محمد هاشم عبد السلام – سين آرتس – 24

في إطار الاستعدادات والترتيبات النهائية للدورة الـ74 لفعاليات “مهرجان برلين السينمائي الدولي” (15 – 25 فبراير/ شباط، 2024)، وقبل الإعلان رسميًا يوم 22 يناير القادم عن قائمة أفلام “المُسابقة الرئيسية”، أعلنت إدارة المهرجان الفنية عن اختيار المُمثلة الكينية المكسيكية لوبيتا نيونجو لرئاسة لجنة تحكيم “المُسابقة الرئيسية”. وذلك للمرة الثانية على التوالي التي يعلن فيها المهرجان عن اختيار مُمثلة شابة لرئاسة نفس اللجنة، حيث رأست المُمثلة الأميركية وكاتبة السيناريو والمُخرجة الأميركية الشابة كريستين ستيوارت، 32 عامًا، دورة العام الماضي.

السمراء لوبيتا نيونجو، ، 40 عامًا، الفائزة بجائزة “أوسكار” كـ”أحسن مُمثلة مُساعدة” عام 2014، عن دورها في فيلم “12 عامًا من العبودية” لستيف ماكوين، والمُشاركة البارزة في أكثر من جزء في “مارفل” و”حرب النجوم”، وغيرها من الأعمال كمُمثلة رئيسية أو بطلة، ولدت في العاصمة المكسيكية، مكسيكو سيتي، ونشأت في كينيا. درست السينما والمسرح في كلية هامبشاير بالولايات المتحدة الأميركية، وعملت في البداية في إنتاج وكتابة وإخراج أفلام مُختلفة في أميركا. وبعد مزيد من الدراسات في “كلية ييل” للدراما، بدأت حياتها المهنية في التمثيل. وإلى جانب مسيرتها السينمائية الواعدة، تنشط لوبيتا نيونجو أيضًا على مجال المسرح، خاصة في برودواي.

وأفاد البيان الصادر عن إدارة المهرجان: “إن لوبيتا نيونجو تجسد كل ما نحبه في السينما، التنوع في تبني مشاريع مُختلفة، ومُخاطبة جماهير مُتباينة، والاتساق وفكرة واحدة يُمكن التعرف عليها تمامًا في شخصياتها، رغم ما تبديه من تنوع”. ما يُؤكد على سعي المهرجان، مُنذ سنوات، إلى تحقيق نوع من المُساواة، بإشراك المرأة في لجان تحكيمه، وزيادة عدد أفلام المُخرجات، وأيضًا، العاملات ضمن أطقم إداراته المُختلفة، وكذلك، الحرص على التنويع في الأجناس والأعمار والألوان، بصفة عامة. أمر يتحفظ عليه بعض النقاد لتغاضيه، أحيانًا، عن المُستوى الفني للأفلام والاختيارات، أو ضعف قرارات لجان التحكيم، والتحيزات والتكرارات النمطية، إلى جانب الضعف العام الملحوظ الضارب جنبات المهرجان العريق منذ سنوات.

من جانبها، علقت لوبيتا نيونجو على اختيارها قائلة: “يُشرفني بشدة أن أكون رئيسًا للجنة التحكيم الدولية لمهرجان برلين السينمائي الدولي. إنني أتطلع إلى الاحتفال والاعتراف بالعمل المُتميز لصناع الأفلام من جميع أنحاء العالم”.

يُذكر، أيضًا، أن لوبيتا تمارس الكتابة الأدبية للأطفال، وصدر لها “سولوي” في عام 2020، وكان ضمن قائمة “نيويورك تايمز” لأفضل الكتب مبيعًا. وتعد لوبيتا حاليًا لـ”بودكاست” يُركز على رواية قصص حقيقية من الشتات الإفريقي. وعملت، مُؤخرًا، كمُنتجة تنفيذية للفيلم السوداني “وداعًا جوليا ” لمحمد كردفاني، الحاصل على عدة جوائز، بعد أول عرض له في مهرجان “كان” العام الماضي.

