إعداد: محمد هاشم عبد السلام

كاتب ومترجم مصري

 

في أواخر ثلاثينات القرن الماضي، قامت “دوريس ديوك” بتشييد منزلها، الذي أطلقت عليه اسم “شانجري لا”، في هونولولو، فوق قطعة أرض قامت بشرائها خصيصًا لهذا الغرض، بلغت مساحتها خمسة أفدنة تقريبًا (4.9)، تطل مباشرة على المحيط الهادي ورأس دياموند.

يضم “شانجري لا” بين جنباته العديد من الملامح والسمات المعمارية المميزة لكثير من بقاع العالم الإسلامي وغير الإسلامي والتي ظلت “دوريس” لقرابة ستين عامًا، حتى وفاتها، تعمل على اقتنائها من جميع أنحاء العالم الإسلامي ومن المزادات وتجار الآثار والتحف الفنية لتزود بها “شانجري لا”.

ويعتبر شانجري لا تحفة معمارية فنية متفردة، ليس في هاواي فحسب، بل في الولايات المتحدة قاطبة. والاسم “شانجري لا” استمدته دوريس من فيلم سينمائي عرض عام 37، ومأخوذ عن كتاب “الفردوس المفقود”، والاسم يعني، بحسب الكتاب، جنة بعيدة وسرية لا يكبر المرء فيها أبدًا.

ولدت “دوريس ديوك” في مدينة نيويورك في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1912، وكانت الإبنة الوحيدة لرجل الأعمال والمحسن الخيري الكبير والشهير، سليل عائلة ديوك المشتقة جامعة “ديوك” من اسمها، “جيمس بوتشنان ديوك”، وهو مؤسس كبرى شركات التبغ الأمريكية ذات الماركة العالمية المعروفة باسم (لاكي سترايك)، هذا بالإضافة إلى شركاته المتخصصة في توليد الطاقة الكهرومائية. عندما توفي “ج. بي. ديوك” عام 1925، قام بتقسيم ثروته الطائلة بين مؤسسة “أملاك ديوك” الخيرية التي قام بإنشائها لهذه الأغراض، وابنته التي كانت تبلغ من العمر وقتذاك ثلاثة عشر عامًا، وقد أطلقت عليها الصحافة وقتها “أغنى طفلة في العالم”، و”طفلة الملايين”.

قضت “دوريس” معظم حياتها بعيدة عن الأضواء والشهرة والحياة الاجتماعية التي يغلب عليها البذخ والترف …إلخ. وكانت “دوريس” تتمتع بميزات عديدة منها الذكاء وحب المغامرة والقيام بالرحلات وممارسة الرياضة، وقد استمتعت “دوريس” أيما استمتاع بإشباع اهتماماتها وهوايتها وأنشطتها المتعددة والتي كان منها الاهتمام بالفنون وحماية الحياة البرية والبستنة وغيرها من الاهتمامات، مستغلة في ذلك الثروة الهائلة التي هبطت عليها من والدها، والتي كانت تقدر بدولارات ذاك الوقت، أثناء فترة الركود والكساد، بحوالي خمسين مليون دولار أمريكي.

وعندما توفيت “دوريس” في أكتوبر 1993 عن ثمانين عامًا، تركت تسعين بالمائة من ثروتها تحت تصرف “مؤسسة دوريس ديوك الخيرية”، ومؤسسة أخرى أسستها خصيصًا لتعنى بالفن الإسلامي تعرف باسم “مؤسسة دوريس ديوك للفن الإسلامي” أو (دافيا DDFIA)، وكان إنشاء هذه المؤسسة بناء على رغبة شخصية منها بغرض تشجيع ودراسة وفهم الفن الإسلامي والثقافة الإسلامية، كما أوكلت إلى هذه المؤسسة مسئولية المحافظة على “شانجري لا” ورعايته بالاشتراك مع “أكاديمية هونولولو للفنون”، وقد انتهت هذه المؤسسة مؤخرًا في عام 2002 من أعمال المحافظة والتجديد للبيت والمقتنيات الفنية، وذلك بمواجهة عوامل الرطوبة وتغير درجات الحرارة والحشرات والأملاح البحرية وتآكل المعادن بفعل الأملاح والرطوبة، وقد تم افتتاح “شانجري لا” للجمهور، بناء على رغبة “دوريس ديوك”، وذلك في جولات صغيرة ذات أعداد قليلة للغاية من الزوار يتم الحجز لها مسبقًا، كما أن البيت مفتوح للطلبة والعلماء والفنانين والمتخصصين والراغبين في التعرف على الفنون الإسلامية وطرزها المعمارية.

