لا غنى عنه للمتخصصين والباحثين وأهل هذه المهنة وكل من له علاقة بهذا الفرع التجريدي من الفنون، وكذلك يهم كل متذوقي فن الموسيقا ومستمعيها أو أي شخص يسمع مصطلحاتها ويعجز عن فهمها.

يقول الأستاذ عبد الملك في مقدمة معجمه: “ولم نشأ هنا أن نفرد للمواد التي من جنس واحد مكانًا بإزائها في هذا المعجم، حتى لا يتجزأ القول جملة أو يتعدد في أكثر من موضع، ولذلك جعلنا التعريف جامعًا شاملاً يخص المفردات من كل نوع في مكانه من الحرف على الترتيب، وأخذنا بما هو متبع في المراجع بإزاء المواد المكررة التسميات بأن يكون تعريف كل منها واحدَا في موضوعه رغم ذلك.

وقد حاولنا، بقدر الطاقة وبقدر ما يتحمله القول في المادة أن نلم بجميع أطرافها ونشير إلى اختلافاتها اصطلاحًا، وذلك في أسلوب علمي تاريخي يبدو فيه الاتجاه نحو معجم شامل في الموسيقا، يكون بقدر ما مرجعًا هامًا عند النظر في أكثر ما يطوف بخاطر الناظر في مادة بعينها.

ونحن مع ذلك نأمل أن يكون في هذا المعجم فائدة للمبتدئين والباحثين وأصحاب الصناعة بوجهيها، تغنى عن النظر في كثير من المراجع التي تبدو عسيرة المنال، وأن يعطي مع ذلك انطباعًا بما هو أتم وأكمل عند النظر في الموسيقا العربية خاصة”.

 

عنوان الكتاب: المعجم الموسيقي الكبير

المؤلف: غطاس عبد الملك خشبة

الناشر: المجلس الأعلى للثقافة –  مصر

الطبعة: الأولى 2004

الصفحات: 353  قطع كبير