بقلم: فرانز كافكا

ترجمة وتقديم: محمد هاشم عبد السلام

كاتب ومترجم مصري

 

قام الأديب التشيكي الكبير “فرانز كافكا” بتدوين يومياته في الفترة ما بين عام 1910 وحتى عام 1923، وهي فترة طويلة نسبيًا قياسًا لعدد السنوات، لكن إذا نظرنا إلى النتاج الإجمالي لعدد صفحات اليوميات التي أعيد إصدار ترجمتها باللغة الإنجليزية عام 1975 فسنجده لا يتجاوز 550 صفحة. وإذا نظرنا عن قرب لهذه اليوميات فسنجد أن “كافكا” كانت تنتابه، إن جاز التعبير، نوبة من الانكباب على تدوين اليوميات، وسنجد أن هذه السنوات هي التي أسفرت عن وصول هذه اليوميات إلى الحجم السابق ذكره، وسنكتشف أن ثمة سنوات كان يداوم فيها “كافكا” على كتابة اليوميات بشكل منتظم، وسنوات أخرى، مثل الأعوام من 1919 وحتى 1923، لم يقم فيها “كافكا” إلا بتدوين صفحة في كل سنة تقريبًا. وحتى السنوات التي كان فيها “كافكا” مواظبًا على كتابة اليوميات، مثل الفترة من 1911 وحتى 1914، لم يكن يكتبها بصفة يومية منتظمة. وهذا يتفق تمامًا مع الطبيعة التي نعرفها جميعًا عن “كافكا” في كل ما كتبه. جدير بالذكر أن اليوميات المشار إليها أعلاه صدرت مترجمة عن الألمانية في طبعة واحدة، وقام بترجمة السنوات من 1910 وحتى 1913 إلى الإنجليزية “جوزيف كريش”، ومن 1914 وحتى 1923 “مارتن جرينبرج” بمساعدة “حنا أرندت”، وتلك الترجمة مأخوذة عن الترجمة الإنجليزية لـ “جوزيف كريش”.

 

11 فبراير. أثناء قراءتي لبروفات “المحاكمة”، دونت كل العلاقات التي أصبحت واضحة لي في القصة بقدر ما أتذكرها الآن. هذا ضروري لأن القصة خرجت مني مثل ولادة حقيقية، مغطاة بالقذارة والوحل، ولديّ الآن فقط اليد التي يمكنها الوصول إلى الجسم نفسه، وقوة الرغبة في عمل هذا: الصديق هو حلقة الوصل بين الأب والابن، إنه الرباط الأقوى المشترك فيما بينهما. جالسًا بمفرده في نافذته، يبحث “جورج” وينقب على نحو مثير في هذا الوعي عما يتشابهان فيه، يعتقد أن لديه والده في داخله، وأنه سيكون في سلام مع كل شيء إذا لم يكن هناك استغراق عميق في تفكير حزين وزائل. الأب أثناء القصة، بسبب الوضع المتشدد الذي للأشياء الأخرى الأقل التي يتقاسمانها بشكل مشترك يعطيه – الحب والولاء للأم، والإخلاص لذكراها، والزبائن الذين كان (الأب) هو أول من كسبهم لصالح العمل – يستخدم الرابط المشترك للصديق لجعل نفسه كخصم لـ “جورج”. يترك “جورج” بلا شيء، العروسة، التي تعيش في القصة في علاقة مع الصديق فقط، والتي هي مشتركة بين الأب والابن، تم إبعادها بسهولة من جانب الأب نظرًا لأنه ليس هناك زواج قد تم حتى الآن، ولذا لا يمكنها أن تخترق دائرة علاقة الدم المرسومة حول الأب والابن. ما هو مشترك بينهما مبني بالكامل حول الأب، يمكن أن يشعر “جورج” به فقط كشيء غريب أو دخيل، شيء أصبح مستقلا، حيث إنه لم يمنح الحماية الكافية، التي تعرّضت لها الثورات الروسية، ولأنه هو وحده فقط الذي فقد كل شيء باستثناء وعيه بأن الأب قد أصدر الحكم، الذي عزل الأب عنه كلية، وكان له تأثير قوي جدًا عليه.

اسم “جورج” (Gorge) له نفس عدد الأحرف الذي لاسم “فرانز” (Franz). في كلمة “بيندمان” (Bendemann)، “مان” (mann) هي تشديد النبر لـ “بيند” (Bende) من أجل الاحتياط لكل الاحتمالات غير المتوقعة حتى الآن في القصة.

لكن “بيند” (Bende) لها بالضبط نفس عدد الأحرف المتحركة التي لـ “كافكا” (Kafka)، والحرف المتحرك “e” يقع في نفس المكان من الكلمة الذي يقع فيه الحرف المتحرك في كلمة “كافكا”.

اسم “فريدا” له الأحرف العديدة التي لـ “فيليس” ونفس الحرف الأول (F)، “براندينفيلد” (Brandenfeld) لها الحرف الأول نفسه الذي لـ “بايور” (Bauer)، وفي كلمة “فلد” ثمة علاقة بعينها مرتبطة بالمعنى، أيضًا.

ربما حتى التفكير في برلين ليس من دون تأثير وربما تذكر “مارك براندينبرج” له نفس التأثير.

12 فبراير. في وصف الصديق واصلت التفكير في “ستيور”. الآن عندما حدث أن قابلته منذ ثلاثة أشهر تقريبًا بعد كتابتي للقصة، أخبرني أنه قد ارتبط منذ حوالي ثلاثة أشهر.

بعدما قرأت القصة أمس عند “ويلتش”، خرج السيد “ويلتش” العجوز، وعندما، بعد وقت قصير، أثنى بصفة خاصة على الأوصاف التفصيلية في القصة. قال وذراعه ممتدة: “إنني أرى هذا الأب ماثلا أمامي”، طوال الوقت وأنا أنظر مباشرة إلى الكرسي الفارغ الذي كان جالسًا عليه بينما كنت أقرأ.

قالت أختي: “إنه بيتنا”. كنت مندهشًا كم كانت مخطئة في المكان، وقالت: “في تلك الحالة، إذن، سيتوجب على الأب أن يعيش في المرحاض”.

28 فبراير. وصل “إيرنست ليمان” إلى “القسطنطينية” في رحلة عمل صباح يوم خريفي ممطر، وكان كعادته – كانت هذه هي المرة العاشرة التي يقوم فيها بهذه الرحلة – لا يعير انتباهًا إلى أي شيء آخر، مضى عبر الشوارع الخالية على غير المعتاد إلى الفندق الذي كان يتوقف فيه دائمًا والذي وجده مناسبًا له. كان الجو باردًا تقريبًا، ورذاذ المطر يعصف إلى داخل الحنطور، وهو ضائق بالطقس السيئ الذي كان يلاحقه طوال رحلة عمله هذه السنة، رفع نافذة الحنطور ومال إلى الخلف في أحد الأركان ليغط في النوم لخمس عشرة دقيقة أو نحو ذلك من المسافة المتبقية. لكن نظرًا لأن السائق مضى به مباشرة خلال المنطقة التجارية، فلم يكن بوسعه الحصول على أية راحة، فصيحات الباعة الجائلين، وتحزيم حافلات نقل البضائع الثقيلة، إلى جانب أشكال أخرى من الضوضاء، الخالية من المعنى ظاهريًا، مثل حشد يصفق أيديه، أزعجت في العادة نومه العميق.

في نهاية رحلته كانت هناك مفاجأة غير سارة في انتظاره. أثناء الحريق الهائل الأخير في “استامبول”، الذي ربما قرأ عنه “ليمان” أثناء رحلته، احترق “فندق كينجستون”، الذي كان من عادته التوقف فيه، احترق تقريبًا حتى الأرض، لكن السائق، الذي كان على دراية بهذا بالطبع، نفذ مع ذلك توجيهات راكبه بلا مبالاة كاملة، ومن دون أن ينبس بكلمة وصل به إلى مكان الفندق الذي احترق. نزل الآن بهدوء عن الصندوق، وكان من الممكن حتى أن يفرغ أمتعة “ليمان” لو لم يكن الأخير قد أمسك بكتفه وهزه، عندئذ ترك السائق الأمتعة، بالتأكيد، لكن ببطء وهو نعسان كما لو لم يكن “ليمان” وإنما تغييره لرأيه هو الذي أثناه عن هذا.

جزء من الطابق الأرضي للفندق كان لا يزال سليمًا وقد جعل صالحًا للسكنى نوعًا ما بتغطية القمة والأجناب بألواح خشبية. أشارت لافتة باللغة التركية والفرنسية إلى أن الفندق سيعاد تشييده خلال وقت قصير كأجمل وأحدث بناء. كانت الإشارة الوحيدة على هذا حتى الآن هي عمل ثلاثة عمال يومية، كانوا يكوّمون بواسطة الجواريف وأدوات التقليب الأنقاض في أحد الأجناب ثم تحميلها فوق عربة يد صغيرة.

حسبما اتضح الأمر، فإن جزءًا من موظفي الفندق، العاطلين بسبب الحريق، كان يعيش في هذه الأنقاض. جاء رجل وقور في سترة رسمية طويلة سوداء ورابطة عنق حمراء فاتحة يجري في الحال عندما توقف حنطور “ليمان”، وأخبر “ليمان”، الذي استمع له في غضب، بقصة الحريق، وأثناء ذلك كان يلوي أطراف لحيته الطويلة الرفيعة حول إصبعه، وقطع هذا فقط كي يلفت نظر “ليمان” إلى مكان بداية الحريق، وكيف انتشر، وكيف انهار كل شيء في النهاية. “ليمان”، الذي رفع عينيه بالكاد عن الأرض أثناء هذه القصة برمتها ومن دون أن يترك مقبض باب الحنطور، كان تقريبًا على وشك أن ينطق إلى السائق باسم فندق آخر يمكنه أن يقوده إليه عندما ناشده الرجل في السترة الرسمية، بذراعين مرفوعتين، ألا يذهب إلى أي فندق آخر، بل أن يبقى مخلصًا لهذا الفندق، حيث، برغم كل شيء، دائمًا ما كان يحظى بالرضى. على الرغم من حقيقة أن هذا لم يكن سوى حديث خال من المعنى ولا يمكن لأحد أن يتذكر “ليمان”، تعرف “ليمان” بصعوبة شديدة فقط على أحد الموظفين الذكور وإحدى الموظفات، رآهما في الباب والنوافذ، وهو ما يزال يسأل، كرجل كانت عاداته عزيزة عليه، كيف عليه، إذًا، في لحظة كهذه بالذات، أن يبقى مخلصًا للفندق المحترق. عرف الآن – وكان عليه أن يبتسم للفكرة بطريقة لا إرادية – أن الحجرات الجميلة في البيوت الخاصة كانت متاحة للنزلاء السابقين لهذا الفندق، لكن لهم فحسب، ولم يكن “ليمان” بحاجة إلا لينطق بالكلمة وسوف يؤخذ على الفور إلى أحد هذه البيوت، فقد كانت قريبًا إلى حد ما، لن تكون هناك مضيعة للوقت والإيجار – فقط تمنوا أن يتفضل عليهم وستكون الحجرة بالطبع مجرد بديل – كان منخفضًا على غير العادة، على الرغم من أن الطعام، الطهي “الفينيي”، كان، إن أمكن، حتى أفضل والخدمة أيضًا أكثر اهتمامًا ومجاملة من “فندق كينجستون” السابق، الذي كان غير ملائم أو تنقصه بالفعل بعض الجوانب.

