محمد هاشم عبد السلام

كاتب وناقد ومترجم مصري

 

تاريخ المبنى

 

يعتبر مبنى متحف التاريخ الألماني أو مبنى الترسانة الألمانية تحفة معمارية فريدة في حد ذاتها. ويرجع تاريخ تصميم مبنى الترسانة إلى الفترة بين عام 1698 و1699 وقام بصميمه المهندس المعماري الكبير في تاريخ العمارة الألمانية “أندرياس شلوتر”. وقد اتخذ المبنى الشكل المعماري الخارجي الحالي له على يد المهندس “جان دي بوتد” في عام 1706، وانتهى البناء الداخلي والخارجي بالكامل للمبنى في عام 1730. ويعتبر مبنى الترسانة هذا هو الأقدم في شارع تحت ظلال الزيزفون الشهير في حي ميتي بالعاصمة الألمانية برلين. ويعد المبنى بلونه الزهري اللافت للانتباه وأفاريزه وحلياته ورؤوس الميدوزا وغيرها من الأعمال النحتية البارزة المميزة لأبوابه وشبابيكه وأسطحه من أجمل المبناني الباروكية الطراز في شمال ألمانيا.

في الفترة من عام 1731 وحتى عام 1876 استخدم مبنى كترسانة للأسلحة من جانب الجيش البروسي. وكذلك استخدم المبنى كمستودع لتخزين الأسلحة والغنائم وتذكارات الحروب في تلك الفترة. وبحلول القرن الثامن عشر كانت الترسانة أكبر مستودع للأسلحة في بروسيا. وبعد عام 1815 تم تكليف المهندس المعماري الألماني العظيم “كارل فريدريش شينكل” بتنفيذ ترميمات واسعة في المبنى، وأسندت المهمام التنفيذية الخاصة بإعادة ترميم وزخرفة المنحوتات إلى المعماري “يوهان غوتفريد شادوف”. وبعد انتهاء الأعمال وضعت في عام 1828، “الأسلحة الملكية” و”مجموعة الميداليات”، جنبًا إلى جنب داخل المتحف وتم افتتاح المبنى وهذا المعرض لأول مرة للجمهور في عام 1831. تتالت أعمال الترميم والتجديد على المبنى على مدى السنوات التالية، وحمل المبنى أكثر من اسم بعد ذلك مثل، متحف التاريخ البروسي، ثم بعد الحرب العالمية الأولى متحف مجموعات الفن البروسي، ثم ترسانة الدولة.

وفي عام 1939 أعطى أدولف هتلر أوامره باستيلاء الجيش الألماني على المتاحف الحربية في برلين وميونيخ ودريسدن. ومنذ ذلك التاريخ سخرت هذه المتاحف لخدمة الجيش الألماني والدعاية النازية وغيرها من الأمور التي تدعم توجه الدولة في ذلك الحين. وفي عام 1944 – 1945 تضرر المبنى بشدة جراء أعمال القصف بقنابل المدفعية الثقيلة وأيضًا بسبب القنابل اليدوية. وفي ذلك العام، 1945، أغلقت بلدية مدينة برلين المتحف بشكل كامل. واستمرت عملية إعادة إعمار المبنى من عام 1948 وحتى عام 1965. ومنذ عام 1952 وحتى مطلع التسعينيات، والمبنى يحمل اسم “متحف التاريخ الألماني”، لكن محتويات المبنى وتوجهه والفلسفة القائم عليها كانت غير تلك التي عليها اليوم، فقد كان المبنى آنذاك خاضعًا لحزب الوحدة الاشتراكي، وكان يهدف إلى نقل المفهوم الماركسي اللينيني للتاريخ.

 

تأسيس المتحف الحالي

تم تأسيس “متحف التاريخ الألماني” بمفهومه وتوجهه الحالي، كجزء من التعاون بين جمهورية ألمانيا الاتحادية وولاية برلين بمبادرة من المستشار الاتحادي السابق “هيلموت كول”، في الثامن والعشرين من أكتوبر عام 1987، وذلك بمناسبة الذكرى الـ 750 لمدينة برلين. وفي عام 1988، فاز المهندس المعماري الإيطالي “ألدو روسي”، بمسابقة تصميم مبنى جديد لمتحف التاريخ الألماني في موقع يطل على نهر شبري قرب مبنى الرايخستاج أو البرلمان الألماني. لكن الأحداث التاريخية التي مرت بها ألمانيا في تلك الفترة وإعادة توحيد شطري ألمانيا حالت دون خروج ذلك المخطط للنور. وفي الثالث من أكتوبر عام 1990، يوم الوحدة الألمانية، منحت الحكومة الاتحادية المكان الحالي للمتحف الجديد، مبنى الترسانة، وكذلك المجموعة الثمينة من المقتنيات التي كانت بالمتحف وتلك التي كانت لدى حكومتي ألمانيا قبل الاتحاد أيضًا. وتغيرت منذ ذلك الحين الفلسفة التي كان المتحف قائمًا عليها، وصار المتحف الآن يخدم التاريخ الألماني بصفة خاصة والأوروبي بصفة عامة.

