كان – الوطن – محمد هاشم عبد السلام
26 / 5 / 2015
أسدل مهرجان كان السينمائي الستار مساء يوم أمس على الدورة الثامنة والستين في تاريخه، والتي امتدت فعالياتها من الثالث عشر وحتى الرابع والعشرين، وذلك بعدما منح جوائزه الرفعية ليلة أمس على مسرح لوميير الكبير.
جوائز المسابقة الرسمية
وقد فاز بسعفة كان الذهبية لدورة هذا العام فيلم “ديبان” للمخرج جاك أوديار، وبالجائزة الكبرى فيلم “ابن شاؤول” للمخرج لازلو نيميس، وبجائزة أفضل مخرج فيلم “القاتلة المحترفة” للمخرج هوو هيسياو هيسين، وبجائزة أفضل سيناريو فيلم “كرونيك” للمخرج مايكل فرانكو. أما جائزة لجنة التحكيم ففاز بها فيلم “سرطان البحر” للمخرج يورجوس لانتيموس. وفاز بجائزة أحسن ممثل فينسينت لاندون عن دوره في فيلم “قانون السوق”، وقد تشاركت جائزة أفضل ممثلة كل من النجمة الشابة روني مارا البطلة الثانية في فيلم “كارول”، وذلك مع بطلة فيلم “مون روي” النجمة الفرنسية والمخرجة إيمانويل بيركو.
أعضاء تحكيم المسابقة الرسمية
كان على رأس اللجنة هذا العام المخرجين الأمريكيين، الشقيقين جويل وإيثان كوين، وضمت في عضويتها كل من: الممثلة الإسبانية روسي دي بالما، والمخرجة والممثلة الفرنسية صوفي مارسو، والممثلة سينا ميلر من بريطانيا، والمؤلفة الموسيقية والمغنية وكاتبة الأغاني المالية روقيا تراوري، والمنتج والكاتب والمخرج المكسيكي جوليرمو ديل تورو، والمنتج والكاتب والممثل والمخرج الكندي خافيير دولان، وأخيرًا الممثل الأمريكي جاك جلينهال.
جوائز نظرة خاصة
فاز بجائزة قسم نظرة خاصة الفيلم الآيسلندي “الكباش” للمخرج جريمر هاكونارسون، أما جائزة لجنة التحكيم فذهبت للفيلم “الشمس العالية” للمخرج الكرواتي دليبرو ميتانيتش. وقد ذهبت جائزة أحسن مخرج للياباني كيروشي كيروساوا عن فيلمه “رحلة إلى الشاطئ”. أما جائزة قسم نظرة خاصة لأحسن موهبة فذهبت إلى فيلم “الكنز” للمخرج الروماني كورنيليو بورمبوي. وقد حصل على جائزة أحسن مستقبل واعد المخرج الهندي نيراج جايوان، وذلك بالاشتراك مع المخرجة الإيرانية الشابة إيدا باناهاندي عن فيلمها الذي يحمل عنوان “ناهد”.
لجنة تحكيم نظرة خاصة
ترأس اللجنة هذا العام المخرجة الأمريكية الإيطالية المعروفة إيزابيلا روسيلليني، وضمت في عضويتها كل من: المخرجة هيفاء المنصور من السعودية، والمخرجة والممثلة نادين لبكي من لبنان، والمخرج اليوناني يانوس كوتراس، والممثل الفرنسي الشهير الجزائري الأصل طاهر رحيم.
جوائز السينيفونداسيون والأفلام القصيرة
أما فعالية السينيفونداسيون، التي تمنح جوائزها الثلاثة لطلاب معاهد السينما، فقد اشترك فيها ثمانية عشر فيلمًا أربعة منها أفلام رسوم متحركة، وذلك من ست عشرة دولة هي إيران والأرجنتين وبريطانيا وفرنسا، وإسبانيا وأمريكا وروسيا والتشيلي والدانمارك والتشيك وألمانيا وإسرائيل وفنلندا وبلجيكا واستراليا. وقد أعلنت جوائزها يوم الثاني والعشرين، وجاءت كالتالي: فاز بالمركز الأول الفيلم الأمريكي “مشاركة” للمخرج بيبا بيانكو، وفاز بالمركز الثاني فيلم “لوكاس بيرديداس” من تشيلي، أما المركز الثالث فقد تقاسمه فيلمي “عودة إركين” للمخرجة ماريا جوسكوفا من روسيا وفيلم “فيكتور إكس إكس” للمخرج إيان جاريدو لوبيز من إسبانيا.