“شكرًا لك”، قال “ليمان”، ودخل إلى الحنطور. “سأكون في “القسطنطينية” لخمسة أيام فقط، لا يمكنني فعلا أن أقيم في بيت خاص خلال هذه الفترة من الوقت، أنا ذاهب إلى فندق من الفنادق. السنة التالية، على أية حال، عندما أعود ويكون فندقك قد أعيد تشييده، سأتوقف عندك فقط بالتأكيد. اعذرني!” وحاول “ليمان” إغلاق باب الحنطور، من المقبض الذي كان ممثل الفندق يمسك به الآن. “سيدي”، قال الثاني في تضرع، ورفع بصره إلى “ليمان”.

“دعني أنصرف”، صاح “ليمان”، هازًا الباب وموجهًا السائق قائلا: “إلى فندق رويال”. لكن سواء إن كان هذا بسبب عدم الفهم من جانب السائق، أو لأنه كان ينتظر إغلاق الباب، فقد جلس على أية حال فوق صندوقه مثل تمثال. لكن من دون غرض، لم يترك ممثل الفندق الباب، وأشار أيضًا بلهفة إلى زميل لينهض نفسه ويتقدم لمساعدته. كانت هناك بعض البنات وقد آمل بصفة خاصة أن يفعلن شيئًا ما، وظل ينادي: “فيني! هيه، فيني! أين فيني؟” الناس في النوافذ والباب التفتوا نحو الداخل حيث البيت، وهم يصيحون في حيرة، رآهم واحد يجرون وراء النوافذ، الجميع كانوا يبحثون عن “فيني”.

الرجل الذي كان يعوق “ليمان” عن الانصراف، والذي ربما كان الجوع فقط هو ما أعطاه الشجاعة للتصرف بمثل هذه الطريقة، كان بالإمكان دفعه بسهولة بعيدًا عن الباب. وقد أدرك الرجل هذا ولم يجرؤ حتى على النظر إلى “ليمان”، لكن “ليمان” الذي كانت لديه بالفعل تجارب كثيرة جدًا بائسة في أسفاره لم يعرف كيف أنه من المهم في بلد أجنبي تجنب عمل أي شيء يجذب الانتباه، بغض النظر عن الصواب الكبير الذي قد يكون عليه. لذلك خرج مرة ثانية من الحنطور، في الوقت الحاضر لم يعر انتباهًا للرجل الذي كان يمسك بالباب بقبضة متشنجة، فقد مضى إلى السائق، وكرر تعليماته، وأضاف بوضوح أنه عليه المضي بعيدًا عن هنا بأسرع ما يمكن، ثم تقدم إلى الرجل عند باب الحنطور، وأمسك يده بقبضة عادية فيما بدا، لكنه كان يضغط خفية على المفاصل في صرامة شديدة لدرجة أن الرجل قفز تقريبًا وأجبر على أن يبعد يده عن مقبض الباب، وكانت صرخة: “فيني!” أمرًا وانفجار ألم معًا.

“ها هي تأتي! ها هي تأتي!” جاءت الصيحات الآن من جميع النوافذ، والبنت التي كانت تضحك، ويداها لا تزال ممسكة بشعرها، وكانت قد ارتدت ملابسها لتوها، ورأسها نصف محنية، خرجت تجري من البيت نحو الحنطور. “بسرعة! إلى داخل الحنطور! إنه ينزلق” صرخت، ممكسة “ليمان” من كتفيه ومقربة وجهها جدًا من وجهه. “أنا فيني”. قالت عندئذ بنعومة، تاركة يديها تتحرك بمداعبة على امتداد كتفيه.

إنهم لا يقصدون فعلا ما هو شديد السوء بي، قال “ليمان” لنفسه وهو يبتسم إلى الفتاة، سيئ جدًا أنني لم أعد رجلا صغيرًا ولا أسمح لنفسي بالقيام بمغامرات خطرة.

“لا بد أن هناك قدر من الخطأ، يا آنسة”، قال، والتفتت نحو حنطوره: “أنا لم أطلب منهم أن يستدعوك ولا أعتزم المضي معك”. وأضاف من داخل الحنطور: “لا تزعجي نفسك أكثر من هذا”.

لكن “فيني” كانت قد وضعت بالفعل قدمًا على درجة الحنطور وقالت، ويداها معقودتان على صدرها: “لماذا لا تسمح لي أن أرشح لك مكانًا لتنزل فيه؟”

متعبًا من مصادر الإزعاج التي تعرّض لها بالفعل، مال “ليمان” إلى الخارج نحوها وقال: “من فضلك لا تؤخريني أكثر من هذا بأسئلة غير مفيدة! أنا ذاهب إلى أحد الفنادق وهذا كل شيء. ابعدي قدمك عن الدرج، وإلا فسوف تتأذين. انطلق، أيها السائق!”

“توقف!” صاحت الفتاة، رغم ذلك، وحاولت الآن بجدية حشر نفسها في الحنطور. نهض “ليمان”، هازًا رأسه، وسد الباب كله بجسده البدين. حاولت الفتاة دفعه بعيدًا، مستعينة في محاولتها برأسها وركبتيها، فبدأت العربة تتأرجح على زنبركاتها المستهلكة، ولم يكن لدى “ليمان” أي سيطرة حقيقية على الموقف.

“ولماذا لا ترغب في أخذي معك؟ ولماذا لا ترغب في أخذي معك؟” واصلت الفتاة مكررة.

كان بإمكان “ليمان” بالتأكيد أن يدفع الفتاة بعيدًا من دون بذل أي قوة استثنائية، على الرغم من أنها كانت قوية البنية، لو لم يسرع الرجل في السترة الرسمية، الذي ظل صامتًا حتى الآن كما لو كانت “فيني” قد أسعفته، لم يسرع الآن، عندما رأى “فيني” تترنح، بقفزة، ساندًا إياها من الخلف ومحاولا دفعها إلى داخل الحنطور باذلا كل قوته ضد مساعي “ليمان” التي كانت ما تزال في حالة تحكم وسيطرة دفاعية.

مدركة أنه كان يتراجع، شقت الفتاة طريقها بالقوة في الواقع إلى داخل الحنطور، وهي تجذب الباب الذي انغلق بشدة في نفس الوقت من الخارج، قائلة، كما لو كان إلى نفسها، “حسنًا، الآن”، قامت أولا بهندمة بلوزتها على عجل، ثم، بتعمد أكثر، بتسوية شعرها.

“هذا لا مثيل له”، قال “ليمان”، الذي سقط في مقعده، إلى الفتاة التي كانت تجلس قبالته.

2 مايو. أصبح من الضروري جدًا مواصلة كتابة اليوميات ثانية. أفكاري الشكوكية، “إف.”، الدمار في المكتب، الاستحالة البدنية للكتابة والحاجة الداخلية لها.

تخرج “فالي” من بابنا وراء زوج شقيقتي الذي سيغادر غدًا إلى “كزورتكوف” من أجل المناورات العسكرية. رائع، كم يدل هذا الذي يعقب اعتراف الزواج مباشرة كعرف أن يصبح المرء معتادًا عليه بمعنى الكلمة.

قصة ابنة البستاني التي أعاقت عملي أول أمس. أنا، من يرغب في مداواة تعب أعصابي عن طريق عملي، مجبر على سماع أن شقيق الفتاة، كان اسمه “جان” وكان البستاني الفعلي ويفترض أنه خليفة “دفورسكاي” العجوز، قد سمم نفسه بسبب الاكتئاب الحاد (الملنخوليا) منذ شهرين في وهو في الثامنة والعشرين. شعر أثناء الصيف أنه معافى نسبيًا على الرغم من طبيعته المنعزلة، نظرًا لأنه كان عليه على الأقل الاتصال بالعملاء، لكن أثناء الشتاء كان منطويًا كلية. كانت حبيبته تعمل كاتبة – أوريدنيس – فتاة مصابة بالاكتئاب الحاد مثله. في أحيان كثيرة كانا يذهبان معًا إلى المقبرة.

“ميناس” الضخم في العرض الياديشي (لغة يهود أوروبا). استولى عليّ كلية شيء ما ساحر في حركاته المنسجمة مع الموسيقا. نسيت أي شيء هو.

ضحكي الغبي اليوم عندما أخبرت أمي أنني ذاهب إلى برلين في عيد العنصرة. “لماذا تضحك؟” قالت أمي (من بين تعليقات أخرى عديدة، كان أحدها، “انظر قبل أن تقفز”، كلها، رغم ذلك، أعقبتها بتعليقات من جانبي مثل: “إنه لا شيء”، إلخ). “بسبب الارتباك”، قلت، وكنت سعيدًا لمرة واحدة لأنني قلت شيئًا ما حقيقيًا فيما يتعلق بهذا الشأن.

قابل “ب” أمس (مربيته القديمة). سكونها، وقناعتها، وصفاؤها، والافتقار إلى الارتباك، على الرغم من أنها أصبحت في السنتين الأخيرتين امرأة عجوز، بدانتها – حتى في ذلك الوقت تثقل عليها – التي ستصل قريبًا إلى درجة بالغة من السمنة العقيمة، وقد أصبح سيرها نوعًا من التدحرج أو جر الخطوة مع دفع البطن، أو بالأحرى حمله، إلى الأمام، وعلى ذقنها – في لمحة سريعة فقط إلى ذقنها – شعر مجعد الآن مما اعتاد أن يكون نازلا.

3 مايو. اللايقين الفظيع لوجودي الداخلي.

كيف أفك أزرار صداري لأطلع السيد “ب” على طفحي الجلدي. كيف أشير إليه بالتوجه إلى حجرة أخرى.

المجذوم وزوجته. الطريقة التي يواصل بها ظهرها – مستلقية في السرير على بطنها – الارتفاع بكل قروحه مرارًا وتكرارًا على الرغم من وجود ضيف. الطريقة التي يواصل بها الزوج الصياح فيها لتبقى مغطاة.

كان الزوج قد ضرب من الخلف بوتد – لا أحد يعرف من أين جاء – ضربة قاضية ونافذة. مستلق على الأرض ورأسه مرفوع إلى أعلى وذراعاه مفرودتان، يتفجع. أصبح فيما بعد قادرًا على أن يقف للحظة بترنح. يمكنه التحدث عن أي شيء باستثناء كيف ضرب، والإشارة إلى الاتجاه التقريبي الذي، في رأيه، جاء منه الوتد. هذا الحديث، دائمًا نفس الشيء، ممل الآن بالنسبة للزوجة، نظرًا لأن الرجل على وجه الخصوص يشير دائمًا في اتجاه آخر.