 

إعادة الإعمار وتجديد المبنى

في الفترة من عام 1994 وحتى عام 1998، جرت عملية ترميم واسعة لواجهة مبنى الترسانة أعادتها لما كانت عليه في السابق. بعد ذلك أيضًا خضع المبنى من الداخل لتجديدات واسعة النطاق امتدت حتى عام 2003. وقد راعت هذه التجديدات التماشي مع ومواكبة المعايير الفنية المتحفية وفقًا لآخر ما وصلت إليه نظم العرض في القرن الحادي والعشرين. إلى جانب العمل دون تنافر على أن يجمع المبنى بين العراقة والحداثة في نفس الوقت. وبعد انتهاء أعمال الترميم بالكامل جرى تخصيص مساحة مبنى الترسانة بالكامل، وتبلغ قرابة عشرة آلاف متر مربع مقسمة على طابقين، للمجموعات الخاصة بالمعارض الدائمة للمتحف.

لم تتوقف أعمال التجديد الخاصة بالمبنى عند هذا الحد، ففي عام 2003 جرى افتتاح المبنى الجديد الملحق بمبنى الترسانة القديم والذي تم تخصيصه فقط من أجل المعارض الخاصة والمتغيرة، وقد استغرق بنائه قرابة خمسة أعوام. وهذا المبنى يعتبر تحفه معمارية حداثية في حد ذاته، وقام بتصميمه المهندس المعماري الصيني الأمريكي المعاصر والشهير “إيويه مينج باي” صاحب التصميم البديع للجناح الشرقي بـ “المعرض الوطني” في العاصمة واشنطن، وكذلك مبنى الهرم الزجاجي اللافت في “متحف اللوفر” بباريس. وهذا المبنى البديع التصميم، الذي يشغل مساحة ألفين وسبعمائة متر مربع موزعة على طوابقه الأربعة يمكن الدخول إليه عبر مدخل مصنوع من الزجاج الشفاف والصلب وصعود طوابقه عبر درج لولبي يرى من الخارج، وكذلك يمكن الولوج إليه عبر مدخل خاص من مبنى الترسانة. كما قام نفس المهندس المعماري “إي. إم. باي”، بإعادة بناء السقف الزجاجي المغطي لفناء مبنى الترسانة، والذي كان موجودًا من قبل بالفعل منذ عام 1878 وحتى عام 1945، وإن كان التصميم الجديد للسقف والذي صممه وأنجزه إي. إم. باي جاء حداثيًا ومعاصرًا من حيث تصميمه البديع عما كان عليه السقف السابق.

 

المعارض الدائمة

تنقسم المواد المعروضة بالمعارض الدائمة بالمتحف إلى قسمين، الأول وفقًا للسياق التاريخي، وفيه نجد التاريخ الألماني والأروربي مقسم إلى أقسام فرعية وفقًا لفترات تاريخية محددة، وذلك على امتداد طابقي المتحف، حيث يتضمن الطابق الأول الفترات التالية: 100 عام قبل الميلاد – 1500 عام بعد الميلاد وتستعرض الثقافات المبكرة والعصور الوسطى، ثم من عام 1500 وحتى عام 1650 وتتناول فترة الإصلاح وحرب الثلاثين عامًا، ثم من عام 1650 وحتى عام 1789 وتستعرض سلطة الأسرة الحاكمة والتحالفات في أوروبا، ثم من عام 1789 وحتى عام 1871 وتتناول الفترة من الثورة الفرنسية وصولا إلى الإمبراطورية الألمانية الثانية، ثم من عام 1871 وحتى عام  1918 وتستعرض تاريخ الإمبراطورية الألمانية حتى الحرب العالمية الأولى. ثم نجد في الطابق الأرضي الفترات من عام 1918 وحتى عام 1933 وتتناول فترة جمهورية فيمار، ثم من عام 1933 وحتى عام 1945 وتلك تشتمل على فترة النظام النازي والحرب العالمية الثانية، ثم من عام 1945 وحتى عام 1949وتتناول الفترة التي كانت فيها ألمانيا واقعة تحت احتلال الحلفاء، ثم من عام 1949 وحتى عام 1994 وتستعرض فترة تقسيم ألمانيا ثم إعادة التوحيد.

