كان – محمد هاشم عبد السلام
من بين عروض المسابقة الرسمية لدورة مهرجان “كان السينمائي الدولي” الثامنة والستين المنعقدة خلال الفترة من الثالث عشر والرابع والعشرين، عرض فيلمي “مون روي” للمخرجة الفرنسية مايوين. و”سرطان البحر” للمخرج اليوناني يورجوس لانتيموس.
مون روي
بعد نجاح فيلمها “بوليس” في الحصول على جائزة لجنة التحكيم لعام 2011، تعود المخرجة الفرنسية مايوين برابع أفلامها لتشارك في المسابقة بفيلم درامي رومانسي جديد يحمل عنوان “مون روي”، اشتركت مايوين في كتابة السيناريو والحوار له مع كاتبة السيناريو إيتين كومار. والفيلم من بطولة فينسنت كاسيل وإيمانويل بيركو.
وتسير أحداث فيلم “مون روي”، الذي امتد زمن عرضه لأكثر من ساعتين، في خطين متوازيين يسردان لنا الأحداث. الأول يعود بنا إلى الماضي لاستعراض ما وقع على امتداد فترات زمنية متباعدة. والآخر، يناول ما يحدث في الحاضر، حيث تعالج البطلة بإحدى مستشفيات العلاج الطبيعي بعد الحادثة الذي تعرضت لها إثر سقوطها أثناء التزلج في مشهد الفيلم الافتتاحي، ومحاولتها المشي على ساقها مجددًا.
من خلال لقاء عابر يجمع بين ماري أنطوانيت أو “توني”، الممثلة إيمانويل بيركو، وجورجيو، الممثل “فينسنت كاسيل”، تتوطد العلاقة شيئًا فشيئًا فيما بينهما وتدريجيًا نشاهد أمامنا قصة حب غريبة تجمع بين شخصيتين لا تقلان غرابة عن العلاقة التي تجمعهما، من حيث الانطلاق والحيوية والجنون والطرافة والتقلب، والوصول لذروة كل شيء.
كل هذا على، عبر عشر سنوات هي عمر قصة الحب تلك، التي تكللت بالزواج وإنجاب طفل، وباتت تسير في طريقها نحو الانتهاء بالانفصال، بعدما أمسى الحب أو العلاقة مرهقة للطرفين، وأحيانًا هدامة بالنسبة لكليهما على أكثر من مستوى أهما، النفسي والعصبي. والفيلم في النهاية ينسج قصة الحب تلك وعلى هذا النحو وذلك القدر من الغرابة فقط ليطرح تساؤلا حول هذا النوع غير التقليدي من علاقات الحب الذي قد يجد المرء نفسه فيه، وحول مدى إمكانية استكمال علاقة هادمة ومستنفدة للطاقة والجهد وكل شيء، فقط من أجل الحب وعشق الطرفين أحدهما للآخر؟
سرطان البحر
يعود المخرج اليوناني الشاب يورجوس لانتيموس إلى مهرجان كان هذا العام ليشارك في المسابقة الرسمية، وذلك بعدما اشترك وفاز فيلمه المتميز “دوجتوث” في قسم نظرة خاصة عام 2009. وفيلم لانتيموس الجديد يحمل عنوان “سرطان البحر”، وقد اشترك في كتابة السيناريو والحوار له مع كاتب السيناريو إيفيتيمس فيليبو. والفيلم، الذي يمتد زمن عرضه لساعتين تقريبًا، بطولة الممثل الإيرلندي القدير كولين فاريل وراشيل ويز وليا سيدو.
ويبدو أن عودة يورجوس لانتيموس إلى كان هذا العام لن تكون شرفية بالمرة، ففيلمه الرابع هذا الشديد التميز والعميق والغرابة لن يمر، دون شك مرور الكرام، دون أن يخرج من المسابقة الرسمية بجائزة، لا سيما وأنه من أقوى أفلام المسابقة حتى الآن على المستوى الفني والقصصي والتمثيلي والإخراجي.
وفيلم “سرطان البحر”، برأينا، الطابع السريالي هو الأكثر سيطرة على شكله بصفة عامة، مصنف على أنه من نوعية أفلام الخيال العلمي والكوميديا والرومانسية، لكنه في حقيقة الأمر يحتوي على كل هذا وأيضًا لا يحتوي عليه.
فهو ليس من نوعية أفلام الخيال العلمي المتعارف عليها، والكوميديا به كوميديا، إن كانت موجودة، فهي كوميديا سوداء على نحو لا يخطئ، أما رومانسيته فهي على النقيض تمامًا من كلمة الرومانسية. وذلك كله، رغم تناول الفيلم لتيمة الوحدة وبحث المرء على الحب.
تدور أحداث الفيلم الشديدة الغرابة حول أحد الفنادق الأوروبية المعزولة التي تستقبل فقط الأفراد الذي يشعرون بالوحدة إما لفقدان من أحبونهم أو لعدم توفقهم في العثور عليهم أو أية أسباب أخرى. ويوفر الفندق للمقيمين به فرصة البحث بين النزلاء عن شركاء لحياتهم لكن خلال فترة زمة محددة لا تتجاوز 45 يومًا على وجه التحديد، وإن أخفق الشخص في هذا فإن حياته تكون معرضة للخطر، وذلك لأنه سيتحول إلى حيوان يختاره، اختار بطل الفيلم “ديفيد” التحول لسرطان بحر ومن هنا جاء اسم الفيلم، ثم يطلق في الغابة المجاورة للفندق، ويتعرض للقنص من جانب الزملاء.