4 مايو. دائمًا صورة سكين الجزار العريض الذي بسرعة وآلية منتظمة يقطع في لحمي من الجانب فيقطع شرائح رفيعة جدًا تطير بعيدًا مثل النشارة تقريبًا بسبب سرعة العمل.

صباح يوم مبكر، كانت الشوارع لا تزال فارغة في كل الأنحاء طولا وعرضًا، فتح رجل، كانت قدماه عاريتين ويرتدي لباس النوم وبنطالا فحسب، باب العمارة الكبيرة المطل على الشارع الرئيسي. أوثق قسمي الباب وأخذ نفسًا عميقًا. “البؤس، آه، البؤس اللعين”، قال ونظر، بهدوء فيما يبدو، أولا بطول الشارع ثم إلى بعض البيوت.

يائسًا من هذا الاتجاه أيضًا. ليس هناك ترحيب في أي مكان.

1 – الهضم. 2 – تعب الأعصاب. 3 – الطفح الجلدي. 4 – القلق الداخلي.

24 مايو. أسير مع “بيكر”. في روح معنوية عالية لأنني أعتبر “الوقاد” جيدة جدًا. هذا المساء قرأتها لوالديّ، ليس هناك ناقد أفضل مني عندما أقرأ لأبي، الذي يصغي بنفور بالغ. العديد من الفقرات الضحلة متبوعة بأعماق غير مسبورة.

5 يونيه. الميزات الداخلية التي للأعمال الأدبية المتوسطة مستمدة من حقيقة أن كتابها لا يزالون أحياء والحاضر خلفهم. الإحساس الحقيقي بالتقدم في السن.

“لوي”، قصة عن اجتياز الحدود.

21 يونيو. القلق الذي أعانيه من جميع الجهات. الفحص من جانب الطبيب، الطريقة التي يضغط بها عليّ، إنني أفرغ نفسي فعليًا إلى الخارج وهو يتحدث بخطبه الجوفاء إليّ، ازدراء وعدم تفنيد.

العالم المروع الذي لدي في رأسي. لكن كم نفسي حرة وتحريرها من دون التمزق إلى قطع. والتمزق آلاف المرات إلى قطع صغيرة بدلا من الاحتفاظ بها فيّ أو دفنها. هذا، بالطبع، هو سبب وجودي هنا، إنه واضح تمامًا بالنسبة لي.

في صباح ربيع بارد حوالي الخامسة تمامًا رجل طويل في عباءة تصل إلى قدميه دق بقبضته على باب كوخ صغير انتصب في منطقة تلال عارية. كان القمر لا يزال أبيض ولامعًا في السماء. بعد كل ضربة من قبضته ينصت، كان هناك صمت داخل الكوخ.

1 يوليو. الرغبة في الوحدة الغافلة المتهورة. أن أكون وجهًا لوجه مع نفسي فقط. ربما سأحظى بهذا في “ريفا”.

أول أمس مع “وايس”، مؤلف “دي جالير”. الطبيب اليهودي، يهودي من النوع الذي هو أقرب إلى نوعية يهود أوروبا الغربية والذي يشعر المرء لذلك على الفور بالقرب منه. الميزة الكبرى للمسيحيين الذين لديهم ويتمتعون دائمًا بمشاعر الألفة والقرب في الاتصال العام، على سبيل المثال مسيحي تشيكي بين المسيحيين التشيك.

الزوج والزوجة اللذان في شهر العسل جاءا من فندق “دي ساكس”. بعد الظهر. إسقاط البطاقة في صندوق البريد. الملابس المجعدة، السرعة الكسولة، بعد ظهر فاتر وممل.

بالكاد ميزت الوجوه من النظرة الأولى.

صورة احتفال الذكرى المئوية الثالثة لـ “رومانوف” في “ياروسلافل” في “الفولجا”. القيصر، الأميرات الضائقات الواقفات في الشمس، شخصية واحدة فقط – هشة، وعجوز، وكسول، تتعكز على شمسيتها – تنظر إلى الأمام مباشرة. الوريث الشرعي على ذراع “كوساك” الضخم الحاسر الرأس. في صورة أخرى، الرجال الذين انقضى عليهم وقت طويل منذ أن مرّ بهم يلوحون عن بعد.

المليونير في فيلم “عبيد الذهب”. يجب ألا ننساه. الهدوء، الحركة البطيئة، الوعي بأهدافه، إسراع الخطوة عندما يكون الأمر ضروريًا، هزة الكتف. غني، مدلل، يهدهد للنوم، لكن كيف هب واقفًا مثل خادم وراح يزرع الغرفة التي أغلقت عليه في خان الغابة.

2 يوليو. بكيت على تقرير محاكمة “ماري إبراهام” البالغة من العمر ثلاثة وعشرين عامًا التي، بسبب الفقر والجوع، خنقت طفلتها “باربرا” التي لم تتجاوز التاسعة عشر شهرًا بالتمام، برابطة عنق رجالي استخدمتها كرباط. قصة روتينية جدًا.

الحريق الذي وصفته، في الحمام، إلى أختي فيلم مضحك. لماذا ليس بإمكاني أبدًا أن أفعل هذا في وجود أغراب؟

لن يمكنني على الإطلاق أن أتزوج من الفتاة التي عشت معها في نفس المدينة لمدة سنة.

3 يوليو. اتساع وتقوية الوجود من خلال الزواج. نص الموعظة. لكنني أشعر به تقريبًا.

عندما أقول شيئًا ما فإنه على الفور وفي النهاية يفقد أهميته. عندما أدونه يفقد أهميته أيضًا، لكن أحيانًا يكتسب أهمية جديدة.

طوق من خرز ذهبي صغير حول عنق لوحته الشمس.

19 يوليو. خرج من البيت أربعة رجال مسلحين. كل واحد منهم يحمل مِطرَدًا (سلاح قديم مؤلف من رمح وفأس حرب) أمامه بطريقة عمودية. من وقت لآخر كان أحدهما ينظر إلى المؤخرة ليرى إن كان يتقدم عمن كانوا يقفون هنا. كان هذا في وقت مبكر من الصباح، والشارع خاليًا تمامًا.

ما الذي تريده إذًا؟ تعال! – لا نرغب في هذا. دعنا!

كل المجهود الداخلي من أجل هذا فقط! لهذا السبب تترد الموسيقا القادمة من المقهى إلى هذا الحد في أذن المرء. رمية الحجر التي تكلمت عنها “إلزا ب.” تصبح مرئية.

(امرأة تجلس في المغزل. يدفع الباب فاتحًا إياه رجل مزود بسيف مغمود في جرابه (يمسكه على نحو غير محكم في يده)).

الرجل: هل كان هنا!

المرأة: من؟ ماذا تريد؟

الرجل: سارق الحصان. إنه يختبئ هنا. لا تكذبي! (يلوّح بالسيف).

المرأة: (رافعة بكرة الغزل لتحمي نفسها): لم يكن أحدًا هنا. دعني وشأني!

20 يوليو. في الأسفل على النهر تصطف قوارب عديدة، طرح الصيادون صناراتهم، إنه يوم كئيب. بعض الشباب، أرجلهم متصالبة، كانوا ممددين قبالة سياج حوض السفن.

عندما نهضوا ليشربوا نخب مغادرتها، رافعين كؤوس الشامبانيا، كان الفجر قد انبلج بالفعل. رافقها والداها وعدد من ضيوف العرس إلى الحنطور.

21 من يوليو. لا تيأس، ولا حتى من حقيقة أنك لا تيأس. فقط عندما يبدو كل شيء قد انتهى، تجيء قوى جديدة سائرة قدمًا، وهذا يعني على وجه التحديد أنك حي. وإذا لم تأت فإن كل شيء عندئذ ينتهي هنا، بصفة نهائية.

لا يمكنني النوم. أحلام فقط، دون نوم. اليوم، في حلمي، اخترعت نوعًا جديدًا من المركبات لمنحدر المتنزه. تأخذ فرعًا، ليس من الضروري أن يكون قويًا، ثبته في الأرض بزاوية طفيفة، أمسك بنهاية واحدة في يدك، اجلس عليه بطريقة جانبية، عندئذ سيسرع الفرع بالكامل بطبيعة الحال إلى أسفل المنحدر، نظرًا لأنك تجلس على الفرع فقد حملت إلى الأمام بأقصى سرعة، مهتزًا بشكل مريح على الخشب المرن. من الممكن أيضًا استخدام الفرع لتصعد ثانية. الميزة الرئيسية، بخلاف البساطة الكاملة للجهاز، تكمن في حقيقة أن الفرع، حيث إنه مرن ورفيع، يمكن خفضه أو يرفعه حسب الضرورة ليصل إلى أي مكان، حتى عندما يصل الشخص نفسه بصعوبة فقط.

أن تسحب خلال نافذة الطابق الأرضي لمنزل بحبل مربوط حول رقبة المرء وتجذب إلى أعلى، بوحشية ورث الثياب، خلال كل الأسقف، والأثاث، والجدران، والسندرات، من دون اعتبار، كما لو من قبل شخص لا يعير أدنى انتباه، حتى ترى الأنشوطة الفارغة، مسقطة الشظايا الأخيرة مني عندما تخترق بلاط السقف، فوق السقف.

طريق خاصة للتفكير. منفذة بعاطفة. كل شيء يشعر بنفسه كونه فكرة، حتى المشاعر الأكثر غموضًا (دوستويفسكي).

هذه البكرات والحبال للوجود الداخلي. رافعة صغيرة في مكان ما حررت سرًا، في البداية يدركها المرء بصعوبة، وفي الحال الأدوات بالكامل في حالة حركة.

مطيعًا لقوة غير مفهومة، كما تبدو الساعة مذعنة للوقت، تحدث صريرًا هنا وهناك، وكل السلاسل تصلصل مع طريقها المحدد أو المفروض واحدة تلو الأخرى.

ملخص كل النقاشات مع وضد زواجي:

1 – العجز عن تحمل الحياة وحيدًا، وهو ما لا يقتضي ضمنًا العجز عن العيش، العكس تمامًا، إنه من المستبعد حتى أنني أعرف كيف أعيش مع أي شخص، لكنني غير قادر، بمفردي، على تحمل هجوم حياتي، ومتطلباتي الشخصية، وهجمات الزمن والشيخوخة، والضغط الغامض للرغبة في الكتابة، والأرق، الجنون الوشيك – لا يمكنني أن أتحمل كل هذا بمفردي. أضيف بطبيعة الحال “ربما” إلى هذا. العلاقة مع “إف.” ستمنح وجودي قوة أكثر للمقاومة.

