TANGER; KINGDOM OF MOROCCO - OCTOBER: (FILE PHOTO) Paul Bowles poses near his home in Tanger,Morocco during October of 1987.(Photo by Ulf Andersen/Getty Images)

أجراها: برينداد بيرنهارد

 

محمد هاشم عبد السلام

 

“أنا أعيش في السرير”، أخبرني بول بولز، وهو يجر رجليه ببطء بمساعدة عصا عبر الممر المظلم المؤدي إلى غرفة نومه. لم يسبق له من قبل أن رآني أثناء حياته، لم يسمع أبدًا عن المجلة التي أقول أنني أعمل لحسابها – دُعيت لأكتب عنه- لم يعرف ما إذا كنت صحفيًا أو قاتلا. لكنه أدخلني على أية حال.

كانت الخادمة قد انصرفت، وكانت القاعة فارغة، والتليفون لا يرن لأنه ليس هناك تليفون، لم يوجد تليفون هناك لسنوات. كان مساء صيفي دافئ في طنجة، أغسطس 1995، وعلى غير توقع، أتيحت لي فرصة الانفراد ببولز بولز.

كنت متوترًا قليلاً لهذا الشأن. بولز، برغم كل شيء، كان الرجل الذي، حسب قول نورمان ميللر، قدّم الأدب الأمريكي إلى “العالم الهيبي. أدخل الجريمة، المخدرات، زنى المحارم… ومحادثات العربدة، والتحدث عن نهاية الحضارة”. كان هذا في 1940، عندما كان بولز يكتب القصص القصيرة الشريرة الفذة عن الأمريكيين الذين يذهبون إلى شمال أفريقيا بحثًا عن غير المألوف والمغامرة، لكن يقتصر وجودهم فقط على كونهم مجرد مغامرون صغار الشأن جدًا.

(في أحدها، أستاذ في علم اللغويات يعاني ببشاعة من قدر ذو طابع شخصي: قطع لسانه). إنه طريق طويل من الشارع “الخامس” إلى “الصحراء”، يبدو أن بولز يقول، وإذا أنت تجاوزت الحد فيه، ربما لن تكون قادرًا على العودة ثانية. الحضارة الحديثة هشة، وخارج سياق المألوف يتعرض الرجل الحديث للسقوط والتهشم إلى شظايا صغيرة.

بطريقة ساخرة، حكايات بولز عن الأمريكيين الساقطين قطعًا صغيرة في شمال أفريقيا، انتزعت إعجابًا كبيرًا. والكثيرون من الأمريكيين أدركوا أن السقوط والتهشم إلى قطع في شمال أفريقيا بدا ممتعًا جدًا. أول رواية لبول بولز، وهي “السماء الواقية”، حققت أفضل المبيعات، وكان كاريكاتير “النيويوركر” يومها عبارة عن طفل يقول: “ماما! أريد أن أذهب إلى المغرب مثل بول بولز ويُقطع لساني!”

انتقل بولز إلى طنجة إلى نهاية عمره في 1947. في الوقت الذي كانت فيه المغرب تحت الحكم الفرنسي وكانت طنجة تحت الحكم الدولي، إنها “منطقة دولية” سيئة السمعة كملاذ  للمجرمين، ومدمنو المخدرات، والشواذ جنسيًا.

انتهت كمنطقة دولية في 1956، عندما انسحب الفرنسيون من المغرب، وتضاءل الخطر وتراجعت مظاهر الجمال رويدًا رويدًا. وبرغم ذلك، استمر بولز في الإقامة فيها، حتى بعد وفاة زوجته، الكاتبة جين بولز، في 1973. بينما كنا نتحدث، استلقى بولز في السرير، متكئًا على الوسائد. كانت هناك كتب، وخطابات، وصور مبعثرة فوق منضدة صغيرة، ومتراكمة فوق الأرضية.