ترجع قصة بناء “شانجري لا” إلى عام 1935، عندما قامت “دوريس” وزوجها الأول “جيمس كرومويل” برحلة شهر العسل التي طافا فيها العالم بأسره، واشتملت الجولة على زيارة منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وانتهت بزيارة هاواي. أثناء تلك الجولة افتتنت “دوريس” بما شاهدته من الطرز المعمارية الفنية الإسلامية خاصة في إيران والهند وسوريا وتركيا ومصر ولبنان وغيرها من بلدان المنطقة، كما كان لأجواء هاواي من حيث المناخ والجمال والانعزال وقع آسر في نفس “ديوك”، وعلى الفور قررت شراء قطعة الأرض التي مكثت فوقها أثناء الفترة قضتها في هاواي وقررت كذلك أن يكون البيت على غرار ما شاهدته عيناها في البلدان والمناطق المتنوعة التي زارتها أثناء جولتها.

عهدت “دوريس ديوك” إلى شركة “ويث وكنج” للأعمال المعمارية والإنشائية بتصميم وبناء منزلها في هونولولو، بعد شرائها لقطعة الأرض في عام 1936. وفي فبراير 1937، وافقت “دوريس” على الرسومات النهائية بتكلفة بلغت وقتها 1.4 مليون دولار، وقد تم الانتهاء من المشروع، الذي استلزم لاستكماله ما يزيد عن 150 عاملاً، في عام 1938. وقد شُيِّد “شانجري لا” وفق لما أرادته “دوريس” تمامًا، وقد عملت بالقرب من المهندس المعماري “ماريون سيمزويث”، من أجل تزوده بالرسوم التخطيطية والصور الفوتوغرافية والملامح المعمارية المميزة والخاصة التي تتماشى ورؤيتها وولعها الشديد بفنون العالم الإسلامي وطرزه المعمارية التي خلبت لبها.

ولذلك يعتبر “شانجري لا” مكانًا مناسبًا لدراسة واستعراض الجماليات الخاصة بفنون العالم الإسلامي، فمناطق العالم الإسلامي ببيئاتها المختلفة وفتراتها الزمنية المتباينة وثقافاتها مجتمعة تقريبًا في حجرات هذا البيت إلى جوار بعضها البعض، الطراز المغربي إلى جوار التركي إلى جوار السوري والإيراني والهندي والفارسي (الإيراني القديم) والمصري. هذا بالإضافة إلى القطع الفنية المقتناة، حوالي 3500 قطعة، التي يمتد تاريخها  من القرن السابع الميلادي وحتى القرن العشرين. ومنها على سبيل المثال: ألواح القرميد، الأواني والجرار الفخارية، الأعمال النسجية والنقشية، المصاحف القديمة… إلخ، كما يوجد في “بشانجري لا” مخطوط رقي يرجع إلى العام 900 بعد الميلاد مدون فيه بالخط الكوفي نص الآية الحادية والثلاثين من سورة التوبة.

الفناء الخارجي: يتم الوصول إلى “شانجري لا” عن طريق مدخل جانبي منحني ومائل يفضي إلى فناء أو ساحة واسعة أمام المدخل بها شجرة تين بنغالي كبيرة وقديمة. والبيت كما يرى من الفناء الخارجي، ظاهره بسيط جدًا لدرجة خادعة، فجدرانه العادية وسقفه القرميدي لا يكشفان عن حجمه وحقيقة تصميمه الداخلي. يوجد على جانبي باب البيت تمثالان حجريان لرأسي جملين مبتسمين. ويعلو الباب الخشبي البسيط نقش ذهبي بخط اليد باللغة العربية عبارة عن جزء من الآية القرآنية هو “أدخلوها بسلام آمنين”.

السلم والبهو: البهو تغمره الألوان البديعة والنقوش والأشكال الزخرفية والنسجية والخزانات الخشبية التي تشكل تآلفًَا متنوعًا من التصميمات الفنية الغنية والفريدة. وسقف البهو منمق مزخرف على الطراز المغربي، ويحتوي على 600 بلاطة تركية الطراز، و84 نافذة مصنوعة على الطراز الإسباني. والبهو عمومًا يعج بالأعمال النسجية، والجرار، والصناديق الخشبية التي تتحدث عن التقاليد الفنية والصنعة اليدوية في الهند، وآسيا الوسطى، وإيران، وسوريا.