أمام القسم الثاني من المعروض فيقسم المعروضات وفقًا لمجموعات متجانسة وذلك على النحو التالي:

المجموعات

 

مجموعة الوثائق الأولى

تضم قرابة 35 ألف وثيقة مطبوعة ومكتوبة بخط اليد، متعلقة بالحياة اليومية والاقتصادية والسياسية قبل عام 1914، ويرجع تاريخ أقدم مخطوطة إلى القرن التاسع. وتترواح هذه الوثائق المتنوعة بين وثائق قانونية ودفاتر محاسبية ومخطوطات وكتب في الطبخ وألبومات ومراسيم ومنشورات وإعلانات وصحف ومجلات وتقويمات وبطاقات بريدية ورسوم كاريكاتيرية وخرائط وملكيات وعقود ومعاهدات سلام، والوثيقة الأصلية للدستور الألماني لعام 1849، وغيرها الكثير.

وثائق من الحياة اليومية مثل جوازات السفر العسكرية والمدنية، وبطاقات الهوية، وبطاقات التطعيم، وشهادات التعميد والمراحل الدراسية، وكتب في السفر والرحلات، تظهر لنا ما كانت عليه الحياة المدنية والعسكرية وقتها من تعليم وصحة وصناعة وحياة الجنود. وهناك أيضًا مخطوطات ووثائق وبطاقات بتوقيع وخط مشاهير عصرهم، مثل الملكة لويز ملكة بروسيا وكذلك بخط يد بسمارك. ومن بين أهم الوثائق الموجودة بالمجموعة، نسخة أصلية من “إعلان الاستقلال الأمريكي”، الذي طبع في ألمانيا عام 1776.

تظهر مجموعة الخرائط المرسومة من جانب أشهر رسامي الخرائط في العالم، التغيرات التي طرأت على شكل العالم في الفترة من القرن السادس عشر وحتى الثامن عشر. وتتباين هذه الخرائط في تنوعها بين خرائط خاصة بالسياسية والحدود السياسية، وأخرى خاصة بالبلدان والمدن وطبوغرافيتها، وأخرى خاصة بالطرق والقطارات وغيرها.

 

مجموعة الوثائق الثانية

يمتد الإطار الزمني لمجموعة الوثائق الثانية من بداية الحرب العالمية الأولى وحتى الوقت الراهن. ويتضمن أكثر من مائة ألف قطعة متاحة تتراوح ما بين، لافتات وكتيبات ومنشورات وجرائد ومجلات وجوازات سفر وخرائط وألبومات وطوابع ومجموعات ووثائق أديبة من كل نوع. الجزء الأكبر من المجموعة، التي جمعها متحف التاريخ الألماني السابق، تحمل طابع وثائقي بالدرجة الأولى، في حين تحمل المجموعات التي يجمعها المتحف الحالي كل ما يخص الوقت الحاضر. وتشكل قوام المجموعة تلك الوثائق الهامة الخاصة بالحرب العالمية الأولى وفترة الرايخ الثالث، وجمهورية ألمانيا الاتحادية. والوثائق الأضخم من بينها تلك الخاصة بالحربين العالميتين الأولى والثانية.

 

مجموعة الفنون التصويرية

لدى مجموعة الفنون التصويرية بالمتحف تاريخ طويل لا يزال يتعين دراسته بالتفصيل. ترجع أصول المجموعة إلى القرن التاسع عشر، عندما كانت الترسانة لا تزال تستخدم كمتحف للأسلحة البروسية ومتحف لتاريخ الجيش الألماني. تضم المكتبة ليس فقط الوثائق والمخطوطات بل أيضًا الصور، والرسومات التوضيحية منذ أيام الدولة البروسية وحتى فترة توحيد دولة ألمانيا عام 1871. وإلى جانب ذلك، توجد مجموعة من الأعلام والخرائط والأزياء والدروع والأسلحة والأطالس.

وقد بدأت عملية التطوير والتحديث المنتظم لمجموعة الفنون التصويرية مع تأسيس متحف التاريخ الألماني عام 1952، مع التركيز على المواضيع أو التميات المختلفة التي للمفهوم الماركسي اللينيني للتاريخ. ولذلك نجد عددًا كبيرًا من المجلدات عن تاريخ ثورة عام 1848، والحركة العمالية، والاشتراكية، وأيضًا عدد صغير من الرسومات التوضيحية عن تاريخ الأسر الحاكمة السابقة. كذلك تم جمع الأعمال الفنية للطبقات العاملة والشعبية. وبعض هذه الأعمال يرجع تاريخه إلى ما قبل عام 1989، والآخر إلى فترة ما بعد توحيد ألمانيا. وقد استطاع المتحف الحصول على مجموعات متنوعة تخص أفراد، وكذلك مجموعات تم التبرع بها وتلك تشكل جزءًا أساسيًا من قوام مجموعة الفنون التصويرية بالمتحف. وفي عام 1954، اشترى المتحف مجموعة من الأوراق بلغت خمسة وعشرين ألف صفحة من أحد جامعي المقتنيات، كان قد جمعها قبل الحرب العالمية الثانية، وتشكل مجموعة منها قوام المجموعة الخاصة بملك ساكسون فريدريش أغسطس الثاني. والمجموعة ثرية للغاية في تباينها، وكان صاحبها قد جمعها أثناء العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، ونجد فيها مجموعة من الرسومات الطبوغرافية والمناظر الطبيعية، وأخرى خاصة بالأزياء والموضة، ومنها بورتريهات خاصة ورسومات سياسية لأحداث مختلفة. وهي ترتكز بالأساس على القرن التاسع عشر، وهناك مجموعة من الرسومات النادرة جدًا التي يرجع تاريخ بعضها لما قبل عام 1700، أو حتى عام 1600.

