محمد هاشم عبد السلام

 

 

يبدأ جاك دريدا أول إجاباته بتفكيك معنى كلمة “حدث”، ثم ينطلق من التسمية الشائعة التي سمي بها الحدث، 11سبتمبر، ليقول”لا أحد يعرف على وجه الدقة ما نقول إنه أو ما نسميه بأنه الحادي عشر من سبتمبر”، وتكمن صعوبة هذا من خلال سياق حديثه لأننا إزاء”شيء استحدث تاريخيًا”، “يعني أن شيئًا ما قد حدث للمرة الأولى وللمرة الأخيرة “، لكن هل هذا هو مكمن صعوبة تعريف الحدث فقط، وهل هو حدث لأنه حدث في حد ذاته أم للانطباع الذي خلّفه؟ وهل هذا الانطباع وكل ما تبعه قاصرًا على تلك الفترة الزمنية فحسب؟ أم أن التوابع، أو الصدمة بحسب تعبيره هي ما لم يحدث بعد”عندما يجيء الشر من إمكانية مجيء شر أسوأ منه، أي من إمكانية تكراره مستقبلاً وهي نتاج ما يتوعدنا به المستقبل مما هو أشد سوء وهي ليست مجرد نتاج اعتداء مضى وانتهى”. ويستخلص دريدا أن ما تعرض للتهديد أكثر من أي شيء آخر هو الخطاب الإعلامي ولغته البالية الفضفاضة وخلط المفاهيم وإطلاق المسميات الخاطئة والملتبسة على عواهنها، وعليه يأخذ دريدا في تحليل وتفكيك هذه الرطانة التي تصل حد التناقض فيما بينها. إن دريدا يخل في هذا الكتاب بشرط أساسي من شروط إجراء أي حوار، وذلك لأنه يجيب عن السؤال بإجابة تفتح المجال للأسئلة أخرى عديدة ومتنوعة لم تطرح من قبل في ذهن القارئ، وبالتالي تحثه على العودة من جديد إلى الحدث وإنعام النظر فيه والخروج بجديد مغاير تمامًا لما صدرته لنا ترسانة الإعلام الجبارة.

“إن الفيلسوف هو من يبحث عن نسق جديد للمعايير وهذا من أجل التمييز بين الفهم والتبرير”، وهذا ما فعله دريدا بين دفتي هذا الكتاب ونجح فيه إلى حد بعيد.

 

عنوان الكتاب: ما الذي حَدَثً في “حَدَثِ” 11سبتمبر؟

حديث دار في 22أكتوبر 2001 مع جيوفانا بورادوري، ونشر بالعربية قبل الأصل الفرنسي.

ترجمة وتقديم: صفاء فتحي

مراجعة: بشير السباعي

الناشر: المجلس الأعلى للثقافة – مصر

الطبعة: الأولى 12/ 2003

الصفحات: 159 قطع متوسط