كارلوفي فاري – محمد هاشم عبد السلام
تتواصل العروض والفعاليات المختلفة والمتنوعة للدورة الـ57 لـ”مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي” (30 يونيو – 8 يوليو، 2023)، بحضور جماهيري لافت في أماكن المهرجان المختلفة. وفي ظل إقبال ضخم جدًا وملحوظ على تذاكر الأفلام من جانب الجمهور، من مختلف الأعمار. بغض النظر الطقس، المُتقلب جدًا، على امتداد أيام المهرجان.
فعاليات جانبية
بخلاف الحضور الملحوظ في الحفلات المسائية لأفلام المسابقتين الرئيسيتين “الكرة البلورية” و”بروكسيما”، يتواجد الجمهور وبكثافة، أيضًا، في عروض الأقسام الأخرى مثل “عروض خاصة”، ويعرض 8 أفلام حديثة. 5 روائية و3 تسجيلية، كعروض عالمية وأوروبية أولى. وفي فعالية “ولادة أخرى: السينما الإيرانية هنا والآن”، تعرض 9 أفلام إيرانية، يتراوح إنتاجها بين 2019 – 2023. أما البرنامج السنوي القوي، “استعادة”، فيعرض 11 فيلمًا للمخرج الياباني الراحل “ياسوزو ماسومورا” (1924 – 1986). وهو من أوائل المخرجين الفنيين المستقلين اليابانيين، أصحاب البصمة المتميزة. وفي رصيده أكثر من 50 فيلمًا روائيًا طويلا. يُذكر أن الناقد والمبرمج المصري جوزيف فهيم هو القائم على إعداد واختيار وبرمجة وتقديم عروض أفلام تظاهرة “استعادة”، التي عادة ما تعرض الأفلام بنسخ مُرممة حديثًا. ودائمًا ما تنفد تذاكرها في مختلف القاعات طوال أيام المهرجان.
افتتاح بدراما تاريخية وختام خاص
كان المهرجان قد افتتح فعاليات دورة هذا العام بالدراما التاريخية البريطانية “الجمرة”، بطولة أليسيا فيكاندر وجود لو، وإخراج البرازيلي الجزائري كريم عينوز. ووقع اختيار الإدارة الفنية على الفيلم الأميركي “الأبطال” للمخرج بوبي فاريل (1958)، كفيلم ختام للمهرجان، يوم السبت القادم 8 يوليو. الفيلم بطولة النجم وودي هارلسون في دور “ماركوس”، مدرب كرة السلة المتميز والموهوب. لكن، نظرًا لشخصية ماركوس الغاضبة العنيدة المتصلبة تواجه مسيرته المهنية منعطفًا حادًا. وبسبب واحدة من زلاته، يُعاقب بالعمل في الخدمة المجتمعية لفترة من الوقت. يتعين عليه خلالها تدريب فريق كرة سلة من المُعاقين أو أصحاب القدرات الخاصة.
يعكس فيلم الختام توجه إدارة المهرجان والرعاة، بصفة عامة. إذ يجري الاهتمام، منذ عام 2000 تقريبًا، بتذليل كافة الصعوبات والعقبات والمعوقات أمام المُعاقين أو المُقعدين، أو أصحاب الاحتياجات الخاصة، أو من يعانون من أي إعاقة كانت. وعلى مدى السنوات الماضية، وبمساعدة الرعاة، أُطلق المشروع الإنساني “سينما بلا عوائق”. وفي إطاره، يُمنح أصحاب الإعاقة والمرافقين لهم تذاكر مجانية لدور السينما الخالية من العوائق، والمجهزة بخدمات المساعدة. كذلك، توفير السيارات المُعدلة خصيصًا لأغراض الانتقال في مدينة كارلوفي فاري. إضافة إلى خدمة معلومات شاملة للمساعدة في التوجيه والمساعدة خلال فعاليات المهرجان. كما تعمل بعض السينمات لجمهور الصم، مرة أخرى. وتحمل الأفلام التشيكية المختارة ترجمات باللغة التشيكية لضعاف السمع أو الصُم. وقد أقيم اليوم، الأربعاء 5 يوليو، عرض الأزياء غير العادي، للمعاقين والمقعدين، تحت عنوان “يظل الجميل جميلًا، سواء كان جالسًا أو واقفًا”.