أكوام من شرائط الكاسيت والأسطونات المدمجة (السي دي) خدمت كتذكار أن بولز كان مؤلفاً موسيقياً مشهورًا قبل أن يصبح كاتبًا مشهورًا. كان بولز يحدق أمامه مباشرة لأغلب الوقت، وأحيانًا فقط كان يختلس نظرة سريعة فاحصة لمّاحة تجاهي. كان مريضًا لفترة من الوقت، لكن عقله بقى دقيقًا كالساعة الكوارتز. كانت جمله مصقولة، ونطق كل كلمة بشكل جميل.

“كانت طفولتك غريبة إلى حد ما”، بدأت، “لم تقابل أي طفل حتى بلغت الخامسة أو السادسة”.

“السادسة”.

“ألم يكن ذلك غريبًا؟”

“لم أكن أعتقد أنه كذلك. أخذته كشيء مُسلم به. لكن كطفل، لأن الطفل يأخذ كل شيء مسلمًا به، بالطبع. افترضت أن الأطفال الآخرين سيكونون شيئًا ما لا يريده لي أبي وأمي أن أكونه أو أعرفه، أقصد “سيئًا”. معنى هذا أن الكل كان سيئًا، باستثنائي. وكنت على حق، لأنني في النهاية عندما قابلت أندادي عندما ذهبت إلى المدرسة، لم أحبهم. اعتقدت أنهم كانوا مجانين. لم أكن سعيدًا بالذهاب إلى المدرسة على الإطلاق. واستغرق هذا سنوات، بالطبع، لأن الذهاب إلى المدارس يستغرق عدة سنوات، سنوات كثيرة”.

“إنه عناء طويل شاق”، قلت.

“إنه عذاب طويل. لقد تحسن الأمر فقط عندما التحقت بالمدرسة الثانوية ولم أعد أُعامل كالعبد”.

ربما لم يهتم بولز بأنداده، لكنهم كانوا بالتأكيد معجبين به. في سن العاشرة، كان قد حوّل زملاء المدرسة إلى تابعين مخلصين له: “كتبت طوال الوقت، وكنت أقرأ قصصي في المدرسة على الطلبة. وكان المدرس يرحب ويقول: هؤلاء الذين يودون البقاء وسماع قراءة بول بولز يمكنهم ذلك، والباقين يمكنهم الانصراف. والغريب، أنهم تقريبًا كانوا يبقون كلهم”.

بل كان الأغرب أن القصص التي كان بولز يكتبها كانت غير متوقعة ممن هو في العاشرة من عمره في 1920. كانت هذه القصص تُعَيِّن الشخصيات بأسماء مثل “بلوي لابرودوزلين”، والمدن مثل “وين كروي” (الهجاء العكسي لنيويورك) و نوعًا من المخدر الغامض مثل “حقن الطوابع تحت الجلد”، ناهيك عن مدمني الأفيون، والمتزوجين من اثنتين وانتقام الفتيات. (معجزة موسيقية أيضًا، كان بولز أيضًا قد كتب أوبرا عن تبادل الأزواج للزوجات، وذلك ليس رديئًا بالنسبة لطفل كان لا يزال غير مدرك إن كان هناك اختلافاً، تشريحيًا، بين الجنسين).

“فررت من الجامعة عندما كنت في التاسعة عشرة…”

“كنت في الثامنة عشرة”.

“… الثامنة عشرة، آسف، وذهبت إلى باريس، حيث قابلت أُناس مثل جان كوكتو وجرترود شتاين، وهو ما كان لكاتب شاب شيئًا مثيرًا للغاية. لكنك عندما عدت، ذهبت إلى طنجة، ثم على الفور كنت تعبر الصحراء. معظم الناس كانوا سوف يختارون بالتأكيد البقاء في باريس”.

“حسنًا، كنت محبًا للاستطلاع جدًا. وكل الأماكن التي رأيتها كنت أجدها أكثر إثارة من الأماكن التي كنت قد رأيتها من قبل. لذا كان من الطبيعي أن أستأنف ترحالي”.

“في ذلك الوقت، هل كنت تعتبر نفسك كاتبًا أو مؤلفًا موسيقيًا؟”

“لم أفكر في نفسي. وإذا كان قد سألني أي شخص من أنت؟ كنت سأعجز عن الإجابة”.