الفناء المركزي: والبناء الأساسي للبيت مشيد حول فناء كبير يتوسطه كمركز، وقد راعى التصميم المحافظة على الخصوصية، تمامًا كالبيوت العربية القديمة، وكذلك تقسيم البيت إلى أماكن عامة وأخرى لها خصوصيتها. الأماكن العامة في البيت تتمثل في البهو، وحجرة المعيشة، والحجرات التركية، أما الأماكن الخاصة فهي حجرة نوم “دوريس”، وجناح الخدمة والمطبخ وأماكن أخرى بين الأجنحة.

والمعروضات الفخارية الموجودة في الفناء المركزي معظمها إيراني الصنع، ويرجع تاريخ الجرار الكبيرة إلى القرن الثامن الميلادي، وإلى جوارها يوجد العديد من الألواح القرميدية، بالإضافة إلى 100 بلاطة مزخرفة ترجع إلى القرن الثالث عشر، وما يزيد عن 200 بلاطة مصقولة ترجع إلى القرن السابع عشر، وهي مصنوعة في مدينة أصفهان الإيرانية.

كما يتوسط الفناء لوح قرميدي ضخم من الموزايك أوصت “دوريس” بصناعته في إيران عام 1938 ليوضع خصيصًا في هذا المكان البارز من الفناء، والتصميم الموزايكي له مستوحى من اللوحين القرميديين المحيطين بمدخل مسجد الشاه في أصفهان.

حجرة المعيشة: يوجد بها العديد من الأعمال الفخارية الرائعة، فقد كانت “دوريس” مغرمة بالأوعية أو الآنية الخزفية المطلية بالمينا، (الإينامل). وأغلبها يرجع إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر بعد الميلاد، ومعظمها مطلي إما بالذهب أو التركواز أو الكوبلت الأزرق.

كما تضم الحجرة أيضًا محرابًا على الطراز الإيراني. هذا بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأعمال الخزفية تتضمن أطباقًا مصقولة، وآنية، وبلاط، مصنوعة كلها في إسبانيا، وكانت “دوريس” قد اشترتها في أوائل الأربعينات من أحد المزادات. جدير بالذكر أن هذه المقتنيات دفعت “دوريس” إلى تغير التصميم الأساسي الذي كانت عليه الحجرة كما تصورها المصمم المغربي الأصل رينيه مارتن.

 حجرة المحراب والمكتبة: حجرة المحراب هي أساسًا عبارة عن ممر بين حجرة المعيشة وغرفة الطعام. في أوائل عام 1941، العام الذي اشترت فيه “دوريس” المحراب، قامت بتغير تصميم الغرفة ليتماشى مع التقليد الفني الإيراني الذي كان سائدًا أثناء حكم أسرة إيلخانيد (1256 – 1353).

وهذا المحراب، الذي يعتبره المتخصصين درة “شانجري لا”، مصنوع على غرار مقبرة شهيرة في “فيرامين”، في إيران، يرجع تاريخها إلى 1265. ومحراب “دوريس” مُوَقع ومؤرخ باسم فنان خزاف إيراني سليل عائلة “أبو الطاهر”، التي توارثت أسرار هذه المهنة أبًا عن جد على مدار أربعة أجيال متتالية، ويتجه المحراب في “شانجري لا” صوب المكسيك.

كست الحوائط بالفيروز الأحادي اللون والقرميد المصقول، ووضعت بها المحراب ومجموعة من القرميد على هيئة أنجم وصلبان، وكذلك مجموعة من القرميدات بنقوش كتابية معظمها مستمد من القرآن. وبالممر زوج من الأبواب المطلية وضع خلفها جزء من مكتبة “دوريس”. ومجموعة المكتبة هذه تتألف من حوالي 600 كتاب تحمل عناوين عن تاريخ الفن الإسلامي والهندي والطرز المعمارية، وكذلك كتالوجات لمزادات، وروايات، وسير ذاتية.

حجرة الطعام والشرفة: في سنوات الستينات، عندما كانت “دوريس” في الخمسينات من عمرها، قامت بتبديل شكل ومحتوى غرفة الطعام التي كانت بالأساس مستوحاة من أجواء هاواي. أثثت دوريس حجرة الطعام المجددة بتطريزات تاريخية مصرية وهندية، وأقمشة نسجية مخططة أو مقلّمة ذات ألوان زرقاء للإيحاء بأجواء الخيمة العربية، فالحجرة عبارة عن خيمة عربية كبيرة. أما الشرفة فهي تطل على منظر في غاية الفتنة والروعة والجمال لساحل المحيط ورأس دياموند، وأيضًا المرسى الخاص بالمراكب.