يُذكر أن للأطفال نصيبهم من كعكة عروض المهرجان. إذ جرى الإعداد لبرنامج خاص بهم، يتيح لهم حضور ومشاهدة الأفلام المناسبة لأعمارهم على الشاشة الكبيرة، بصحبة آبائهم. الأفلام المختارة منها القصير والطويل، الحديث والقديم، مثل “سنوايت والأقزام السبعة”، وغيرها من الأفلام المُدبجلة إلى اللغة التشيكية. أيضًا، تُعرض مجموعة من الأفلام غير القاصرة على الصغار، يمكن للكبار والأطفال مشاهدتها معًا، كانت معروضة مؤخرًا في مهرجانات دولية مختلفة مثل، “سوزومي”، المُشارك في مسابقة “مهرجان برلين السينمائي”، في دورته الأخيرة، في فبراير الماضي.
تكريمات
سيشهد حفل الختام منح جائزة “رئيس المهرجان الشرفية” للممثلة التشيكية دانيلا كولاشوفا، 76 عامًا. تُعد دانيلا كولاشوفا من أكثر الممثلات التشيكيات المعاصرات تميزًا على مدى عقود. لها مساهمات عديدة بارزة في المسرح والتليفزيون والسينما. نالت دانيلا عدة ترشيحات وجوائز وتكريمات في التشيك وأوروبا. وفي هذا الإطار يعرض المهرجان “كرة الحظ السعيد”، أحد أهم أفلام البطولة لدانيلا كولاشوفا.
كما منح المهرجان جائزة “رئيس المهرجان الشرفية” للممثل والمخرج والمنتج الاسكتلندي إيوان ماكجريجور، 52 عامًا، الفائز بجوائز “غولدن غلوب”، و”إيمي”، و”الفيلم الأوروبي” وغيرها. يعتبر إيوان ماكجريجور، الناشط في ميدان الأعمال الخيرية، من أهم الممثلين الفاعلين على الساحة الآن. سواء في السينما البريطانية أو الإنتاجات الهوليوودية. كان قد بدأ العمل مع المخرج داني بويل، وجورج لوكاس، وريدلي سكوت، وباز لورمان. ثم، تيم بيرتون ومايكل باي، وودي آلن، وورمان بولانسكي، وبالطبع، مع جورج لوكاس، وغيرهم. ضمن هذا الإطار، عرض المهرجان فيلمه الجديد، “أنت تغني بصوت عال، وأنا أغني بصوت أعلى” لإيما ويستنبير. تشاركه البطولة ابنته كلارا. ويتناول الفيلم، الذي قام إيوان ماكجريجور بتقديمه بنفسه للجمهور، علاقة أب بابنته. وذلك في إطار ينتمي لنوعية أفلام الطريق. حيث ينطلق أب وابنته في رحلة مليئة بمواجهات غير متوقعة، يجدان خلالها الطريق لعودة أحدهما إلى الآخر، وذلك بعد فترة اغتراب طويلة.
أخيرًا، ستُمنح جائزة “رئيس المهرجان الشرفية” للممثلة والمخرجة والمنتجة الأميركية روبن رايت. الناشطة، وبقوة ملحوظة، في مجال حقوق الإنسان، والمساواة بين النساء، وتمكين المرأة، وذلك في دول العالم الثالث، تحديدًا. رُشِحَت روبن رايت لجوائز عالمية عديدة، أبرزها في مجال المسلسلات التليفزيونية، حيث تركزت مسيرتها المهنة، ولفتت الانتباه بقوة إلى موهبتها. وذلك مُقارنة بأدوارها السينمائية، التي عادة ما تكون ثانوية. طبعًا، يُذكر لها دور “جيني” في فيلم “فورست جامب” (1994) للمخرج روبيرت زيميكس، أمام النجم توم هانكس. وفي الإطار التكريمي هذا عُرض لروبن رايت فيلمها القديم المتميز، “العروس الأميرة” (1987)، للمخرج روب راينر.
كانت إدارة المهرجان قد منحت، في حفل الافتتاح، الممثل النيوزيلاندي المعروف، راسل كرو، 59 عامًا، الحائز على جوائز عديدة أهمها “أوسكار” و”جولدن غلوب”، جائزة “الكرة البلورية التكريمية” المرموقة عن مسيرته المهنية. وهي جائزة تكريمية وحيدة يمنحها المهرجان، وإدراته الفنية، تقديرًا واعترافًا بالمساهمة الفنية البارزة في السينما العالمية. وقد أحيا راسل كرو وفرقته حفل افتتاح المهرجان المقام في الهواء الطلق أمام فندق “تيرمال”، مقر انعقاد فعاليات المهرجان. وفي حفل الافتتاح، أيضًا، مُنحت الممثلة والمنتجة السويدية، أليسيا فيكاندر، 34 عامًا، الحائزة عدة ترشيحات وجوائز عالمية أبرزها جائزة “أوسكار” أحسن دور مساعد، عن “الفتاة الدانمراكية” (2016)، جائزة “رئيس المهرجان الشرفية”. وفي إطار تكريمها، عرض المهرجان آخر أفلامها، “الجمرة”، أمام النجم جود لو، في افتتاح المهرجان.