2 – كل شيء يستوقفني على الفور. كل نكتة في الجريدة الكوميدية، ما أتذكره عن “فلوبير” و”جريلبارزر”، لمحة من ثياب النوم على أسرة والديّ، التمدد طوال الليل، زواج “ماكس”. قالت أختي أمس، “كل المتزوجين (الذين نعرفهم) سعداء، أنا لا أفهم هذا”، استوقفني هذا التعليق أيضًا، أصبحت خائفًا مرة ثانية.

3 – يجب أن أكون بمفردي كثيرًا جدًا. ما أنجزته كان فقط نتيجة كوني بمفردي.

4 – أكره كل ما لا علاقة له بالأدب، المحادثات تضجرني (حتى لو كانت متعلقة بالأدب)، زيارة الناس تضجرني، الأحزان والأفراح الخاصة بأقاربي تضجرني حتى أعماق روحي. تكتسب المحادثات الأهمية، والجدية، والحقيقة الخاصة بكل ما أفكر فيه.

5 – الخوف من العلاقة، من الاتصال بالآخر. إذًا لن أكون بمفردي ثانية.

6 – في الماضي، بصفة خاصة، الشخص الذي هو أنا في صحبة شقيقاتي كان مختلفًا كلية عما هو عليه في صحبة أناس آخرين. شجاع، قوي، مذهل، مؤثر مثلما بطريقة أخرى أكون في حالة كتابة. إذ أمكن عبر توسط زوجتي من أن أكون مثلما أكون عليه في وجود الجميع! لكن عندئذ ألن يكون هذا على حساب كتابتي؟ أليس كذلك، أليس كذلك!

7 – وأنا بمفردي، ربما يمكنني فعلا أن أقلع يومًا ما عن عملي. وأنا متزوج، لن يكون ممكنًا أبدًا.

في فصلنا، الفصل الخامس لـ “جمنازيوم أماليا”، كان هناك ولد يدعى “فريدريش جس”، كرهناه جميعًا. إذا حضرنا إلى الفصل مبكرًا ورأيناه جالسًا في مكانه قرب الموقد يمكن أن نفهم كيف أنه بصعوبة كان يمكنه أن يستجمع قواه ليأتي إلى المدرسة ثانية. لكنني لا أقول هذا بالشكل الصحيح.

لم نكن نكرهه هو فحسب، كرهنا الجميع. كنا حلفًا فظيعًا. مرة، عندما كان مفتش منطقة المدرسة موجودًا في أحد الدروس – كان درس الجغرافيا والأستاذ، عيناه متحولة إلى السبورة أو النافذة مثل جميع أساتذتنا، كان يشرح “موري بينسلا” –

كان اليوم الأول للمدرسة، المساء كان يقترب بالفعل. أساتذة “أوبير جيمنازيوم” كانوا لا يزالون جالسين في حجرة المدرسين، يدرسون قوائم الطلبة، ويعدون كتب القائمة الجديدة، وهم يتحدثون عن رحلات إجازاتهم.

مخلوق بائس أنا!

فقط أجلد الحصان بشكل مناسب! اغرز المهماز فيه ببطء، ثم اسحبهما بهزة عنيفة، لكن الآن دعهما يحفران في اللحم بكل قوتك.

ياله من إجراء قاس جدًا!

هل كنا مجانين؟ عدونا خلال المتنزه في الليل نؤرجح الأغصان.

أبحرت بقارب في خليج طبيعي صغير.

بينما كنت في “الجمنازيوم”، من وقت إلى آخر اعتدت زيارة “جوزيف ماك” تحديدًا، صديق أبي المتوفى. عندما، بعد التخرج من “الجمنازيوم”، أنا –

بينما كان “هوجو سيفيرت” في “الجمنازيوم” اعتاد من وقت إلى آخر زيارة “جوزيف كيمان” تحديدًا، عجوز أعزب كان صديقًا لوالد “هوجو” المتوفي. توقفت الزيارات فجأة عندما ترك “هوجو”، الذي تلقى عرضًا للعمل في الخارج كان عليه أن يقبله في الحال، وطنه لعدة سنوات. عندما عاد اعتزم زيارة العجوز، لكن لم يجد أي فرصة، ربما مثل هذه الزيارة لم تعد تناسب رؤاه المتغيرة، وعلى الرغم من أنه كثيرًا ما كان يمر في الشارع الذي يسكن فيه “كيمان” حتى أنه رآه عدة مرات يحني خارج النافذة، وربما لاحظه بدوره، إلا أنه أهمل القيام بالزيارة.

لا شيء، لا شيء، لا شيء. الضعف، التدمير الذاتي، طرف من لهب الجحيم يثقب الأرضية.

23 يوليو. مع “فيلمس” في “روستوك”. النشاط الجنسي المتفجر للنساء. تلوثهم الطبيعي. المغازلة، عديمة المعنى بالنسبة لي، مع “لينا” الصغيرة. منظر امرأة بدينة تميل إلى الأمام في كرسي من السلال، قدم واحدة تدفع إلى الخلف بغرابة، كانت تخيط شيئًا ما وتتحدث إلى امرأة عجوز، ربما عانس تقدمت في السن، حيث بدت أسنانها كبيرة على غير العادة على جانب واحد من فمها. النسب الأصيل الخالص وحكمة المرأة الحامل. ظهرها تقريبًا منحوت بخطوط مقسمة بالتساوي. الحياة في الشرفة الصغيرة. كيف أخذت الفتاة الصغيرة على حجري ببرود، لست غير سعيد على الإطلاق فيما يتعلق بالبرود.

كيف يجلس سمكري بطريقة طفولية، يرى من خلال باب محله المفتوح، إلى عمله ويواصل الطرق بمطرقته.

“روسكوف”، تاريخ الشيطان: بين “كريبيي” (أبناء شعب هندي أحمر) الوقت الراهن، “هو من يعمل ليلا” ينظر إليه أو يعتبر مبتكرًا للعالم.

23 أغسطس. ربما كل شيء انتهى الآن والخطاب الذي كتبته أمس كان الأخير. سيكون ذلك أفضل بالتأكيد. ما أعاني منه، ما ستعاني منه – لا يمكن مقارنته بالمعاناة المشتركة التي ستنشأ. يجب أن أستجمع قواي تدريجيًا، سوف تتزوج هي، تلك هي الطريقة الوحيدة للحياة. لا يمكننا أن نشق طريقًا في الصخر لكلينا معًا، يكفي أننا أبكينا وعذبنا أنفسنا لمدة سنة. ستدرك هي هذا من خطاباتي الأخيرة. إذا لم يحدث، عندئذ سوف أتزوجها بالتأكيد، لأنني ضعيف جدًا إزاء مقاومة رأيها بخصوص مصيرنا المشترك وأنا عاجز عن عدم تنفيذ، بقدر ما أستطيع، شيء تعتبره هي ممكنًا.

مساء أمس في “بوليفار” تحت النجوم.

14 أغسطس. العكس هو ما حدث. كانت هناك ثلاثة خطابات. الخطاب الأخير لم يكن بمقدوري مقاومته. أحبها بقدر ما يسعني، لكن الحب يكمن مدفونًا إلى حد الاختناق تحت الخوف والتوبيخ أو التقريع الذاتي.

استنتاج لحالتي من “الحكم”. إنني مدين بطريقة غير مباشرة للقصة. لكن “جورج” ينهار بسبب خطيبته.

الجِمَاع كعقوبة لكوننا سعداء معًا. العيش بزهد قدر الإمكان، أكثر زهدًا من الأعزب، هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة لي لتحمل الزواج. لكن ماذا عنها؟

على الرغم من كل هذا، إذا نحن، أنا و”ف.”، لنا نفس الحقوق، لو لنا نفس الآمال والاحتمالات، فإنني لن أتزوج. لكن هذه الحارة السد التي زججت حياتها فيها ببطء تجعل هذا واجبًا حتميًا بالنسبة لي، على الرغم من أن نتائجه صعب التنبؤ بها على الإطلاق. قدر من القانون السري للعلاقة الإنسانية ذو أثر أو فاعلية هنا.

واجهتني صعوبة كبيرة في كتابة خطاب إلى والديها، خصوصًا لأن المسودة الأولى، التي كتبت في ظل ظروف سيئة بعينها، ظلت لفترة طويلة تقاوم كل تغيير. اليوم، مع ذلك، كنت على وشك النجاح تقريبًا، على الأقل ليس هناك كذب فيها، وبرغم كل شيء مازال هناك شيء ما يمكن أن يقرأه والداها ويفهماه.

15 أغسطس. أتعذب عذابًا شديدًا في السرير حتى الصباح. فقط الحل الوحيد هو القفز من النافذة. جاءت أمي إلى جانب سريري وسألتني إن كنت قد أرسلت الخطاب وإذا ما كان نصي الأصلي. قلت إنه كان النص الأصلي، بل حتى عمل أكثر حدة. قالت إنها لا تفهمني. أجبت، بالتأكيد إنها لا تفهمني إلى أقصى حد، وعلى الإطلاق فيما يتعلق فقط بهذه المسألة. سألتني فيما بعد إن كنت سأكتب للعم “ألفريد”، فهو يستحق هذا. سألت لماذا يستحق هذا.

لقد أبرق، وكتب، لديه الكثير من صلاحك حتى النخاع. “ببساطة إنها شكليات”، قلت، “إنه غريب عني كلية، يسيء فهمي كلية، لا يعرف ما أريده وأحتاجه، ليس هناك ما هو مشترك بيني وبينه”.

“إذًا لا أحد يفهمك”، قالت أمي، “أفترض أنني غريبة عنك أيضًا، ووالدك نفس الشيء. إذًا نحن جميعًا نريد فقط ما هو سيئ لك”.

“بالتأكيد، إنكم جميعًا غرباء عني، نحن مرتبطون برباط الدم فحسب، لكن هذا لا يعبر عن نفسه أبدًا. بالطبع أنت لا تريدين لي ما هو سيئ”.

عبر هذا وعدة ملاحظات أخرى عن نفسي وصلت لاعتقاد أن هناك إمكانيات دائمًا في حسمي الداخلي المتزايد وقناعتي التي قد تمكنني من اجتياز اختبار الزواج على الرغم من كل شيء، وحتى لقيادته في اتجاه مؤات لتطوري. بالطبع، إلى حد معين، هذا الاعتقاد بأنني تعلقت عندما كنت بالفعل على حافة شباك النافذة.

سأعزل نفسي عن الجميع إلى حد فقدان الوعي. أتخذ من الجميع عدوًا لي، لا أتحدث مع أحد.

الرجل ذو العيون الداكنة القوية الذي كان يحمل كومة من المعاطف القديمة على كتفه.

ليوبولد إس. (رجل قوي طويل، بحركات مترنحة خرقاء، تدلت على نحو غير محكم، ملابس مكرمشة ذات مربعات، يدخل بسرعة عبر الباب الأيمن إلى الحجرة الكبيرة، يصفق يديه، ويصيح): “فليس! فليس!” (من دون التوقف للحظة لإجابة صيحته يسرع إلى الباب الأوسط الذي يفتحه، ويصيح ثانية) “فليس!”