الحجرتان التركيتان: في أوائل الثمانينات، عندما صارت دوريس في السبعينات، أشرفت بنفسها على عملية تجديد كبيرة وواسعة في “شانجري لا”، وذلك عقب اقتنائها لدواخل من سوريا ترجع إلى منتصف القرن التاسع عشر. فما كان في السابق عبارة عن حجرة للبلياردو، وحمّام، ومكتب، تم هدمه لإقامة حجرتين متجاورتين من الألواح الخشبية، والأبواب، والنقوش الحجرية التي أتت بها من سوريا. وبالرغم من أن الدواخل سورية في الأصل إلاّ أن دوريس أطلقت عليهما اسم “الحجرتان التركية الكبيرة والصغير”. ومن بين المجموعة المعروضة بعناية واهتمام شديدين في الحجرتين، أعمال فخارية ترجع إلى الفترة العثمانية، وهي مصنوعة في تركيا وسوريا في الفترة ما بين القرن السادس عشر والتاسع عشر الميلادي.

وكانت الحجرتان تستخدمان في المناسبات الخاصة، مثل حفلات العشاء الصغيرة، ومجالسة الضيوف وتناول المشروبات بعد تناول العشاء.

الحديقة المغولية: في إحدى سفراتها الكثيرة، زارت “دوريس” العديد من الحدائق المغولية في جنوب آسيا، بينها الحدائق الواقعة في الهند وكشمير وباكستان، وقررت عند عودتها إقامة واحدة خاصة بها في “شانجري لا”. كتبت دوريس: “تأثرت بصفة خاصة بحديقة شاليمار، في لاهور بباكستان”.

تتكون الحديقة المغولية في “شانجري لا” من ممر حجري طويل وضيق بعض الشيء تتوسطه قناة مائية، وهو هندسيًا يشبه إلى حد كبير أحواض الزرع، والحديقة تزينها مشكاوات للمصابيح الزيتية تسمى (تشينيخاناس). وفي منتصف القناة المائية سلسلة من النافورات على شكل زهور اللوتس.

الحجرة الدمشقية: وكانت مخصصة بالأساس لابنة زوج “دوريس”، لكن بعد طلاق “دوريس” من زوجها الأول “جيمس كرومويل”، في الأربعينات وقيامها برحلة إلى سوريا ولبنان في أوائل الخمسينات، قامت دوريس بتغير تصميم الحجرة. وقامت في عام 1955، بتركيب الألواح الخشبية المدهونة أو المطلية بالذهب، والسقف، والفترينات، والأبواب، والتي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر، وكانت قد استقدمتها من سوريا. واستخدمت الحجرة بعد ذلك كغرفة نوم للضيوف والموظفين وأفراد العائلة. وبالغرفة باب يؤدي إلى الروف الخاص بحجرة نوم “دوريس”، وما يسمى بالجناح “الجالي” والكلمة تعني ساتر شبكي على غرار المشربيات. والجناح مؤلف من القطع الرخامية المماثلة لتلك الموجودة في غرفة نوم وحمّام “دوريس”، وذلك الرخام أوصت ديوك بعمله في الهند عام 1935، وكانت تستخدم الجناح لأغراض الترفيه مثل التشمس، ولعب الطاولة، والحياكة.

الصالة الخاصة والشرفة: بغرض توفير خصوصية إضافية “لدوريس”، يفصل هذا الجناح الطويل (الصالة الخاصة) غرفة نومها وحمّامها عن الفناء المركزي، والمنطقة العامة من البيت. والجناح مكون من قسمين: المدخل وشرفة تطل على الحديقة الخاصة “بدوريس”، والتي يوجد بها بركة وشلال صغير. والحديقة والشرفة مفصولتان معماريًا عن طريق رواق مقنطر ذي ستة من الأعمدة الرخامية الإسبانية الصنع، وهذا الرواق مستوحى من قصر الحمراء والمباني الأخرى القائمة في إسبانيا وشمال أفريقيا.

غرفة وحمّام دوريس: بعد زيارتها لتاج محل في عام 1935، عالجت “دوريس” بضع إطارات للباب والمشربيات والألواح الرخامية الخاصة بجناح نومها بما يماثل التصميم الشهير لمقبرة “تاج محل”. وغرفة نومها غنية بالمجوعات الثمينة التي حملتها معها من الهند، والبُسُط الفائقة الجمال، والأثاثات المطعمة والمزخرفة، وكلها تبرز التقاليد الفنية الإسلامية والهندوسية واليانية والبوذية وغيرها من الأعمال الفنية غير المرتبطة بديانات بعينها.