وعلى مدى السنوات أضاف المتحف المزيد والمزيد إلى هذه المجموعة، ومنها مجموعة من الرسومات الكاريكاتيرية أضيفت لمقتنيات المتحف عام 1960، ومن بينها أكثر من 400 رسم كاريكاتيري لنابليون. ومنذ انضمام المجموعة الخاصة بمتحف التاريخ السابق في عام 1990، وهذه المجموعة تعتبر فريدة من نوعها بين المتاحف الألمانية، ويعمل المتحف على اقتناء المزيد منها وسد الثغرات الزمنية الموجودة بها. وتضم مجموعة الفنون التصويرية اليوم ما يقرب من ثمانين ألف قطعة، تمتد بين أواخر القرن الخامس عشر وحتى وقتنا الحاضر.

 

مجموعة البوسترات

تضم المجموعة قرابة ستين ألف ملصقًا تغطي الفترة من عام 1890 وحتى الوقت الراهن. وهي تتراوح بين اللافتات التي تعلن عن أحداث بعينها دعائية أو غير دعائية سواء داخل ألمانيا أو خارجها. وتركز هذه المجموعة بالتحديد على المصلقات السياسية، ونجد منها ما يعود إلى فترة الحرب العالمية الأولى، وفترة جمهورية فيمار وفترة الاشتراكية والحرب العالمية الثانية وجمهورية ألمانيا الديمقراطية وجمهورية ألمانيا الاتحادية. والجزء الأكبر المكون لهذه المجموعة يرجع في الأصل إلى متحف التاريخ الألماني السابق.

 

المجموعة الفنية

الجزء الأكبر من تلك المجموعة الفنية يتكون من المخزون السابق لمتحف التاريخ الألماني. وتقدم مجموعة الوثائق الفريدة هذه كيفية التفسير اللينيني الماركسي للتاريخ وفقًا لما كانت عليه في المتحف السابق. وكيف أن التاريخ يفهم في ضوء أنه “تاريخ صراع الطبقات”، مع التركيز على الفترات التي تسمح بتقديم مثل هذه الرؤية، على سبيل المثال، حرب الفلاحين الكبرى عام 1525، وثورات عام 1848 وعام 1918، كذلك التحولات في ظل المجتمع الاشتراكي. وتحتوي المجموعة، إلى جانب الوثائق، على عدد كبير من البورتريهات والتماثيل النصفية لمفكرين ومناضلين من أجل مجتمع غير طبقي، إلى جانب الآباء المؤسسين للدولة الألمانية الشرقية. وفي سنوات الستينيات من القرن الماضي سعى المتحف للحصول على عدد من الأعمال الفنية والنحتية للفنانين المنتمين أو الذين عملوا لصالح الحزب الشيوعي في سنوات العشرينيات من القرن الفائت، وقد نجح المتحف بالفعل في أن يجمع بين جنباته عددًا متميزًا من الأعمال الفنية لمجموعة من الفنانين الشرقيين خلال تلك الفترة. كما سعى المتحف أيضًا لضم مجموعة من الأعمال الفنية لعدد من الفنانين الألمان المعاصرين.

 

مجموعة الفنون التطبيقية

تتكون مجموعة الفنون التطبيقية من أنواع مختلفة من المواد والخامات مثل الزجاج والسيراميك والفضة والحديد المسبوك والذهب المشغول والصناديق والعلب المصقولة والمطلية بالمينا، والمنحوتات العاجية والمنمنمات والأثاث والتصميمات الحديثة. والفترة الزمنية التي تغطيها تلك المجموعة تبدأ من العصور الوسطى وتمتد حتى الوقت الحاضر، من الجرار الرومانية المصنوعة من الزجاج وحتى الكراسي العصرية الحديثة. وبالرغم من أن هناك الكثير من المواد التي يمكن إدراجها وضمها إلى تلك المجموعة الفنية، إلا إن المتحف حرص على أن تكون المواد المعروضة أو التي يتم جمعها قطع فنية ذات صلة شخصية أو تاريخية بأحداث أو شخصيات أو تحكي قصة عن الحيوات الاقتصادية والاجتماعية  لثقافات العهود الماضية.