فليس سي. (تدخل عبر الباب الموجود على اليسار، تتوقف في الباب، امرأة تبلغ من العمر أربعين سنة في مريلة مطبخ): “ها أنا، يا “ليو”. كم أصبحت عصبيًا مؤخرًا! ما الذي تريده؟”

ليوبولد: (يستدير بهزة، ثم يتوقف ويعض شفتيه): “حسنًا، إذن، تعال إلى هنا!” (يمضي إلى الأريكة).

فليس: (لا تتحرك): “بسرعة! ما الذي تريده؟ يجب عليّ فعلا أن أعود ثانية إلى المطبخ”.

ليوبولد: (من فوق الأريكة): “انس المطبخ! تعال إلى هنا! أريد أن أخبرك بشيء مهم. سيعوضك عن هذا. حسنًا، تعال!”

فليس: (تمضي نحوه ببطء، رافعة حمالات مريلتها): “حسنًا، ما هو هذا المهم جدًا؟ إذا كنت تستهزئ بي سأغضب، بشكل جدي”. (تتوقف أمامه).

ليوبولد: حسنًا، اجلسي، إذًا.

فليس: وفرضًا أنني لا أرغب في هذا؟

ليوبولد: إذًا لن يمكنني أن أخبرك به. يجب أن تجلسي بالقرب مني.

فليس: حسنًا، ها أنا أجلس الآن.

21 أغسطس. اليوم حصلت على “كتاب الحكم” لـ “كيركيجارد”. كما توقعت، حالته، على الرغم من الفروق الجوهرية، مشابهة جدًا لحالتي، إنه على الأقل يقف على نفس الجانب الذي أقف فيه من العالم. إنه يؤيدني ويؤكدني مثل صديق. كتبت إلى والدها مسودة الخطاب التالي، الذي، إذا واتتني القوة، سوف أرسله غدًا.

أنت متردد في إجابة طلبي، من الممكن فهم هذا تمامًا، فكل أب سيفعل الشيء نفسه في حالة تقدم أي خطيب لطلب يد ابنته. لذا فإن ترددك ليس السبب في هذا الخطاب، إنه على الأكثر يزيد من أملي في تقدير صحيح وهادئ له. أكتب هذا الخطاب لأنني أخشى أن ترددك أو اعتباراتك قد نتجت أكثر عن تأملات عامة، أكثر منها عن إحدى الفقرات الواردة في خطابي الأول الذي جعلها ضرورية بالطبع والتي ربما فضحتني. تلك الفقرة المتعلقة بعدم احتمالي لعملي.

ربما ستمر مرور الكرام متجاهلا ما أقوله، لكن لا يجب عليك هذا، بالأحرى يجب عليك أن تتحرى عنه بعناية شديدة، حيث ينبغي عليّ في هذه الحالة أن أجيبك بعناية وفي اختصار كما يلي. إن عملي غير محتمل بالنسبة لي لأنه يتعارض مع رغبتي الوحيدة ومطلبي الوحيد، الذي هو الأدب. ونظرًا لأنني لا شيء غير الأدب وأريد وأرغب في ألا أكون على غير ذلك، فإن عملي لن يتملكني أو يستحوذ عليّ أبدًا، ربما، رغم ذلك، يحطمني تمامًا، وهذه احتمالية بعيدة على الإطلاق. الحالات العصبية الأسوأ تتحكم فيّ وتسيطر عليّ من دون توقف، وهذه السنة من القلق والعذاب بخصوصي وبخصوص مستقبل ابنتك قد كشفت على الوجه الأكمل عن عجزي إزاء المقاومة. ربما تسأل لماذا لا أقلع عن هذا العمل و – ليس لديّ أي مال – لا أحاول دعم نفسي عن طريق العمل الأدبي. بالنسبة لهذه النقطة يمكنني أن أجيب إجابة بائسة فقط وهي أنني ليست لديّ القوة على هذا، وذلك، بقدر ما يسعني أن أرى، ستتسبب بدلا من ذلك في تدميري بسبب هذا العمل، وسيكون هذا التدمير سريعًا.

والآن قارني بابنتك، هذه الفتاة السليمة المعافاة، المرحة، الطبيعية، القوية. كلما أعدت هذا عليها ربما في خمسمائة خطاب، هدأتني بكلمة “لا”، ذلك بالتأكيد ليس له أي أساس حقيقي مقنع – يبقى حقيقيًا مع ذلك أنها غير سعيدة معي دون شك، بقدر ما يمكنني أن أرى. أنا، ليس فقط بسبب ظروفي الخارجية بل حتى أكثر بكثير بسبب طبيعتي الأساسية، شخص مستاء وانطوائي وهادئ ومتحفظ، لكن من دون القدرة على أن أطلق على هذا بليتي، لأنه فقط انعكاس لهدفي. على الأقل يمكن استخلاص النتائج من نوعية الحياة التي أحياها في البيت. حسنًا، إنني أعيش في البيت وسط عائلتي، بين أناس هم الأفضل والأكثر جدارة بالحب، أكثر غرابة من الغريب. لم أتحدث سوى عشرين كلمة يوميًا في المتوسط إلى أمي خلال السنوات الماضية هذه، بالكاد لا أقول إلى أبي أكثر من “مرحبًا”. إنني لا أتحدث على الإطلاق مع شقيقاتي المتزوجات وأزواج شقيقاتي، وليس هذا لأن لديّ أي شيء ضدهم. السبب في هذا ببساطة أنه، ليس لديّ أدنى شيء تقريبًا لأتحدث فيه معهم. كل شيء غير الأدب يصيبني بالملل وأنا أكره هذا، لأنه يزعجني ويعوقني، لأنني فقط أعتقد أنه كذلك. أفتقر إلى كل الاستعدادات المتعلقة بالحياة العائلية باستثناء، في أفضل الأحوال، كمراقب. ليس لديّ أي شعور عائلي والزوار يجعلونني أشعر تقريبًا كما لو كنت أهاجم بحقد.

ربما لا يكون بإمكان الزواج أن يغيرني، بالضبط كما لا يمكن أن يغيرني عملي.

30 أغسطس. أين يمكنني أن أجد الخلاص؟ كم عدد الأكاذيب التي لم أعد أعرف حتى بشأنها سوف تظهر إلى السطح. لو كانت ستنتشر وتعم زواجنا كما تنتشر كلمة إلى اللقاء، فقد فعلت إذًا الشيء الصحيح بالتأكيد. في داخلي، مع نفسي، من دون علاقات إنسانية، ليست هناك أكاذيب مرئية. الدائرة المحدودة نقية.

14 أكتوبر. الشارع الصغيرة بدأ بجدار مقبرة على جانب واحد وبيت منخفض ببلكونة على الجانب الآخر. عاش في البيت المسئول المتقاعد، “فريدريش مانش”، وأخته، “اليزابيث”.

انطلق قطيع من الأحصنة خارج السياج.

ذهب صديقان في جولة الصباح.

“أيتها الشياطين، أنقذيني من هذا الظلام الدامس!” صاح تاجر عجوز كان قد استقلى على الأريكة متعبًا في المساء والآن، في الليل، استيقظ بصعوبة فقط بنداء على كل قوته. كانت هناك طرقات جوفاء على الباب. “تعال، تعال، كل شيء موجود بالخارج!”، صاح.

15 أكتوبر. ربما أمسكت نفسي ثانية، ربما سلكت سرًا الطريق الأقصر مرة أخرى، والآن أنا، المصاب باليأس فعلا في حالة من وحدة وعزلة، كبحت جماح نفسي ثانية. لكن حالات الصداع، والأرق! حسنًا، إنه يستحق الصراع، أو بالأحرى، ليس لي من خيار آخر.

كانت الإقامة في “ريفا” مهمة جدًا بالنسبة لي. للمرة الأولى فهمت فتاة مسيحية وعشت كلية تقريبًا ضمن مجال تأثيرها. أنا غير قادر على تدوين الأشياء المهمة التي أحتاج إلى تذكرها. ضعفي هذا يجعل رأسي البليد صافيًا وخاليًا فقط لحماية نفسه، لكن بقدر ما تسمح الحيرة لنفسها بالاحتشاد حتى الحد أو السطح الخارجي فقط. إلا أنني أفضل تقريبًا هذه الحالة على الملل المجرد والضغط غير المحدد والتحرر غير الأكيد الذي منه سيتطلب أولا شاكوشًا لسحقي.

محاولة فاشلة للكتابة إلى “إي. وايس”. وأمس، في السرير، كان الخطاب يغلي في رأسي.

أن تجلس في ركن من الترام، ومعطفك ملفوف حولك.

البروفيسور “جي.” في الرحلة من “ريفا”. أنفه الألماني البوهيمي يذكر المرء بالموت، متورم، محمر خجلا، هاجم خدين مليئين بالبثور رشاقة وجهه الشاحب، واللحية الشقراء بالكامل من حوله. مسكون بشهية مفتوحة وعطش. يحتسي بسرعة الحساء الساخن، يقضم ويلعق في نفس الوقت عَقِب السلامي العاري من اللحم، الجرعات الرزينة للبيرة الدافئة، العرق الذي يتدفق حول أنفه. البشاعة التي لا يمكن الاستمتاع أو التلذذ بها إلى النهاية حتى من جانب طماع يحدق ويتنشق.

كان البيت مغلقًا بالفعل. كان هناك ضوء في نافذتين بالدور الثاني، وفي نافذة واحدة في الطابق الرابع أيضًا. توقف حنطور أمام البيت. مضى الشاب إلى النافذة المضاءة في الطابق الرابع، فتحها، ونظر إلى أسفل حيث الشارع. في ضوء القمر.

كان الوقت متأخرًا بالفعل من الليل. فقد الطالب كل رغبة في مواصلة العمل. ولم يكن هذا ضروريًا على أية حال، فقد أحرز بالفعل تقدمًا كبيرًا خلال الأسابيع القليلة الماضية، ربما بإمكانه أن يرتاح قليلا ويقلل مقدار العمل الذي أداه في الليل. أغلق كتبه ودفاتره، ورتب كل شيء فوق منضدته الصغيرة، وكان على وشك أن يخلع ملابسه وينام. لكن بالصدفة، نظر نحو النافذة، وعندما شاهد البدر مضيئًا خطر له أنه لا يزال بإمكانه القيام بنزهة قصيرة في ليل الخريف الجميل وفي مكان أو آخر، ربما، ينعش نفسه بفنجان قهوة من دون لبن. أطفأ المصباح، وأخذ قبعته وفتح الباب المفضي إلى المطبخ. عادة لا يهمه على الإطلاق إن كان يتوجب عليه الذهاب دائمًا عبر المطبخ، فقد قللت هذه المشكلة أيضًا إلى حد بعيد من إيجار حجرته، لكن من وقت إلى آخر، عندما يكون هناك كم من الضوضاء غير معتاد في المطبخ، أو عندما، مثل اليوم، يريد الخروج في وقت متأخر من المساء، كان يصاب بالضيق.