كان التحدث مع بول بولز إلى حد ما مثل التحدث بشكل خاص مع وحي إلهي كئيب. كان متواجدًا في كل مكان، فعل كل شيء، في ذات الوقت وفي كل وقت، ويتوهم المرء أنه كان هناك ما هو أكثر إثارة للقيام به. “لا شيء يشبه ما كان”، يقول، وعلى الواحد أن يسير في شوارع طنجة الملوثة والمختنقة بالسيارات ليعرف، كم كان هذا مثيرًا، والمفترض أن يكون أكثر إثارة منذ خمسين سنة.

“أنا بصفة خاصة لا أحب الميكنة، والتلوث، والضوضاء… كل الأشياء التي جلبها القرن العشرون ونثرها في جميع أنحاء العالم”.

كان قد برهن على ما يقول، وبالفعل كان الرجال في المقاهي يشاهدون “روزيان” باللغة الألمانية مع ترجمة للحوار بالعربية والشوارع وقد غمرتها الـ”تي – شيرتات” الأمريكية التافهة، وبهذا تصبح وجهة نظره واضحة.

وخزتني كآبة بولز كوضع صادق. بعد إثباته أن كل شيء قد صار مرعبًا ومُقدرًا أن يصبح أسوأ، كان حرًا في انتزاع أقصى دعابة من الموقف. لن تخمن هذا من قراءة رواياته، لكن بولز كان رجلاً غريبًا، لماحًا، سريع الفهم، ولديه رعب من النزعة العاطفية وتسطيح الأمور ؛ فقط مرة أثناء زيارتي استخدم فيها الفعل “يحب”، وكان هذا ليصف شعوره تجاه الغربان. لكن إذا سألته عن زوجته الراحلة، فإنه يتراجع داخل محارته.

ولأن بول الشاب لم يستطع أن يقرر إن كان كاتبًا أو ملحنًا، فإن ناصحوه المخلصون فعلوا له ذلك: قال آرون كوبلاند “كان ملحنًا رائعًا”، وقالت جرترود شتاين “لم يكن شاعرًا جيدًا”. نتيجة لذلك، توقف بولز عن الكتابة، وطوال الخمسة عشر سنة التالية سافر وكتب الموسيقا، ليصبح في النهاية أحد الملحنين الأكثر شهرة في نيويورك. ثم، في منتصف الثلاثينات من عمره، بدأ الكتابة ثانية، مستعيناً بأسفاره إلى شمال أفريقيا، أمريكا الوسطى، وأماكن أخرى، كمادة في أدبه. واحدة من أكثر قصصه شهرة كانت تدعى “طريدة هشة”… وكانت تجسيدًا لكيفية رؤية بولز للإنسان: كطريدة لطيفة وهشة معرضة للهجوم. لم يكن مخترعًا أو مبتكرًا عظيمًا للشخصيات، كان أفضل ما يكون عندما يقتصر على أن يستدرج شخصًا بمفرده و يزج به ببطء نحو حتفه، وكان الأثر يبدو مثل عاصفة رياح مفاجئة مباغتة: فترتجف أنت.

“في العديد من قصصك، تبدو الشخصيات وكأنها تسعى إلى الشر أو الخطورة عن عمد. هل تعمدت الكثير من هذا؟”

“ربما، لكنني ليس لديّ بالفعل تجارب شريرة”.

“لكنك كنت راغبًا في الطواف في كل مكان وكنت تذهب إلى أماكن حيث القليل جدًا من الغربيون ذهبوا إليها في أي وقت “.

“حسنًا، كثيرًا ما شعرت أنني محظوظ جدًا ودائمًا، ولكوني محظوظًا، فلا شيء كان يمكن أن يحدث لي”.

“هل شعرت أن حياتك كان يجب أن تكون مثيرة لكي يكون عملك مثيرًا؟”

“حسنًا، لا أعرف، هذا سؤال ذو شحنة قوية جدًا. ماذا تعني الإثارة؟ لا أعرف. كان عليَّ أن أعمل، وإلاّ فلم يكن ممكنًا أن يكون لي أية كتب. لم أحب أبدًا أن أبقى في مكان واحد. كان لديّ شعور بأن العالم كبير جدًا وأنني يجب أن أرى  ما يمكنني منه قدر الإمكان”.