وتضم مجموعة الفني التشكيلي الأولى أغلب التماثيل التي صنعت أو صممت قبل عام 1900. والمجموعة الثانية تضم جميع الأعمال النحتية اللاحقة على هذا التاريخ. وأغلب هذه التماثيل لشخصيات في كامل هيأتها أو تماثيل نصفية، وهي في معظمها لقديسين أو علماء أو فنانين أو رجال دولة أو ملوك وأمراء وملكات وأميرات. ويوجد بين هذه المجموعة أكثر من خمسين تمثالا مختلفًا للملك فريدريك الثاني ملك بروسيا. ومعظم هذه التماثيل من الحجر الجيري أو البرونز أو الحديد أو الخزف أو الرخام.

 

مجموعة ثقافة الحياة اليومية – المنسوجات والملابس

تتألف مجموعة الملابس والمنسوجات من ثمانية آلاف قطعة ملابس غير عسكرية يرجع تاريخ أقدمها إلى القرن الثامن عشر وتمتد حتى عصرنا الحاضر. ونجد من بينها: وشاح يرجع إلى وقت حرب السنوات السبع (1756 – 1763)، بنطال من أيام الثورة الفرنسية، أو ستارة من الدانتيل الإنجليزي مكتوب عليها بيان أو إعلان من قيصر ألمانيا عام 1871. ثم نشاهد كورسيهات معروضة ترجع للقرن الثامن عشر وفساتين رقصات التشارليستون وفساتين حفلات بعد الظهر والمساء في مطلع العشرينيات من القرن الماضي. ونجد أيضًا ملابس داخلية معروضة بالمتحف ترجع للقرن التاسع عشر والعشرين، إلى جانب الملابس العصرية الحديثة الجلدية والجينز. وتتضمن تلك المجموعة عددًا من الأقسام الخاصة: أزياء الخدم التي ترجع لعام 1910، والتي كان يرتديها الخدم والعمال والموظفين في المقر الملكي القديم ببرلين. وكذلك ملابس ومنسوجات من ألمانيا الشرقية. وتضم تلك المجموعة أيضًا إلى جانب ملابس المناسبات الرسمية والاحتفالات والأوشحة وغيرها، ملابس الأطفال والرضع والملابس الرياضية وملابس المنظمات الشبابية والأحزاب في تلك الفترة.

 

مجموعة ثقافة الحياة اليومية – الشارات (بادج)

تضم مجموعة الشارات ما يقرب من ثمانية آلاف قطعة من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا. الجزء الأكبر من المجموعة عبارة عن شارات الألمانية وبعضها يرجع إلى الاتحاد السوفيتي. كما تنقسم المجموعة إلى عدد من الأقسام الخاصة: شارات تذكارية مختلفة لأعياد العمال يرجع تاريخ أقدمها للقرن التاسع عشر وتمتد حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، ومجموعة إلى فترة الرايخ الثالث، وأخرى تضم جميع قطاعات المجتمع والمنظمات والمؤسسات والأحزاب أو ذلك صلة بفعاليات سياسية عامة، ومعظمها يخص دولة ألمانيا الشرقية. وقد نشرت في عام 1996، مجموعة من هذه الشارات، قرابة 786، على اسطوانة مدمجة تحمل عنوان “الشارات السياسية أثناء الإمبراطورية وجمهورية فيمار”.

 

مجموعة ثقافة الحياة اليومية – اللعب

تأسست تلك المجموعة كقسم مستقل بالمتحف داخل مجموعة الثقافة الحياة اليومية في عام 1992. وتضم مجموعة الألعاب هذه قرابة خمسمائة قطعة من ألمانيا الشرقية، يرجع تاريخ أقدمها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي مقسمة بحسب العصور الزمنية. وبقية قطع المجموعة البالغة ألفين قطعة ترجع لفترة الحرب العالمية الأولى وفترة الرايخ الثالث، ويلاحظ عليها الطابع المخيف وكذلك يمكن رصد التأثير الأيديولوجي الذي كان يمارس على الأطفال حتى عبر الألعاب. وهناك مجموعة أخرى ترجع إلى فترة الحرب العالمية الثانية. وكذلك مجموعة لا يزال العمل جاري على إكمالها تضم مجموعة من الألعاب من شطري ألمانيا بغية توضيح أوجه الشبه والاختلاف بين الألمانيتين أثناء فترة انقسامهما.