رئيسة أميركية للبرليناله

من ناحية أخرى، أعلن المهرجان في بيان رسمي في منتصف ديسمبر الماضي عن اختيار المُخرجة والمُديرة الفنية والمُوزعة الأميركية تريشيا تاتل، 54 عامًا، لرئاسة مهرجان برلين السينمائي الدولي لمدة أربع سنوات قادمة. وستحل تريشيا تاتل، في الأول من إبريل القادم، محل المُدير الفني كارلو شاتريان والمديرة التنفيذية مارييت ريسينبيك، اللذين شاركا معًا في قيادة دفة المهرجان منذ عام 2020، ولم يُصادفهما الكثير من التوفيق لأسباب عديدة. كان على رأسها، وفقًا لتصريحات مارييت، التي أعلنت عن نيتها ترك المهرجان العام الماضي، وقبل انعقاد فعاليات الدورة الـ73، الأزمة المالية الخانقة، وصعوبات التمويل، وغيرهما من التحديات الكبرى الفنية واللوجيستية التي يواجهها المهرجان.

تريشيا تاتل، المديرة القادمة لمهرجان برلين السينمائي

كما تُعتبر الدورة المُقبلة هي الأخيرة، أيضًا، للمُدير الفني كارلو شاتريان، الذي أثارت أخبار خروجه بعد انتهاء دورة هذا العام ضجة داخل المُجتمع السينمائي الدولي في الصيف الماضي. إذ كان مُتوقعًا جدًا تمديد عقده، نظرًا للثقة والاحترام اللذين يحظى بهما من قبل الهيئة الحكومية الألمانية. الأمر الذي لم يحدث بسهولة نتيجة لخلافات عديدة وتباينات في وجهات النظر، دفعت كارلو إلى الانسحاب، وعدم تجديد عقده، رغم التمسك به. وكان على رأس هذه الخلافات تقليص صلاحياته الفنية بدرجة غير مقبولة بالنسبة له.

وفي أعقاب هذا الإعلان، من جانب شاتريان، وقع المئات من صناع الأفلام والسينمائيين، بما في ذلك مارتن سكورسيزي، ورادو جود، وكريستين ستيوارت، على رسالة مفتوحة لدعم شاتريان. إلا أن الأمر تأكد بصفة نهائية بعد تصريحات كلوديا روث وزيرة الثقافة الألمانية، التي قالت فيها: “إنها ترغب في رؤية المهرجان يقوده ويُمثله شخص واحد، بدلا من وجود قيادة مُزدوجة”.

ومع صدور قرار تعيين تريشيا تايل، التي شغلت في السابق منصب رئيس “مهرجان لندن السينمائي الدولي”، طيلة 5 دورات انتهت في عام 2022، وفي رصيدها خبرة سينمائية تتجاوز الـ30 عامًا، يتأكد عودة المهرجان في نسخته القادمة، الـ75 لعام 2025، إلى سابق عهده، حيث تديره شخصية واحدة، تجمع بين المسئوليات الفنية والتنفيذية، ما يُعيد إلى الأذهان تجربة الناقد والسينمائي الألماني المُخضرم ديتر كوسليك، آخر من ترأس هذا المنصب الفردي.

وقد شغلت تريشيا تاتل مناصب عليا في “معهد الفيلم البريطاني” (BFI)، و”الأكاديمية البريطانية للسينما والتلفزيون” (BAFTA)، و”المدرسة الوطنية للسينما والتلفزيون” (NFTS). وتشغل حاليًا منصب رئيسة قسم الإخراج الخيالي في NFTS. وهي حاصلة على درجة الماجستير في دراسات الأفلام من معهد الفيلم البريطاني وجامعة بيركبيك، ودرجة البكالوريوس في الأدب والإذاعة والتلفزيون والصور المتحركة من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل.

وفي وقت سابق من حياتها المهنية عملت تريشيا كمبرمجة أفلام في معهد BFI، إلى جانب الكتابة والتدريس في مجال الأفلام. وترجع جذور تريشيا تاتل إلى ولاية كارولينا الشمالية، في جنوب الولايات المتحدة الأميركية، حيث بدأت حياتها المهنية في عزف الموسيقي على آلة الجيتار.