في حالة من اليأس. اليوم، نصف نائم أثناء فترة بعد الظهر: في النهاية سيفجر الألم رأسي بالفعل. وفي المعابد. ما رأيته عندما صورت هذا لنفسي كان فعلا إصابة إثر طلق ناري، لكن حول الفتحة كانت الحواف المتعرجة قد انحنت مباشرة، كما في حالة علبة صفيح تمزقت من الفتح العنيف.

لا تنس “كروبوتكين!”

20 أكتوبر. الحزن غير المتخيل في الصباح. في المساء قراءة “دير فال جاكوبسون” لـ “جاكوبسون”. هذه القوة على العيش، واتخاذ القرارات، والابتهاج بوضع المرء لقدمه في المكان المناسب. إنه يجلس بنفس الطريقة التي يجلس بها مجدف متمرس في قاربه والتي سيجلس بها في أي قارب آخر. أردت الكتابة له.

بدلا من رغبتي في الذهاب للتمشية، محوت العاطفة كلها التي تشبعت بها في محادثة مع “هاس”، الذي صدمت فيه، النساء اللاتي أثرنني، أقرأ الآن “التحول” في البيت وأجدها سيئة. ربما أنا ضائع فعلا، سيعاودني ثانية حزن صباح هذا اليوم، لن أكون قادرًا على مقاومته لمدة طويلة، إنه يحرمني من كل أمل. ليس لدي حتى الرغبة في مواصلة كتابة اليوميات، ربما لأن هناك بالفعل ما يفتقر إليه جدًا فيها، ربما لأنه ينبغي عليّ بصورة دائمة أن أصف أحداثًا غير مكتملة – حسب الظاهر فهي ناقصة بالضرورة – وربما لأن الكتابة نفسها تزيد حزني.

سوف أكتب عن طيب خاطر قصصًا خرافية (لماذا أكره الكملة هكذا؟) هذا يمكن أن يسر “دبليو.” (جيرتي واسنر، الفتاة التي قابلها في “ريفا”) وربما تبقى أحيانًا تحت المائدة أثناء الوجبات، تقرأ بين الجرعات، وتحمر من الخوف عندما تلاحظ أن طبيب المصحة كان يقف خلفها الآن من فترة قصيرة ويراقبها. إثارتها في بعض الأحيان – أو فعلا كل الوقت – عندما تسمع القصص.

ألاحظ أنني خائف تقريبًا من الإجهاد البدني المصاحب لمجهود التذكر، خائف من الألم الذي تحته أرضية الفراغ الطائش للعقل تنفتح ببطء، أو حتى فقط تقيأ أو طرح القليل عند التحضير. كل الأشياء تقاوم تدوينها. إذا عرفت أن وصيتها بألا أذكرها كانت ذات أثر هنا (حافظت عليها بإخلاص، من دون مجهود تقريبًا)، فيجب إذًا أن أكون راضيًا، لكنه ليس سوى عجز. بالإضافة إلى ذلك، ما أنا بصدد التفكير فيه حقيقة أنني في هذا المساء، لفترة طويلة، كنت أتأمل المدى الذي قد كلفتني إياه معرفتي بـ “دبليو.” في التمتع مع المرأة الروسية، التي ربما في الليل (هذا مستحيل على الإطلاق) قد سمحت لي بدخول حجرتها، التي كانت منحرفة فوق حجرتي. في حين كان تعاملي في المساء مع “دبليو.” موصولا عبر لغة طرقات كان معناها أننا لن نتفق بكل تأكيد. قمت بالطرق على سقف حجرتي تحت حجرتها، تلقيت إجابتها، ملت من النافذة، ألقيت عليها التحية، سمحت لنفسي مرة أن تسر بسببها، مرة انتزعت الوشاح الذي أسدلته، جالسًا على حافة شباك النافذة ساكنًا لساعات، منصتًا لجميع خطواتها فوق، معتبرًا بطريقة خاطئة كل ضربة مفاجئة أنها علامة تفاهم، منصتًا لسعالها، وغنائها قبل أن تسقط في النوم.

21 أكتوبر. يوم ضائع. زيارة إلى مصنع “رينجهوفر”، سيمنار “إهرينفيلز”، عند “ويلتش”، العشاء، السير، وصلت هنا الآن في العاشرة تمامًا. أواصل التفكير في الخنفساء السوداء، لكنني لن أكتب.

في الميناء الصغير لقرية صيد السمك كان قارب يستعد لرحلة. شاب في بنطلون بحار عريض كان يشرف على العمل. كان بحاران عجوزان يحملان أجولة وصناديق إلى معبر حيث يأخذ رجل طويل، ساقاه مفرودتان على آخرهما، كل شيء ويسلمه إلى أياد كانت ممدودة نحوه من داخل القارب المظلم. فوق الأحجار الكبيرة المقطوعة على هيئة مربعات والتي تحيط بركن من الرصيف، جلس خمسة رجال نصف مضجعين، كانوا ينفثون دخان غلايينهم في جميع الاتجاهات.

من وقت إلى آخر كان الرجل في بنطال البحار العريض يصعد إليهم، ينطق ببعض الكلام، ويضربهم على ركبهم. كان إبريق من الخمر يجلب عادة من وراء حجر حيث احتفظ به في ظله، ويمر كأس نبيذ أحمر غير شفاف من رجل إلى آخر.

22 أكتوبر. متأخر جدًا. حلاوة الحزن والحب. الابتسام من جانبها في القارب. كان ذلك الأجمل بين كل شيء. دائمًا فقط الرغبة في الموت وليس – مع ذلك – الاستسلام، هي الحب وحده.

ملاحظة الأمس. الوضع الأكثر مناسبة لي، الاستماع إلى محادثة بين شخصين يناقشان مسألة تخصهما بصفة خاصة بينما ليس لي من اهتمام إلا بعيد جدًا، حيث فيه بالإضافة إلى ذلك محبة تامة للغير.

26 أكتوبر. جسلت العائلة للعشاء. عبر النوافذ العارية من الستائر يمكن للمرء أن يتطلع إلى ليل المدار الاستوائي.

“من أنا، إذًا؟” وبخت نفسي. نهضت عن الأريكة التي كنت ممددًا عليها وركبتاي مرفوعتان، وجلست مستقيمًا. الباب، الذي يؤدي مباشرة من السلم إلى حجرتي، انفتح ودخل شاب برأس منحن وعينين ثاقبتين. مشى، بقدر ما كان هذا ممكنًا في الحجرة الضيقة، في منحنى حول الأريكة وتوقف في ظلمة الركن المجاور للنافذة. أردت أن أرى أي نوع من الشبح هذا، مضيت إلى هناك، وأمسكت بالرجل من ذراعه. كان شخصًا حيًا. رفع بصره إليّ – أقصر قليلا مني –بابتسامة، وبإهمال شديد أومأ قائلا: “فقط اختبرني” كان ينبغي أن يقنعني. على الرغم من هذا، أمسكت به من الأمام من الصدار ومن الخلف بواسطة السترة وهززته. جذبت سلسلة ساعته الذهبية القوية والجميلة انتباهي، انتزعتها وجذبتها إلى أسفل حتى تمزقت العروة التي كانت مثبتة فيها بإحكام. تحمل هذا، ونظر ببساطة إلى الضرر، وحاول بلا جدوى أن يبقي على زرار الصدار في العروة الممزقة. “ما الذي تفعله؟” قال أخيرًا، وأراني الصدار. “فقط اهدأ!” قال بشكل تهديدي.

بدأت أجري في كل مكان في الحجرة، انتقلت من المشي إلى الجري، ومن الجري إلى العدو، كل مرة مررت فيها بالرجل كنت أشهر قبضي في وجهه. لم ينظر حتى إليّ بل كان منشغلا بصداره. شعرت بإقدام شديد، حتى أن تنفسي كان غير عادي، وشعر صدري أن ملابسي فقط تعوقه عن الارتفاع أو الانتفاخ بصورة ضخمة.

لأشهر عديدة كان “ويلهام مينز”، كاتب الحسابات، يعتزم مفاتحة فتاة اعتاد بانتظام أن يقابلها في الطريق إلى المكتب في الصباح في شارع طويل جدًا، أحيانًا عند نقطة ما، وأحيانًا أخرى عند نقطة أخرى. وقد أصبح مروضًا بالفعل على حقيقة أن هذا سيظل نية من جانبه – لم يكن جريئًا جدًا في وجود النساء، وبالإضافة إلى هذا، لم يكن الصباح وقتًا ملائمًا للتحدث مع فتاة كانت في عجلة من أمرها – عندما حدث ذلك ذات مرة، وقت عيد الميلاد تقريبًا، أن رأى الفتاة تسير أمامه مباشرة. “آنسة”، قال. التفتت، تعرفت على الرجل الذي دائمًا ما التقته في الصباح، من دون أن تتوقف تركت عينيها تتفحصانه بتمهل للحظة، ونظرًا لأن “مينز”، لم يقل ما هو أكثر من هذا، فقد تحولت عنه ثانية. كانا في شارع مضاء بإضاءة ساطعة وسط حشد كبير من الناس وكان “مينز” قادرًا، من دون جذب للانتباه، أن يقترب منها أكثر إلى حد ما. في لحظة القرار هذه اعتقد “مينز” أن ليس لديه ما يقوله، لكنه كان مصرًّا على ألا يبقى غريبًا أكثر من هذا، لأنه اعتزم بالتأكيد المضي على نحو أبعد بأمر بدا شديد الخطورة، وهكذا تجرأ بقدر كاف لشد سترة الفتاة بقوة إلى أسفل. تعاملت الفتات مع الأمر كما لو أن شيئًا لم يحدث.

6 نوفمبر. من أين الثقة المفاجئة؟ لو كانت ستبقى فقط! إذا أمكنني الدخول والخروج من كل باب بهذه الطريقة، شخص منتصب على نحو مقبول. فقط لا أعرف إن كنت أرغب في هذا.

لم نرغب في إطلاع أبائنا على أي شيء متعلق بهذا الأمر، لكننا كنا نتقابل كل مساء بعد التاسعة تمامًا، أنا وقريبان لي، قرب سياج المقابر في مكان حيث أتاح ارتفاع صغير في الأرض رؤية جيدة.

السياج الحديدي للمقابر يترك مكانًا لنمو عشب كبير في مكان فارغ على اليسار.