 

مجموعة ثقافة الحياة اليومية – البطاقات البريدية

تكونت هذه المجموعة التي تضم قرابة سبعة آلاف بطاقة كمجموعة منفصلة منذ بضع سنوات فحسب. قبل ذلك، كانت هذه المجموعة موجودة ضمن أقسام أخرى، مثل: مجموعة الوثائق المعاصرة، وفنون التصوير، والثقافة الحياتية أو الحياة اليومية. وقد أدى التنوع الذي عليه البطاقات وزيادتها وكذلك أهميتها البالغة إلى تكريس قسم خاص بها في المتحف. فهي ليست مجرد بطاقات تمثل وسيلة اتصال ترسل من دولة لدولة أو بلدة لبلدة فحسب، بل منذ التوسع في استخدامها مع منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا، وليس ثمة موضوع أو معلم أو منظر لم يطبع تقريبًا على بطاقة بريدية. كما أن البطاقات البريدية تدل في حد ذاتها على تطور فنون التصوير والطباعة والزخرفة والتصميم وغيرها من التقنيات الفنية. كما أنها لم تسلم كذلك من تناول أو عكس موضوعات أو أوضاع سياسية وكذلك أحداث تاريخية للأماكن والبلدان التي ظهرت بها، وتلك تحديدًا هي التي تركز عليها مجموعة المتحف بصفة خاصة.

 

المجموعة العسكرية

لتلك المجموعة تاريخ عريق يمتد ويرتبط بتاريخ مبنى الترسانة نفسه، عندما تم إنشائه ليكون مبنى للأسلحة وبعد كذلك كمخزن لها ثم بعد ذلك كمتحف للجيش. وعلى الرغم من الأضرار الفادحة التي لحقت بهذه المقتنيات أثناء الحرب العالمية الثانية وفترة ما بعد الحرب، إلا إن المجموعة لا تزال واحدة من أفضل المجموعات بين المتاحف الأوروبية.

تضم المجموعة العسكرية الأسلحة التاريخية والدروع والخوذات والملابس الرسمية والرايات والميداليات والأوسمة، إلى جانب الرسومات والخرائط والمطبوعات العسكرية. وتركز المجموعة على التاريخ الألماني من العصور الوسطى وحتى الحرب العالمية الأولى. وتضم أيضًا مجموعة من الأسلحة التي استخدمتها الجيوش المختلفة، سواء الألمانية أو الأوروبية، خلال الحروب في القرني التاسع عشر والعشرين. وثمة الكثير من القطع النادرة والفريدة بين تلك المجموعة، ومنها على سبيل المثال، خوذة ترجع إلى القرن الثالث عشر، وقطع أخرى ترجع إلى القرن السادس. وليس من قبيل المبالغة القول بإن القليل جدًا من المتاحف الأوروبية التي يمكنها تقديم مثل هذا الكم النادر من الأسلحة وتاريخ تطورها على مدى قرون عديدة. ويمتلك المتحف ما يزيد عن خمسة آلاف قطعة من أسلحة القتال والطعن العتيقة، وقرابة ثلاثة آلاف وخمسمائة مسدس، يمتد تاريخها من القرن الخامس عشر وحتى التاسع عشر.

وبالإضافة إلى تلك المجموعة المتميزة والمتنوعة، ثمة مجموعة أخرى فريدة من نوعها من الأسلحة الشخصية التي صنعت خصيصًا لأفراد أو قادة أو ملوك بعينهم، وقام بتصميمها مهندسين مشهورين أو قام بزخرفتها وتزيينها فنانين معروفين مثل ألبريخت دورر، وأندرياس شلوتر. وكذلك أسلحة ترجع إلى أماكن بعينها كانت مشهورة بإنتاج أو تصنيع السلاح ببلدان أوروبية مختلفة أو تحمل أسماء أخصائيو أسلحة مشهورون.

 

المجموعة العسكرية – الأسلحة

تعتبر تلك المجموعة من أقدم مقتنيات المتحف وأكثرها قيمة، وتبين تطور الأسلحة وصناعتها منذ القرن الخامس وحتى الحرب العالمية الأولى. وتركز المجموعة بصفة خاصة على الأسلحة الألمانية الصنع وإن كان يوجد بها بعض الأسلحة المصنوعة ببلدان أخرى أوروبية وحتى غير أوروبية رغم قلتها. وتنقسم المجموعة إلى قسمين: الأسلحة العتيقة التي كانت تستخدم لأغراض القتال أو الطعن أو الصيد أو الرياضة مثل السيوف والحراب والخناجر والمديات وغيرها، والأسلحة الآلية مثل البنادق والمسدسات والمدافع إلى آخره. ومنها ما كان يستخدم لأغراض حربية بحتة وأخرى كانت تستخدم لأغراض شخصية، وتلك يغلب عليها النقوش والزخارف والتصميمات ذات الطابع المتفرد. وأغلب هذه الأسلحة التي تربو على الألف قطعة يرجع تاريخها إلى الفترة من القرن الخامس عشر إلى التاسع عشر. أما الأسلحة النارية المتنوعة فيزيد عددها عن أربعة آلاف وخمسمائة قطعة تقريبًا يبدأ تاريخها من نهاية القرن الخامس عشر. كما توجد مجموعة من الأسلحة النارية الألمانية والإنجليزية والفرنسية والأمريكية أيضًا التي توضح التطور التكنولوجي السريع في صناعة الأسلحة العسكرية بعد عام 1945 وحتى القرن الحالي.