كانت جين بولز كل شيء لم يَكُنهُ بولز: اجتماعية، مختلطة، اقتحامية، عصابية ويهودية. قال شخص ما مرة إن اللقاء مع بول وجين كان يبدو كاللقاء مع نصفين من نفس الشخص. الزائرون لمبناهما كانوا يجدون السكيرين مخمورين، يثرثرون ويتشاحنون… في شقة جين، ويجدون مدخني  الكيف… منعزلين، صامتين بل وفي فقدان كامل للوعي، في شقة بول. وكان من الممكن سماع بول يقول: “هذا هو السيد….”، وقد رغب في تقديم شخص قد تهاوى على الأرض.

“… كانت زوجتي تغيب بالخارج بقدر زائد، لكنني في الغالب كنت أمكث في البيت. وعندما كانت تعود وتخبرني بما صادفته، كنت أقول لنفسي دائمًا، “آه، أنا سعيد لأنني لم أذهب معها”.

عند أول مقابلة لهما، كانت جين كاتبة، وكان بول لا يزال ملحنًا. كانت سحاقية بشكل علني، وهو كان قد تمادى في اللاجنس الشاذ كمشتبه باللوطية السالبة، وحياته الجنسية كانت سجلاً مرصعًا بالنجوم من الناس الذين رغب في النوم معهم لكن لم يفعل. بطرية ما، وقعا في حب بعضهما. لماذا بالضبط، بقى هذا غامضاً بعض الشيء. “شديد التعقيد جدًا” كان بولز سيقول إذا أنت ألححت عليه في إعطائك إجابة.

لكن عندما سألته إذا كانت الحياة قد أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة له منذ وفاتها، كان تصريحه مدمرًا.

“آه نعم، بالطبع. نعم، لكنها ليست مسألة صعوبة، أضحت حياتي بلا إشباع”.

“هل كانت مصدر إلهامك؟”

“لا أعرف. أعتقد، عندما كانت حية، عشت وكأنني هي. كنت أرى كل شيء، من خلال عينيها. بعد ذلك، أرى الآن من دون عيون”.

“شعرت فعلاً أن الحياة بدونها بلا معنى؟”

“للغاية، نعم. الحياة، بالطبع، بلا معنى، وإذا أنت وجدت شيئًا يعطيها معنى فأنت محظوظ جدًا”.

دامت فترة ازدهار بول ككاتب، بالرغم من كونه ليس كأيقونة، عقودًا قبل وفاته في عمر ثمانية وثمانين. روايته الأخيرة “عاليًا فوق العالم”، كانت قد نشرت في 1966، وأصبحت قصصه القصيرة تترى على فترات. وفي الستينات، تحولت طنجة إلى ملجأ للهيبيز الباحثين عن المخدرات الرخيصة. شوهد العديد منهم عند باب بولز. ومن دون قدرة على التركيز أو التعمق في الخيال، بدأ بولز في ترجمة حكايات الرواة المغربيين الأميين إلى الإنجليزية. وكان في فترة مبكرة جداً قد قضى عدة أشهر في منحة “جوجنهايم” يسافر عبر المغرب ليسجل كل أنواع الموسيقا المحلية التي يجدها لمكتبة الكونجرس. وهو ما اتضح أنه كان مهمًا لأن غالبية موسيقاه الباقية إلى يومنا هذا تعتمد على مثل هذه التسجيلات. “يموت الموسيقيون، ولكن السباب الذين يحلون محلهم في أوقات أخرى ليسوا مهتمين بعزف الموسيقا المغربية”، هكذا أخبرني بولز. “إنهم مهتمين أكثر بأن يصبحوا ميكانيكيون. تجدهم في جراجات الدار البيضاء”.
يشعر الواحد بشكل ما أن بولز كان محبطًا من المغاربة. أعتقد هو أنه بعد طردهم المستعمرين الفرنسيين سيعودون على الفور إلى أسلوب حياتهم التقليدي، ويتحررون من التأثير الغربي، لكن العكس هو ما حدث. أراد المغاربة المزيد من الحداثة الأوروبية، وليس الأقل. كان الفرنسيون هم الذين أرادوا الاحتفاظ بالثقافة المغربية الأصلية، وليس هم.