أما مسابقة الأفلام القصيرة، التي أعلنت جوائزها مساء أمس، واشتركت فيها تسعة أفلام، سبعة روائية واثنين رسوم متحركة، من لبنان/قطر، واستراليا، وتركيا/فرنسا، وبريطانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وبريطانيا، والأرجنتين، وفرنسا/فلسطين/ألمانيا، وتنافست على السعفة الذهبية للأفلام القصيرة، فقد فاز بها فيلم “موج 98” للمخرج اللبناني إيلي داغر.
لجنة تحكيم السينيفونداسيون والأفلام القصيرة
ترأس اللجنة هذا العام المخرج الموريتاني الشهير عبد الرحمن سيساكو، وكان في عضويتها: المخرجة جوانا حاجي توما من لبنان، والمخرجة ربيكا زيوتوفسكي من فرنسا، والممثلة سيسل دي فرانس من بلجيكا، والممثل دانيال أولبريشكي من بولندا.
والجدير بالذكر أن المهرجان قد شهد هذا العام أكبر تمثييل عربي له في لجان التحكيم بالمهرجان حيث اشترك في لجان التحكيم خمسة أعضاء موزعين على مسابقات نظرة خاصة وسينيفونداسيون والأفلام القصيرة.
السعفة الذهبية الفخرية
ذهبت السعفة الذهبية الفخرية، التي يمنحها المهرجان كل عام في حفل ختامه لأحد المخرجين تكريمًا لعطائهم ومسيرتهم المهنية، إلى المخرجة البلجيكية الكبيرة المخضرمة “آنيس فاردا”، وهي في السابعة والثمانين من عمرها، وفي رصيدها السينمائي العديد من الأفلام المتميزة التي أثرت بها تاريخ السينما، مثل “كليو من 5 إلى 7” (1962). وتنتمي آنيس إلى جيل الموجة الجديدة الفرنسية في ستينات القرن الماضي، وكان من روداها جودار وتروفو وشابرول وغيرهم. وتلك هي المرة الأولى في تاريخ المهرجان التي يمنح فيها سعفته التكريمية لمخرجة، ومن الأسماء التي حصلت على السعفة الفخرية: وودي آلان وكلينت إيستوود وبرناردو بيرتولوتشي.
فيلم ديبان الحاصل على السعفة
بعد فوزه بجائزة المهرجان الكبرى عام 2009 عن فيلم “نبي” عاد المخرج الفرنسي الكبير جاك أوديار إلى كان هذا العام ليقتنص سعفة المهرجان بفيلمه المتميز “ديبان”.
وديبان هو اسم الشخصية الرئيسية التي تقوم بالبطولة، وهو أحد مقاتلي نمور التاميل في سريلانكا، الذي يقرر منذ مطلع الفيلم الابتعاد عن الحرب الدائرة هناك والفرار من البلاد إلى فرنسا، أملا في مستقبل أفضل وأكثر أمنًا. وبالفعل بمساعدة امرأة ليست زوجته وطفلة ليست طفلتها ولا طفلته، يصلون إلى باريس كأسرة فرت من أهوال الحرب.
بوصولهم إلى باريس يحصل ديبان على عمل كحارس عقار بمنطقة معزولة بفرنسا. تدخل الفتاة الصغيرة المدرسة وتعاني من مشاكل في التعامل والتأقلم مع غيرها من التلاميذ هناك. وتحاول المرأة “ياليني”، التي بدأت تعمل عند أحد العجائز نظير مقابل مادي، الفرار من فرنسا والتوجه إلى أهلها وأقاربها الموجودين ببريطانيا، لكن محاولاتها تفشل.