 

المجموعة العسكرية – الميداليات

قرابة ثمانية آلاف قطعة هي قوام مجموعة الميداليات والأنواط والنياشين والألقاب الفخرية ومداليات الأداء المتميز في الأمور العسكرية والمدنية. وتتميز جميعها بفرادة التصميم والتزيين والزخرفة وتتباين كذلك في طبيعة المواد المصنوعة منها أو المطلية بها أو المجوهرات المزينة لها أو شهرة من صمموها ونقشوها. وتجمع تلك المجموعة بين الميداليات والأنواط والنياشين الممنوحة سواء من جانب جهات حكومية بمختلف البلدان الأوروبية أو السلطات الإدارية بها، أو تلك غير حكومية التي كانت تمنح من جانب أحزاب أو منظمات أو مؤسسات أو حتى شركات. ويرجع تاريخ أقدمها إلى مطلع القرن الثامن عشر. وعلى الرغم من الأضرار والضياع اللذين لحقا بتلك المجموعة بسبب الحروب، إلا إنها تضم أكثر من خمسمائة قطعة تشكل جزءًا تاريخيًا وثقافيًا وفنيًا هامًا من تاريخ ألمانيا وأوروبا. ومن بين تلك المجموعة نجد الميداليات الشخصية لمجموعة من الملوك الألمان مثل فيلهالم الأول، وفريدريك الثالث وبسمارك.

 

المجموعة العسكرية – الملابس

تضم هذه المجموعة عددًا كبيرًا من الأزياء الرسمية العسكرية تبلغ قرابة التسعة آلاف وخمسمائة قطعة، ما بين سترات وسراويل وأغطية للرأس وللمعدات الحربية. وتعتبر مجموعة المتحف هذه فريدة من نوعها بين المتاحف الألمانية، ومن بين المجموعات الرائدة والمتميزة على مستوى المتاحف الأوروبية. على الرغم من عدم توفر ملابس ترجع إلى القرن السابع عشر، إلا إن المجموعة توفر على نحو تفصيلي تاريخ تطور الملابس الحربية منذ القرن الثامن عشر فصاعدًا وتركز على العلاقة بينها وبين الموضة السائدة في تلك الفترات وكذلك تأثرها بالأذواق السائدة والتوجهات السياسية في تلك الأوقات. وجدير بالذكر أن الجزء الأكبر من هذه المجموعة كان موجودًا في مبنى الترسانة السابق، وقد أضيفت إليه على مدى السنوات مجموعات ومجموعات من الملابس الرسمية التي كانت سائدة سواء بالأقاليم الألمانية أو الدول الأوروبية حتى السنوات الأخيرة من القرن الماضي.

ويذكر أيضًا أن مجموعة الملابس هذه ليست قاصرة فحسب على الملابس العسكرية، بل تعرض هناك أيضًا أزياء المهن المدنية مثل، النقل والمواصلات والصليب الأحمر والبريد وخدمات الغابات وغيرها. كما نجد بعض النماذج لملابس المنظمات السياسة والشبابية، والكشافة، وشبيبة هتلر، ومنظمة الشباب بألمانيا الشرقية. كما أن هناك قسم خاص مستقل بذاته لكل ما يتعلق بأغطية الرأس، وفي مقدمتها بالطبع الخوذات بكافة أنواعها والكابات والقبعات.

ومن بين المعروضات اللافتة في تلك المجموعة، الملابس الشخصية التي كان يرتديها أفراد عائلة الهوهنزولرن والقادة العسكريين المعروفين، والسياسين والملوك ومنهم مثلا، فريدريك الثاني، وفريدريك فيلهالم الثالث، وفيلهالم الأول والثاني، وبسمارك، والجنرال هاينز هوفمان.

