محمد هاشم عبد السلام

 

الجمعة 27 مارس 2015

 

بعد فيلمه المهم الذي أحدث الكثير من التفاعل الجماهيري والجدال النقدي العام الماضي وحمل عنوان “بازوليني” عن سيرة المخرج الإيطالي الكبير بير باولو بازوليني، يقدم لنا المخرج الأميركي المخضرم أبيل فيرارا هذا العام فيلماً جديداً بعنوان “مرحبًا في نيويورك”.

بدأت عروض “مرحبًا في نيويورك” اليوم، السابع والعشرين، في الولايات المتحدة، وذلك بعد أن عرض الفيلم في مهرجان “كان” العام الماضي، وأيضًا بالعديد من المهرجانات حتى نهاية العام الماضي. والفيلم من بطولة النجم الفرنسي المعروف جيرارا دي بارديو في دور “ديفيرو”، وتشاركه البطولة الممثلة الإنجليزية الشهيرة جاكلين بيسيه في دور “سيمون”.

وقد اشترك أبيل فيرارا في كتابة سيناريو وحوار الفيلم مع كاتب السيناريو كريست زويس، ويمتد زمن عرض الفيلم، الذي ينتمي لنوعية أفلام الدراما، لأكثر من ساعتين تقريباً، وهو ناطق بالإنجليزية والفرنسية. وقصة الفيلم مستمدة من الحياة الحقيقية لـ “دومينيك ستراوس كان”.

ودومينيك ستراوس كان، اقتصادي وسياسي ورجل قانون يهودي فرنسي من أصول مغربية، تدرج في العديد من المناصب بفرنسا وترأس أكثر من وزارة ، الاقتصاد والمالية والصناعة. بعد ذلك تولى في النهاية منصب رئيس صندوق النقد الدولي من عام 2007 وحتى 2011، ثم أجبر على الاستقالة من منصبه عقب الفضيحة الدولية التي لاحقته جنائياً بتهمة التعدي الجنسي على عاملة تنظيف بأحد فنادق مدينة نيويورك.

وتدور أحداث الفيلم، مع اختلافات كثيرة بالطبع حول شخصية دومينيك، والذي يظهر في الفيلم باسم السيد ديفيرو، وهو شخص شديد التركيب والتعقيد. ذلك الرجل القوي والواسع النفوذ والاتصالات والسلطة، والذي يتعامل في مليارات الدولارات وليس الملايين يومياً، لكنه في نفس الوقت يعاني أشد المعاناة على المستوى النفسي، يعاني الخوف والرعب والضياع.

أيضاً يعاني ديفيرو من الجوع الجنسي والرغبات الجامحة التي تقوده وتتحكم فيه، وفي النهاية، تدمر حياته واسمه وسمعته. وفي نفس الوقت، نكتشف أنه صاحب الكثير من الأحلام النبيلة أو المُراهقة، إن جاز التعبير، المتمثلة في إنقاذ العالم مما هو فيه، في حين أنه هو نفسه لا يستطع التحكم في ذاته ولا إنقاذ نفسه وسمعته وتحقيق حلمه بالترشح للانتخابات الرئاسية في فرنسا.

جدير بالذكر أن ما أعاق نزول الفيلم إلى السينمات، خاصة في الولايات المتحدة، حتى هذا الوقت المتأخر، يرجع إلى الخلافات الجذرية التي نشبت بين الشركة المنتجة للفيلم والمخرج، والتي رغبت في اقتطاع ما يقترب من ربع ساعة من زمن الفيلم حتى تستطيع بيعه وتوزيعه في أسواق الولايات المتحدة وفقاً للقوانين، وعرضت على المخرج أن يقوم بهذا بنفسه، لكن أبيل فيرار رفض الأمر كلية، واعتبر أن نسخة الفيلم التي تحمل اسمه هي التي تزيد عن الساعتين، ساعتين وخمس دقائق على وجه التحديد. في حين أن أي نسخة أخرى تعتبر مزيقة ولا تحمل توقيعه ولا وجهة نظر.

وكانت الشركة المنتجة ترغب في حذف أحد المشاهد المتعلقة بممارسات ديفيرو الماجنة، وأيضاً تلك المتعلقة بواقعة الاغتصاب للعاملة وجعل الأمر يبدو كأن السيدة تتخيل أن هذا قد حدث، وهو ما جعل فيرارا يرفض تماماً المشاركة في تلك الجريمة على حد قوله، والتي تعني أن الفيلم يدين السيدة وينتصر للجانب الآخر ويسرد الكثير من المغالطات والأكاذيب. في حين أن هذا ليس هو الهدف من الفيلم، الذي يعرض ما حدث بمنتهى الأمانة دون الانحياز لأي من الطرفين.