تتطور أحداث الفيلم، الذي يمتد زمن عرضه لما يقترب من الساعتين، ويكتشف ديبان أن تلك المنطقة يسيطر عليها مجموعة من الشباب الجانح الذي أفلح في تشكيل عصابات باتت تتشاجر مع بعضها وتزعج الأهالي والسكان هناك، ويتطور الأمر إلى حمل السلاح وإطلاق النيران، الأمر الذي يصيب الفتاة والمرأة بالذعر ويكاد يفقدهما حياتهما، فتذهب المرأة لمحطة القطار من أجل السفر إلى بريطانيا خوفًا من المصير الذي هربت منه بسريلانكا.
يتدخل ديبان ويوقفها، ويحاول أيضًا توفير الأمان النفسي لها وللفتاة، وإشاعة أجواء السلام والآمان بالمنطقة والابتعاد قدر الإمكان عن اللجوء إلى العنف أو غيره، لكن الأمور تتطور ويضطر ديبان في النهاية إلى التدخل العنيف وحمل السلاح واللجوء إلى القتل دفاعًا عن نفسه وعن المرأة والفتاة اللاتي أحبهن واعتبرهن تعويضًا له عن أسرته التي فقدها في الحرب.
يطرح جاك أوديار في فيلمه تلك القضية الشائكة المتعلقة بالمهاجرين أو الوافدين على أوروبا الذين هربوا من أهوال الحروب والمآسي في بلدانهم بحثًا عن الأمن والأمان المادي والنفسي والاجتماعي والتطلع لحياة جديدة ومستقبل مشرق. وكما يبين أنه حتى داخل مثل هذه المجتمعات الراسخة المستقرة قد يجد المرء نفسه مضطرًا للدفاع عن حياته وأمنه وإلى حمل السلاح والقتل وإلى تبني كل ما كان يرفضه ويتجنبه ويهرب منه.
لجأ أوديار في “ديبان” إلى ممثلين سريلانكيين هواة ليقوموا ببطولة فيلمه الجديد. حيث قام بدور بطل الفيلم “ديبان” على نحو جيد الكاتب أنطونيتازان جيزوتازان الذي يقوم بالتمثيل لأول مرة في حياته. وقامت بالبطولة النسائية ممثلة المسرح الناشئة كاليازواري سرينيفازان في دور “ياليني”، وهو أيضًا أول دور سينمائي لها، وقد برعت بالفعل في أدائه.
فيلم الختام
اختارت إدارة المهرجان الفيلم التسجيلي “الجليد والسماء” للمخرج لوك جاكيه، وقد عرض الفيلم عقب انتهاء حفل توزيع الجوائز. والفيلم تأليف وإخراج الفرنسي لوك جاكيه، في الثامنة والأربعين من عمره، وهو الفيلم الرابع في مسيرته السينمائية، التي حصل خلالها على جائزة الأوسكار لأحسن فيلم تسجيلي عام 2006 عن فيلمه الرائع “مسيرة البطاريق”. والفيلم، عن جدارة واستحقاق ترنيمة لكوكب الأرض، حيث يناقش فيه مشكلة الاحتباس الحراري، وذلك عبر رصده للاكتشافات العلمية التي حققها العالم “كلود لوريس”، في الثانية والثمانين من عمره الآن، الذي توجه إلى القطب الجنوبي عام 1957 لدراسة الجليد هناك. وكان أول من لفت الانتباه لمشكلة الاحتباس الحراري وحذر من عواقبها على كوكب الأرض عام 1965.
ولوك جاكيه من المخرجين القلائل المهتمين بمشكلة البيئة بصفة عامة، وأخرج أكثر من فيلم عن مشكلاتها، بل وأنشأ مؤسسة خاصة غير حكومية ولا ربحية لتوعية الشباب بالأخطار البيئية. والجدير بالذكر أن إدارة المهرجان اختارت فيلم “الجليد والسماء” عن عمد كي يعرض في ختام المهرجان، وذلك في إطار دعم المهرجان لمناسبة انعقاد “مؤتمر التغير المناخي”، الذي سيقام في باريس في الثلاثين من نوفمبر القادم وحتى الحادي عشر من ديسمبر هذا العام.