 

المجموعة العسكرية – الرايات

تضم هذه المجموعة حوالي ألفين قطعة تقريبًا، وهي تشكل بحد ذاتها قسمًا مستقلا من المجموعة الحربية، وذلك نظرًا للأهمية التي تمثلها الرايات على مدى التاريخ وكذلك الأهمية الرمزية لها ولألوانها ودلالاتها. وتعتبر هذه المجموعة الأكبر من نوعها في ألمانيا. ويوجد بها مجموعة من القطع الاستثنائية التي يرجع تاريخها إلى القرن السابع عشر، والعديد من الأعلام الثورية التي تعود لعام 1848. بالإضافة إلى مجموعة من الأعلام والرايات والشارات التي ترجع إلى وحدات الجيش قبل عام 1918، ومجموعة متنوعة من الأعلام التي تم الاستيلاء عليها أثناء الحروب. وقد جاءت هذه الغنائم أثناء حروب التحرير 1813 – 1815، وأثناء حروب الوحدة 1870 – 1871. كما توجد بها أيضًا مجموعة من الأعلام والشارات التي ترجع إلى الحركات العمالية في القرنين التاسع عشر والعشرين، وكذلك المنظمات العمالية والرياضية، ومختلف الجمعيات والنقابات وكذلك أعلام الأحزاب والمؤسسات.

 

أرشيف الصور

يمتلك أرشيف الصور خمسمائة ألف صورة ذات صلة بالتاريخ الألماني والأوروبي. وتعتبر المهمة الأساسية لأرشيف الصور بمتحف التاريخ الألماني هي التوثيق الفوتوغرافي لكافة المجموعات الموجودة بالمتحف. هذا إلى جانب اقتناء المتحف لمجموعة من الأرشيفات الفوتوغرافية التي لكبار المصورين المحترفين الألمان والأوروبيين، مثل مجموعة المصور “جيرارد جرونفيلد” وتبلغ قرابة خمسين ألف صورة وترجع إلى ثلاثينيات القرن الماضي وكذلك مجموعة المصور “كلاوس لينارتز” وتبلغ قرابة خمس عشرة ألف صورة وترجع إلى ستينيات القرن الماضي. كما يحتوي الأرشيف على مجموعة من النيجاتيفات النادرة التي كانت بحوذة وكالات تصوير شهيرة أفلست أو انهارت أو اختفت. كما يتضمن الأرشيف مجموعة الصور التي كانت بالمتحف السابق للتاريخ الألماني. وهذه الصور في أغلبها تغطي فترات الحروب التي مرت بها ألمانيا، أو أوروبا، كذلك أبرز المحطات في التاريخ الثقافي والسياسي والاجتماعي، وأيضًا لمحات من الحياة اليومية والاجتماعية والمناسبات البارزة. كما يحتوي الأرشيف أيضًا على مجموعة من الوثائق المتعلة بهذه الصور وتلك المجموعات المُقتناة أو المُهداة.

 

المكتبة

يضم المتحف أيضًا مكتبة أكاديمية متخصصة تركز على التاريخ الألماني وتاريخ أوروبا والعالم بصفة عامة وذلك في المجالات الآتية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والقضائية والدستورية والمحلية والإقليمية والعلوم الثقافية والأدبية والفنية والعلمية والتقنية وكذلك الدراسات المتحفية، وتلك كلها تندرج تحت بند المجالات العامة، وثمة أخرى تندرج تحت بند المجالات المتخصصة ويوجد بها كل ما يتعلق بالحركات الاجتماعية والسياسية وتاريخها والثقافة الشعبية والتاريخ العسكري، كما يوجد بالمكتبة أيضًا قسمًا للكتب والمخطوطات القديمة والنادرة. وتحتوي المكتبة إجمالا على ما يزيد عن 225 ألف مجلد، كما يضم قسم الكتب القديمة والنادرة أكثر من عشرين ألف كتاب نادر، وخمس وأربعين ألف دورية وصحيفة، وخمسة آلاف عمل عن التاريخ العسكري، وخمس عشر ألف كتاب في علوم المتاحف وكتالوجات متحفية أو خاصة بمعارض.

 

سينما الترسانة

تعتبر دار عرض متحف التاريخ الألماني جزءًا لا يتجزأ من مبنى الترسانة منذ افتتاح مبنى المتحف للجمهور، وتحتوي القاعة على 165 مقعد تقريبًا. وتركز المواد الفيلمية التي تعرض بها على مواد فيلمية ذات صلة بالتاريخ الألماني والأوروبي وكذلك تاريخ السينما أيضًا. كما تعرض أيضًا سلسلة من الأفلام التي تصاحب المعارض المتغيرة أو تخص المعارض الدائمة. وتعرض السينما كافة أنواع الأفلام من الناطقة والصامتة والأبيض والأسود والملونة والروائية والتسجيلية.

 

المكتبة ومتجر المتحف

تحتوي المكتبة وكذلك متجر المتحف على مجموعة واسعة ومتنوعة من الكتب والأغراض الأخرى. ويمكن عبرهما شراء مطبوعات وإصدارات متحف التاريخ الألماني: الكتالوجات والبوسترات والكتب والبطاقات البريدية والمجلات والأقراص المدمجة ونماذج تحاكي بعض القطع المعروضة بالمتحف.