الحجرة المغربية: وهي متصلة بحجرة نوم “دوريس”، وكانت جناحًا سكنيًا لزوج “دوريس” “جيمس كرومويل”. والخزانات وحوامل الأسلحة والبرافانات (السواتر الأرابسكية)، وغيرها من قطع الأثاث كلها صنعت في المغرب بواسطة المصمم المغربي الأصل “رينيه مارتن”. وبعد طلاق “دوريس” قامت بتهيئة الغرفة وإعدادها لمعيشتها الخاصة، حيث كانت تقرأ وتشاهد التليفزيون وتعزف البيانو، وتشاهد الغروب من فوق أريكتها المغطاة بالسجاد المغربي الطراز. وتحتوي الغرفة على مجموعة متنوعة من تذكارات شخصية، ومجلات، وكتب، وأسطوانات موسيقية، وأغراض أخرى متنوعة خاصة باستعمالات دوريس اليومية.

جناح الخدمة والمطبخ: يؤدي ممر طويل ذو زاوية خارج الفناء إلى جناح الخدمة، والذي يحتوي على مطبخ كبير ومخزن، وخزانات للفضيات، وحجرة للغسيل إلى جانب عدد من الغرف التي كانت تستعمل لنوم الخدم والآن تستخدم كمكاتب. يحتفظ المطبخ كثيرًا بصورته الأصلية التي كان عليها، وتوجد به أدوات المائدة والطهي والعديد من الأطقم المصنوعة في الصين واليابان والمغرب وفلسطين وفرنسا وإيطاليا والنمسا وإيران وإنجلترا والولايات المتحدة. كما يحتوي على الكثير من المجلدات المتخصصة في وصفات إعداد الأكلات العالمية، وكانت “دوريس” كثيرًا ما تتناول وجباتها في المطبخ.

المقصورة الملكية: وهي مصممة لتحاكي (تشيهيل ستين)، تلك المقصورة الملكية التي بنيت عام 1647 في أصفهان وتتكون من ثلاث غرف: غرفتين للضيوف وأخرى كبيرة مخصصة للمعيشة بها مطبخ صغير. وهي تحتوي على العديد من الأعمال المصنوعة من قماش القنب، والمدفأة المؤطرة بالقرميد والشمعدان، وكلها مستوحاة من طراز أسرة “كاجار”. والسقف الفخم الخاص بها مصنوع في هاواي لكنه مطابق تمامًا لذلك الطراز الفارسي المعماري.

إن “شانجري لا”، على حد قول “دوريس ديوك” ليس ملكًا لمصمم معماري أو خبير ديكور بعينه، وهذا القول يُجسّد إلى حد كبير وجهة نظر “دوريس” في “شنجري لا”، فهي لم ترغب في إقامة بيت على الطراز الخاص بالمصمم هذا أو ذاك، كما أنها لم ترغب في أن يكون “شانجري لا”، متحفًا مرتبًا ومصنفًا ومقسمًا على غرار المتاحف التقليدية، ولكنها رغبت في أن تقع عيناها على ما شاهدته وأعجبت به طوال حياتها ولذلك لم تتقيد بطراز أو تصميم واحد بعينه، ولولا هذه النظرة التي تقدر الجمال والفنون حق قدرها ولولا الرغبة والسيطرة الاستحواذية التي تتمتع بها كمتذوقة وعاشقة أولاً ثم جامعة مقتنيات ثانيًا لما تركت لنا هذه التحفة الفردية “شانجري لا”، والتي وصفها أحد الأساتذة المتخصصين في جامعة هاواي قائلاً: “إن هذه الأشياء مجتمعة لم ولن تتواجد قط في مكان آخر على سطح الكرة الأرضية”.

وهذا يدفعنا للتساؤل عن العلاقة بين حب الفن وتذوقه والرغبة في الامتلاك.

 

المراجع:

الموقع الخاص بشانجري لا على الشبكة www.shangrilahawaii.org

الموقع الخاص بمتحف وأكاديمية هونولولو للفنون www.honoluluacademy.org

مقال للكاتب الصحفي دودج ستيورات في مجلة “السيمسونيان” عدد شهر مارس 2004

مقال ايريك نولند في  “لوس أنجلوس ديلي نيوز”.

كتاب:

The Richest Girl in the World: The Extravagant Life and Fast Times of Doris Duke by Stephanie Mansfield, G.P. Putnam’s Sons, 1992