سينما عربية
بجانب فيلم “الرقص على حافة بركان” للبناني سيريل عريس، المعروض في “مسابقة الكرة البلورية”، قدَّمَ قسم “آفاق” مجموعة من الأفلام العربية المعروضة، والتي لا تزال تُعرض، في المهرجانات الدولية المختلفة. وهي “كذب أبيض” للمغربية أسماء المدير، الفائز بجائزة “أحسن إخراج” في قسم “نظرة ما” بمهرجان “كان السينمائي الدولي” في دورته الأخيرة، الشهر الماضي. و”وداعًا جوليا” للسوداني محمد كردوفاني، الفائز بجائزة “السلام” في نفس القسم. و”بسيط مثل سيلفان” للتونسية مونيا شكري. ويعرض أيضًا فيلم “إن شاء الله ولد” للأردني أمجد الرشيدي، المشارك في “أسبوع النقاد” بنفس المهرجان. وأخيرًا، فيلم “أنيماليا” للمغربية صوفيا العلوي، الفائز بجائزة “لجنة التحكيم الخاصة” في مهرجان “صندانس السينمائي الدولي”، في تظاهرة “رؤية مبدعة”.
إعلان جوائز منصة التمويل
أعلنت المنصة السنوية لتمويل وتطوير وإنتاج الأفلام، “أصوات واعدة من الشرق”، عن مشاريع الأفلام الفائزة لدورة هذا العام. والمختارة من بين 27 مشروعًا سينمائيًا ضمن “أعمال قيد الإنجاز”، و”أعمال قيد التطوير”، و”أعمال قيد المونتاج”، وذلك خلال منصة “أيام الصناعة”، المنعقدة بين يومي الاثنين والثلاثاء 3، 4 يوليو. المشاريع الواعدة، المختارة من قبل لجنة تحكيم دولية، فازت بجوائز إجمالية قدرها 115000 يورو.
في “أعمال قيد الإنجاز” فاز “لست كل ما أريد أن أكون” للتشيكية كلارا تاسوفسكا. و”تيستي” لإيجل فيرتيلتي من ليتوانيا. و”بيكشيس” لأسيل أوشكيموفا من كازاخستان. وفي “أعمال قيد التطوير” فاز “رحلة من كابول” للمخرجة الأفغانية صحراء كريمي. و”الحفارون” لأرجيرو نيكولاو من قبرص. و”الإله يحطم الباب” للمنتج التشيكي توماش بيرتولد. وفي “أعمال قيد المونتاج” فاز “ألن المُشرق” للمخرج والمنتج اللبناني المصري اليوناني هارلي شاماندي.
تسعى منصة “أصوات واعدة من الشرق” للمساعدة على اكتشاف المواهب الواعدة من مناطق وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط. ما جعلها فرصة رائعة ليس للمبدعين فحسب، بل أيضًا لرواد الصناعة في أوروبا وأميركا، لاكتشاف مشاريع جديدة في مراحل مختلفة من التطوير والإنتاج والتنفيذ. وذلك في فعالية يشارك فيها أكثر من 1300 من الموزعين ووكلاء المبيعات والمنتجين والمبرمجين وغيرهم ممن يحضرون المهرجان سنويًا. وعادة ما يشتمل برنامج أيام الصناعة على عدد من ورش العمل، وحلقات النقاش، والعروض التقديمية. إضافة إلى توفير وخلق فرص للقاءات واجتماعات وإتاحة كافة وسائل التواصل التمويلي.
يُذكر أنه في قسم “أعمال قيد الإنتاج” عرض 11 فيلمًا روائيًا ووثائقيًا، في مرحلة الإنتاج الأخيرة أو ما بعد الإنتاج من دول وسط وشرق أوروبا والبلقان والاتحاد السوفيتي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن الأفلام التي نافست من منطقة الشرق الأوسط الوثائقي المصري، “القيامة الخامسة لفريد” للناقد والمخرج خالد أحمد يوسف، وهو الفيلم الأول له. والفيلم اللبناني “يلا، يا بابا!” للمخرجة الشابة إنجي عبيد.
كان الفيلم الروائي الطويل “المرهقون” لليمني عمر جمال، والوثائقي التونسي “ماشطات” لسونيا بن سلامة، من بين الأفلام المشاركة في منصة “أصوات واعدة من الشرق” أثناء انعقاد فعاليات الدورة الماضية الـ56. وقد فاز “المرهقون” بجائزة المنصة لـ”تطوير ما بعد الإنتاج”.