17 نوفمبر. حلم: في طريق صاعد، يبدأ من اليسار عندما تتم رؤيته من أسفل، تكمن هناك، تقريبًا في وسط المنحدر وفي الطريق في الأغلب، كومة من القمامة أو كتل من الطين الصلب الذي تفتت إلى قطع أصغر وأصغر على اليمين بينما انتصبت على اليسار بمثل طول أوتاد السياج. مشيت على الجانب الأيمن حيث كان الطريق واضحًا تقريبًا ورأيت رجلا على دراجة يقترب نحوي من أسفل ويتقدم فوق دراجة في خط مستقيم بصعوبة فيما يبدو. كان رجلا بدا أن لا عينين له، على الأقل بدت عيناه مثل فتحتين مطموستين. كانت الدراجة متهالكة وتمضي بطريقة مهتزة وغير واثقة، لكن مع ذلك من دون صوت، في هدوء وسهولة مبالغ فيهما تقريبًا. أمسكت بالرجل في آخر لحظة، أمسكت به كما لو كانت أمسك بمقودي دراجته، وقدت الأخير إلى الفجوة التي كنت قد جئت عبرها. ثم سقط نحوي، كنت الآن كبيرًا مثل عملاق ومع ذلك كنت أواجه صعوبة الاستمرار في حمله دون انقطاع، إلى جانب، الدراجة، كما لو من دون تحكم أو سيطرة، بدأ في التحرك إلى الخلف، حتى ولو ببطء، وسحبني في أثره. مضينا وراء شاحنة مفتوحة كان على متنها عدد من الناس يقفون معًا في ازدحام، يرتدون جميعًا ملابس داكنة، بينهم عضو كشافة يضع قبعة رمادية فاتحة بحافة مرفوعة. انتظرت هذا الولد، الذي تعرفت عليه بالفعل عن بعد، ليساعدني، لكنه انصرف ودس نفسه بين الناس. ثم، خلف هذه الشاحنة المفتوحة – واصلت الدراجة الاندفاع إلى الأمام وكان عليّ، وأنا محني، وساقاي منفرجتان، أن أتابع – جاء نحوي شخص ما ساعدني، لكن ليس بإمكاني تذكره. أعرف فقط أنه كان شخصًا جديرًا بالثقة يخفي نفسه الآن كما لو خلف ستار من القماش الأسود وكان عليّ أن أحترم اختفاءه.

18 نوفمبر. سأكتب ثانية، لكن كم عدد الشكوك التي لديّ في غضون ذلك بخصوص كتابتي؟ في العمق أنا شخض عاجز، وجاهل، إذا لم يكن مجبرًا – من دون أي مجهود من جانبه ومدرك بالكاد للرغبة المتسلطة عليه – على الذهاب إلى المدرسة، سيكون مناسبًا فقط أن يجثم في بيت الكلب، ويثب إلى الخارج عندما يقدم له الطعام، ويقفز عائدًا مرة ثانية عند ابتلاعه.

كلبان في إحدى الساحات التي لمعت فيها الشمس جريا نحو أحدهما الآخر بشكل عنيف من اتجاهين متعاكسين.

قلق وكدح بخصوص بداية خطاب إلى الآنسة “بي إل.”.

19 نوفمبر. قراءة اليوميات تؤثر فيّ. هل هذا لأنني لم يعد لدي أدنى ثقة الآن؟ كل شيء يتبدى لي أنه بناء مصطنع من جانب العقل. كل إشارة من جانب شخص آخر، كل نظرة مفاجئة تلقي بكل شيء داخلي على الجانب الآخر، حتى ما قد نسي، حتى ما هو تافه كلية. إنني أكثر شكًا عن أي وقت مضى، أشعر فقط بقوة الحياة. وأنا فارغ بحماقة. أنا فعلا مثل نعجة ضالة في الليل وفي الجبال، أو مثل نعجة تلاحق هذه النعجة. أن تكون ضائعًا وليس لديك القوة للأسف على هذا.

أسير عمدًا خلال الشوراع حيث توجد العاهرات. المرور متجاوزًا إياهم يثيرني، الوجود المستبعد لكن المحتمل مع ذلك للمضي مع واحدة منهن. هل هذا شديد الشناعة؟ لكنني لا أعرف ما هو أكبر، والقيام بهذا يبدو لي بريئًا بصورة أساسية ولا يسبب لي الندم تقريبًا. أريد فقط البدينات، كبار السن، ذوات الملابس العتيقة الطراز التي لها، رغم ذلك، فخامة معينة بسبب الزينات المختلفة. من المحتمل أن امرأة واحدة تعرفني الآن. قابلتها اليوم بعد الظهر، لم تكن بعد في ملابس العمل الخاصة بها، وكان شعرها لا يزال مستويًا على رأسها، ولم تكن تضع قبعة، ترتدي بلوزة عمل كالتي لطاهية، وكانت تحمل حزمة ما، ربما إلى المغسلة. لن يجد أحد أي شيء مثير فيها، أنا فقط. نظر أحدنا إلى الآخر سريعًا. الآن، في المساء، في أثناء ذلك كان الطقس قد أضحى باردًا، رأيتها، ترتدي معطفًا بنيًا مصفرًا ضيقًا، على الجانب الآخر من الشارع الضيق المتفرع من “زيلتنيرستراس”، حيث تشق طريقها. نظرت إلى الخلف إليها مرتين، وقد رأت اللمحة بدورها، لكنني عندئذ جريت بعيدًا عنها بالفعل.

هذا الشك هو بالتأكيد نتيجة التفكير في “إف.”.

20 نوفمبر. كنت في السينما. “لولوت”. الوزير الطيب. الدراجة الصغيرة. صلح الآباء. كان مسليًا جدًا. قبل هذا، فيلم حزين، “حادث على رصيف الميناء”، بعده، الفيلم المرح “وحدي أخيرًا”. أنا فارغ وغير واع كلية، الترام العابر له شعور أكثر حيوية.

21 نوفمبر. حلم: مجلس الوزراء الفرنسي، أربعة رجال، يجلسون حول طاولة. مؤتمر منعقد. أتذكر الرجل الجالس على الجانب الأيمن الطويل من الطاولة، بوجهه المسطح في وضع جانبي (بروفيل)، بشرة ذات لون مصفر، أنفه المستقيم جدًا يبرز بعيدًا إلى الأمام (يبرز بعيدًا جدًا إلى الأمام بسبب استواء وجهه) وشارب أسود ثقيل مزيت مقوس على فمه.

الملاحظة البائسة التي هي بالتأكيد مرة ثانية نتيجة لشيء شيد بشكل مصطنع هو النهاية الأدنى تتأرجح في الفراغ في مكان ما: عندما التقطت المحبرة من فوق المكتب لأحملها إلى داخل حجرة المعيشة شعرت بنوع من الثبات داخلي، بالضبط مثل، على سبيل المثال، ركن مبنى مرتفع يظهر في الشبورة ويختفي ثانية في التو. لا أشعر بالضياع، شيء ما انتظر داخلي كان مستقلا عن الناس، حتى عن “إف.” ما الذي سيحدث لو كنت بصدد الفرار، مثلما يجري المرء أحيانًا خلال الحقول؟

هذه التنبؤات، وهذا التقليد أو المحاكاة للنماذج، وهذا الخوف من شيء ما واضح لا لبس فيه، سخيف. هذه أبنية حتى في الخيال، حيث تهيمن بمفردها، تقترب فقط من السطح الحي لكن دائمًا تقاد فجأة إلى أسفل. من لديه اليد السحرية ليدفع بها في الآلات من دون تمزقها إلى قطع صغيرة وتبعثرها بواسطة ألف سكين؟

إنني أفتش عن الأبنية. أدخل إلى حجرة من الحجرات وأجدها تندمج بصفاء في ركن من الأركان.

24 نوفمبر. مساء قبل أمس عند “ماكس”. أصبح غريبًا أكثر فأكثر، كان في كثير من الأحيان شخصًا بالنسبة لي، الآن أصبحت شخصًا بالنسبة له أيضًا. مساء أمس ببساطة مضيت إلى السرير.

حلم قرب الصباح: أجلس في حديقة مصحة إلى منضدة طويلة، في الرأس ذاتها، وفي الحلم أرى ظهري فعلا. إنه يوم مظلم، كان يجب أن أذهب في رحلة قصيرة وأنا في عربة وصلت منذ وقت قصير، الوصول في طريق منحن إلى مقدمة الرصيف. كانوا تقريبًا على وشك إحضار الطعام عندما رأيت إحدى النادلات، شابة رقيقة ترتدي ثوبًا بلون أوراق الخريف، تقترب بهدوء بالغ أو في خطوة غير ثابتة عبر الصالة العمودية التي خدمت كمدخل للمصحة، وتهبط إلى داخل الحديقة. لا أعرف بعد ما الذي تريده لكن مع ذلك ساءلت نفسي لأعرف إن كانت تريدني. وفي الحقيقة كانت تحضر لي خطابًا. أعتقد، لا يمكن أن يكون هذا هو الخطاب الذي أتوقعه، إنه خطاب رفيع جدًا والخط غريب، رفيع وغير واثق.

لكنني فتحته فظهر منه عدد كبير من الفروخ الرفيعة مغطاة بالكتابة. بدأت أقرأ، متصفحًا الصفحات، ومدركًا أنه لابد أن يكون خطابًا مهمًا جدًا وعلى ما يبدو من شقيقة “إف.” الصغيرة. بدأت أقرأ بلهفة، ثم راح جاري على اليمين، لا أعرف إن كان رجلا أم امرأة، ربما طفل، يتطلع إلى الخطاب من فوق ذراعي. أصرخ، “لا!” المنضدة المستديرة من الناس العصبيين بدأت في الاهتزاز. ربما تسببتُ في كارثة. أحاول الاعتذار بكلمات قليلة سريعة لكي أقدر على المضي في القراءة. انحنيت على خطابي ثانية، فقط لأستيقظ من دون مقاومة، كما لو كنت قد استيقظت بفعل صرختي. بوعي كامل أجبر نفسي على النوم مرة ثانية، يعود المشهد، في الحقيقة قرأت سريعًا سطرين أو ثلاثة غامضين من الخطاب، لا أتذكر منها شيئًا، وأفقد الحلم في نوم إضافي.

التاجر العجوز، رجل ضخم، ركبتاه تنهاران تحته، صعد السلالم إلى حجرته، لا يسمك بالدرابزين بل بالأحرى يضغط عليه بيده. كان على وشك أن يخرج مفاتيحه من جيب بنطاله، كما كان يفعل دائمًا، أمام الباب المفضي إلى الحجرة، باب زجاجي مزود بشراعة، عندما لاحظ في ركن مظلم شابًا كان منحنيًا الآن.

“من أنت؟ ما الذي تريده؟ سأل التاجر، لا يزال يتأوه من إجهاد الصعود.

“هل أنت التاجر ميسنر؟” سأل الشاب.

“نعم”، قال التاجر.

“إذًا لديّ بعض المعلومات لك. أنا هنا هامشي، فليس لي فعلا أي دور على الإطلاق في المسألة، فقط أسلم لك الرسالة. مع ذلك سأقدم نفسي، اسمي “كيت” وأنا طالب”.

“إذًا”، قال ميسنر، متأملا هذا للحظة. “حسنًا، والرسالة؟” قال بعد ذلك.

“يمكننا أن نناقش هذا بصورة أفضل في حجرتك”، قال الطالب. “إنه أمر لا يمكن البوح به على السلالم”.