في مقدمة روايته “بيت العنكبوت”، التي تعاملت بتعاطف مع حركة الاستقلال المغربي، كتب بولز “ليس كل الدمار الذي سببه عصرنا القاسي واضحًا للجميع. أشكال الدمار الخفية الخبيثة، هي تلك المؤثرة في الروح البشرية، وهي الأكثر ترويعًا”.

عدما سألت بولز ما الذي قصده بالضبط، قال، “حسنًا، الأوربة في التفكير: ميل الناس في الثقافات الأخرى للتفكير بنفس الطريقة التي يفكر بها الأوروبيون”.

وإذا كان بولز قد توقف عن أن يهتم بطنجة، فإن هذا لا يعني أنه قد أحب باقي العالم، بل إنه قد كره هذا الباقي أكثر.

“ما رأيك بخصوص “السماء الواقية”، الفيلم؟”

“فظيع. أنت تعرف، استمتاع سيئ ببيرتولوتشي. كان قد فاز بالكثير من جوائز الأوسكار عن “الإمبراطور الأخير”، ثم أراد تكرار النجاح عن طريق “السماء الواقية”. وقد قلت له إن الرواية ليست مناسبة للإعداد السينمائي، لكنه لم ينصت. ولم يبل بلاء حسنًا في شباك التذاكر، أيضًا… يبدو أنه قانع إلى الآن بوجهة نظره”.

“وما رأيك في فيلم “الغداء العاري”؟

“إنه مبهج. أه، كان أفضل بكثير من السماء الواقية! أما الكتاب، فهو جيد جدًا. “الغداء العاري” واحد من الكتب المسلية لقد قرأته أكثر من مرة. إن “ويليام بروز” يستحق الاهتمام الذي ناله بالفعل. كان شخصًا غريبًا جدًا”.

فيلم بيرتولوتشي “السماء الواقية”، الذي ينفر منه… أعاده ثانية لمدة من الزمن تحت نظر الجماهير. لم يبد بولز كثيرًا من الفرح أو الاهتمام.

على أية حال، ما زال عنده بعض الحيل التي يخفيها، على سبيل الاحتياط، فها هو بعد شهر من رؤيتي له في طنجة، يقوم بأول زيارة له إلى نيويورك منذ 1969، لحضور مهرجان استمر ثلاثة أيام للاحتفال بموسيقاه التي لم يكن قد استمع إلى بعضها كمعزوفات حية بعد معظم الناس، حتى هؤلاء الذين اعتبروا أنفسهم معجبين ببولز، كانوا غير مدركين أنه كان مؤلفًا موسيقيًا، وأن لديه الكثير ليدركوه. كان النقاد مبهورين بجودة الموسيقا… التي عزفت على قدم المساواة مع موسيقا “كوبلاند” و”سترافنسكي”… وإلى حد ما لم يصدق النقاد كل حلاوة موسيقاه هذه. كانت موسيقا بولز الخفيفة المرحة الرقيقة الرومانسية في هدوء، على عكس مؤلفاته. “ما هي العلاقة بين هذه الكتب وتلك الموسيقا؟” أرادوا أن يعرفوا، “لا توجد علاقة”، وأضاف بولز بمرح، “ما عدا أن هذه وتلك صادرة جميعًا عن نفس الذهن المشوش”. ولنعد إلى طنجة، لديّ سؤال واحد أخير لأسأله: هل كان بولز سعيدًا بالحياة التي عاشها؟”، كانت إجابته: “على المرء أن يسعد بالحياة التي يعيشها وإلاّ فسيكون من الفضل عدم عيشها بالمرة”.

 

* برينداد بيرنهارد المحرر المسئول عن القسم الأدبي وعروض الكتب بجريدة “لوس أنجلوس ويكلي” التي نُشر بها هذا الحوار في نوفمبر – ديسمبر 1999.