محمد هاشم عبد السلام

 

الإثنين 16 فبراير

 

صدر ضمن سلسلة مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي، كتاب بعنوان “كمال سليم: بين أصالة الواقعية وزيف المظاهر” للمؤلف والناقد وليد سيف، عن حياة وأعمال أحد المخرجين المصريين الرواد في تاريخ صناعة السينما المصرية.
يحتوي الكتاب على 11 فصلاً، وجاءت عناوينها على النحو التالي: سيرة حياة، مسيرة فنية، قبل العزيمة، سر العزيمة، واقعية المظاهر، كمال سليم والرواية العالمية، من المسرح إلى السينما، سيناريوهات لآخرين، شذرات كمال سليم، وواقعية كمال سليم، ليس ختاماً.
ثم تلتها فيلموجرافيا للأفلام التي أخرجها أو شارك في كتابتها كمال سليم، ومن بينها “العزيمة” عام 1939، “أحلام الشباب” عام 1942، “البؤساء” عام 1943، و”قصة غرام” عام 1945.

 

السيرة الذاتية

صدر الكتاب في نحو 180 صفحة من القطع الكبير، وبالرغم من القيمة الكبيرة لفنان السينما الراحل كمال سليم، الذي ولد عام 1913، وتوفي في 1945، إلا إنه لم يسبق من قبل أن صدر أي كتاب مُستقل يتناول بالبحث والتحليل سيرة ومسيرة وإبداع سليم.
وتصدى الكاتب والناقد وليد سيف لتلك المهمة، التي كان “تلافيها أمراً واجباً” على حد قوله في مقدمة الكتاب، رغم علمه أن المهمة ليست سهلة، نظراً لمرور السنين، وقلة المعلومات الدقيقة والموثقة المتوفرة عن المخرج الراحل، ناهيك عن صعوبة الحصول على الأفلام، التي صُنعت في مرحلة البدايات المبكرة للسينما المصرية.
لم يهتم الفصل الأول كثيراً برصد أدق تفاصيل السيرة الذاتية لكمال سليم، خاصة في مراحل طفولته وصباه وشبابه المبكر، فمن المعروف أن كمال سليم يعد من الفنانين العصاميين، والمؤكد أنه لم يكمل تعليمه التقليدي، وهي مسألة لم تكن غريبة أو نادرة بالنسبة للكثيرين من أبناء جيله من الفنانين.
لكنه كان حريصاً على توسيع مجال ثقافته، بل وسعى بالفعل للحصول على منحة دراسية بالخارج، وسافر فعلاً إلى فرنسا من أجل تحقيق هدفه بدارسة السينما، لكن الظروف حالت بينه وبين البقاء والاستمرار هناك، ليعود وازداد إصراره على تعلم هذا الفن، وممارسته أيضاً.
واهتم الفصل الثاني، “المسيرة الفنية”، مفصلاً بتتبع السيرة الفنية للمخرج والتعرف على كواليس إبداعه الفني وأسراره المهنية، وما تعرض له من مشكلات التي تعكس الحياة الفنية في مصر خلال مرحلة شهدت تنافساً وصراعاً بين المصريين والأجانب.
أما الفصل الثالث، “قبل العزيمة”، يتوقف بناء المؤلف ليضعنا في السياق التاريخي الذي سبق وتواكب مع ظهور فيلم “العزيمة”، أحد أشهر أفلام السينما المصرية.
ويدخل الفصل الرابع، “سر العزيمة”، في مناقشة كواليس الفيلم، ويسرد كل المعلومات المثيرة التي تعلقت بالأبطال وأجورهم والعلاقات فيما بينهم، واتهام الفيلم بأنه فيلم تجاري.
بعد القراءة التفصيلية لفيلم “العزيمة”، نتحول مع الفصل الخامس، “الواقعية والمظاهر”، لقراءة فيلم آخر من أفلام كمال سليم هو “المظاهر” (1945).
وآثر المؤلف أن يفرد فصلاً بعينه لهذا الفيلم، الذي جاء متأخراً في مسيرة المخرج، لأنه يبين الكثير من الجوانب التي أراد المؤلف أن يؤكد على رصدها في واقعية كمال سليم، وكيف أنه يكاد يستكمل من خلاله الكثير مما بدأه في فيلم “العزيمة”.
وإلى أي مدى يحتوي فيلم “المظاهر” على الكثير من المواقف والأفكار، التي باتت من فرط تكرارها واستنساخها شبه أيقونة في السينما المصرية.
يعتبر المخرج كمال سليم من أول فناني السينما الذين انتبهوا لأهمية الالتفات لروائع الروايات والمسرحيات العالمية، ويعيد الفصلان السادس والسابع، “كمال سليم والرواية العالمية” و”من المسرح إلى السينما”، قراءة الأعمال المنسية أو التي لم يتوقف الكثيرون أمامها، مثل فيلم “البؤساء” المأخوذ عن رواية للأديب الفرنسي فيكتور هيجو، وفيلم “شهداء الغرام” المأخوذ عن مسرحية روميو وجولييت.
ويتناول الفصل الثامن، “سيناريوهات الآخرين”، ما كتبه المخرج من سيناريوهات لغيره من المخرجين، مثل فيلم “الدكتور”، و”محطة الأنس”، و”ليلى بنت الفقراء”.
ويحلل المؤلف في هذا الفصل القدرات الإبداعية لكمال سليم ككاتب سيناريو بارع، كما يتوقف عند المثالب التي شابت بعض أعماله، مثل التحولات المفاجئة لبعض الشخصيات أو الانقلابات الدرامية المباغتة دون تبريرات كافية، وغيرها من الأمور التي تؤخذ عليه في هذا المجال.

 

 شذرات كمال سليم


وتلك وغيرها من الهنات أو التراجعات التي أُخِذَت على كمال سليم حتى كمخرج، يناقشها باستفاضة الفصل التاسع، “شذرات كمال سليم”.
أما الفصل العاشر، “واقعية كمال سليم”، فيعيد التأكيد على أن كمال سليم، ورغم مرور كل تلك السنوات، لا يزال هو رائد الواقعية في السينما المصرية، وكيف أن دوره الكبير في إرساء مفهوم الواقعية في الفيلم المصري لا يزال ملموساً.
أما الفصل الحادي عشر، “ليس ختاماً”، فيحاول وليد سيف أن يجيب عن بعض الأسئلة المحيرة المتعلقة بكمال سليم، الذي لم يدرس السينما قط ولا أكمل تعليمه، ومع ذلك أخرج أول أفلامه وهو في الرابعة والعشرين، وسر ذلك التمرد، والجرأة في الطرح، ورقي المستوى الفني والفكري الرائد، لدرجة جعلت الناقد والمُنظر الفرنسي الشهير جورج سادول يضع فيلمه “العزيمة” بين أهم 100 فيلم سينمائي عالمي، ويقارن أفلامه بمثيلاتها في السينما الفرنسية والأوروبية.