“لم أكن على علم بأنني سألتقى أية رسالة من هذا القبيل”، قال ميسنر، ونظر من ركن عينه إلى الباب.

“ذلك قد يكون”، قال الطالب.

“بالإضافة إلى ذلك”، قال ميسنر، “فقد تجاوز الوقت الآن الحادية عشرة تمامًا، ولن يسترق أحد السمع علينا هنا”.

“لا”، أجاب الطالب، “من المستحيل بالنسبة لي التحدث بها هنا”.

“وأنا”، قال ميسنر، “لا أستقبل ضيوفًا في الليل”، وغرز المفتاح في القفل بعنف شديد لدرجة أن المفاتيح الأخرى في الحلقة استمرت في الصلصلة لفترة.

“الآن انظر، فأنا أنتظر هنا منذ الثامنة تمامًا، ثلاث ساعات”، قال الطالب.

“هذا يدل فقط على أن الرسالة مهمة بالنسبة لك. لكنني لا أريد تلقي أية رسائل. كل رسالة تجنبتها هي ربح، أنا لست فضوليًا، فقط اذهب، اذهب”. أمسك الطالب من معطفه الرفيع ودفعه بعيدًا قليلا. ثم فتح الباب جزئيًا فانسابت من الحجرة حرارة كبيرة إلى الردهة الباردة. “بالإضافة إلى ذلك، هل هي رسالة خاصة بالعمل؟” سأل مضيفًا، عندما كان يقف بالفعل في المدخل المفتوح.

“هذا أيضًا لا يمكن قوله هنا”، قال الطالب.

“إذا أتمنى لك ليلة سعيدة”، قال ميسنر، ودخل إلى حجرته، وأغلق الباب بالمفتاح، أضاء مصباح السرير الكهربائي، ملأ كأسًا صغيرة كانت في دولاب جدار صغير فيه عدة زجاجات خمر، أفرغه وهو يلمظ شفته وشرع في خلع ملابسه. مال إلى الخلف فوق الوسائد العالية، كان على وشك قراءة الجريدة عندما بدا له أن شخصًا ما كان يدق على الباب برفق. وضع الجريدة ثانية على غطاء السرير، وعقد ذراعيه، واستمع. وفي الحقيقة كانت الطرقات قد تكررت، برفق شديد كما لو كانت في مكان منخفض جدًا من الباب. “جرو وقح فعلا”، قال ميسنر ضاحكًا. عندما توقف الدق، أمسك بالجريدة ثانية. لكن الدق الآن جاء بقوة أكثر، كان هناك طرق حقيقي على الباب. جاء الطرق بنفس الطريقة التي يفرق بها الأطفال طرقاتهم أثناء لعبهم على الباب بالكامل، الآن منخفضة أسفل، فاترة على الخشب، الآن أعلى عاليًا، واضحة على الزجاج. “يجب عليّ أن أنهض”، فكر ميسنر، وهو يهز رأسه. “لا يمكنني الاتصال بمدبرة المنزل لأن الجهاز هناك في حجرة الانتظار وسيتوجب عليّ أن أوقظ المالكة للوصول إليه. ليس هناك ما يمكنني عمله سوى إلقاء هذا الولد أسفل السلالم بنفسي”. سحب قبعة من اللباد ووضعها على رأسه، وألقى الغطاء بعيدًا ثانية، سحب نفسه إلى حافة السرير ووزنه على يديه، ووضع قدميه ببطء على الأرضية وجذب خفًا عاليًا مبطنًا. “حسنًا الآن”، فكر، وعض شفتيه، ثم حدق في الباب، “ثمة هدوء الآن ثانية. لكن يجب أن أحظى بسلام بصفة نهائية”، قال بعد ذلك لنفسه، جاذبًا عصًا بمقبض على هيئة قرن من الحامل، أمسكها بها من المنتصف، ومضى إلى الباب.

“هل لا يزال أحد هناك؟” سأل عبر الباب المغلق.

“نعم”، جاءت الإجابة. “من فضلك افتح الباب لي”.

“سوف أفتح”، قال ميسنر، فاتحًا الباب وخرج حاملا العصا.

“لا تضربني”، قال الطالب بشكل تهديدي، وتراجع خطوة إلى الخلف.

“اذهب إذًا!” قال ميسنر، وأشار بسبابته باتجاه السلالم.

“لكنني لا أقدر”، قال الطالب، وجرى حتى ميسنر بطريقة مدهشة جدًا –

27 نوفمبر. يجب أن أتوقف في الواقع من دون أن أتحرر. ولا أن أشعر بأي خطر من أنني قد أضيع، ومع ذلك، أشعر بالعجز والضعف وأنني دخيل. الثبات، على أية حال، الذي تحدثه لي أتفه كتابة هو فوق الشك ورائع. الرؤية الشاملة التي لدي لكل شيء في سيري أمس!

طفل مدبرة المنزل التي فتحت البوابة. مدثرًا بشال المرأة القديم، له وجه صغير، شاحب، لحيم، وفاقد للحس بسبب البرد. يتم حمله في الليل إلى البوابة بمثل هذه الهيئة بواسطة مدبرة المنزل.

كلب مدبرة المنزل من النوع بودل الذي يجلس أسفل السلالم على إحدى الدرجات وينصت عندما أبدأ في النزول من الطابق الرابع، ينظر إليّ عندما أمر به. إحساس لطيف بالحميمية، حيث أنه لا يخاف مني يحتويني ويشملني في البيت المألوف وضوضائه.

صورة: تعميد غلمان السفينة عند عبور خط الاستواء. البحارة يتسكعون هنا وهناك. السفينة، متسلقة بصعوبة في كل اتجاه وعلى جميع المستويات، توفر لهم في كل مكان أماكن للجلوس. البحارة الطوال المعلقون على سلالم السفينة، قدم أمام الأخرى، ضاغطين قوتهم، وأكتافهم المستديرة على جانب السفينة وهم ينظرون دون اكتراث إلى الحدث.

(حجرة صغيرة. “إليزا” و”جيرترود” تجلسان في النافذة ممسكتين بتطريزيهما. بدأت تظلم).

إ: شخص ما يرن. (تنصتان).

ج: هل كان هناك رنين فعلا؟ لم أسمع شيئًا، إنني أواصل الإنصات بدرجة أقل طوال الوقت.

إ: كان منخفضًا جدًا فقط. (تدخل إلى حجرة الانتظار لتفتح الباب. تبادلت كلمات قليلة. ثم الصوت).

إ: من فضلك ادخل إلى هنا. كن حذرًا ألا تتعثر. من فضلك امض مباشرة، ليس هناك سوى أختي في الحجرة.

مؤخرًا أخبرنا تاجر المواشي “مورسين” بالقصة التالية: كان لا يزال متأثرًا عندما سردها، على الرغم من حقيقة أن الأمر قد مضى عليه عدة أشهر الآن:

“كثيرًا ما يكون عندي في العادة أعمال في المدينة، في المتوسط تصل بالتأكيد إلى عشرة أيام في الشهر. نظرًا لأنني عادة ما يتوجب عليّ أن أقضي الليل هناك أيضًا، ودائمًا ما حاولت، كلما كان هذا ممكنًا على أية حال، تجنب التوقف في فندق من الفنادق، فقد استأجرت حجرة خاصة حيث ببساطة – ”

4 ديسمبر. فظيعة المشاهدة الخارجية لموت شخص صغير في السن إلا أنه ناضج، أو الأسوأ، أن يقتل نفسه. استحالة المغاردة أو الرحيل في فوضى كاملة أو ارتباك كامل سيكون لها معنى فقط ضمن تطور أبعد، أو مع أمل وحيد أن يعتبر مظهر الحياة هذا في التقدير الكبير كما لو أنه لم يحدث.

سيكون هذا مأزقي الآن. أن تموت لن يعني ما هو أكثر من استسلام شيء إلى لا شيء، لكن سيكون هذا مستحيل الفهم، كيف استطاع شخص، حتى لو كان فقط لا شيء، أن يسلم نفسه عن عمد إلى لا شيء، وليس إلى لا شيء فارغ فحسب بل بالأحرى إلى لا شيء هادر، الذي تتمثل عدميته فقط في عدم قابليته للفهم.

مجموعة من الرجال، سادة وخدم. الوجوه الخشنة التي تلمع بالألوان الحية. يجلس السيد ويحضر له الخادم الطعام على صينية. ليس هناك اختلاف عظيم بين الاثنين، لا اختلاف في الفئة أكثر من، على سبيل المثال، تلك التي بين رجل، بسبب ظروف لا حصر لها، إنجليزي ويعيش في لندن، وآخر من “الابيين”[1] يبحر في اللحظة نفسها في البحر، وحيدًَا في قاربه أثناء عاصفة. بمقدور الخادم بالتأكيد – وهذا فقط في ظل ظروف معينة – أن يصبح سيدًا، لكن هذا الطرح، بغض النظر عن كيفية الإجابة عنه، لن يغير أي شيء هنا، لأن هذه مسألة تتعلق بالتقييم الحالي للوضع الراهن.

وحدة البشرية، موضع شك من وقت إلى آخر، حتى لو عاطفيًا فحسب، من جانب الجميع، حتى من جانب الشخص الأكثر تكيفًا وودًا، من ناحية أخرى تكشف أيضًا عن نفسها للجميع، أو يبدو أن تكشف عن نفسها، في تناسق كامل، وزمن ممكن تمييزه أو إدراكه ومرة ثانية، بين تطور البشرية بأكمله والإنسان الفرد. حتى في العواطف الأكثر سرية للفرد.

الخوف من الحماقة. أن ترى الحماقة في كل عاطفة تناضل مباشرة وتجعل المرء ينسى كل شيء آخر. ما هي، إذًا، اللاحماقة؟ اللاحماقة هي الوقوف مثل شحاذ أمام العتبة، على جانب مدخل، ليفسد وينهار. لكن “بي.” و”أو.” أحمقان مقززان فعلا. لابد أن هناك حماقات أكبر من تلك التي يرتكبانها. ما يثير الاشمئزاز، ربما، هو النفخ – ذاته – للحمقى الصغار في حماقاتهم الكبيرة. لكن ألم يظهر المسيح في نفس اليوم للفريسيين المرائين؟

فكرة متناقضة كلية ورائعة أن الشخص الذي مات في الثالثة صباحًا، على سبيل المثال، بعد ذلك على الفور، عند الفجر، يدخل في حياة أعلى. ما التنافر الموجود بين الإنسان المرئي وكل ما عداه! كيف من لغز واحد يجيء دائمًا لغز أعظم! في اللحظة الأولى يترك النفس الآلة البشرية. يجب أن يخاف المرء فعلا الخروج من بيته.

5 ديسمبر. كم أنا غاضب من أمي! أحتاج فقط إلى بداية للتكلم معها وأنا مثار وغاضب، أصرخ تقريبًا.

“أو.” تعاني بالفعل ولا أصدق أنها تعاني، إنها قادرة على المعاناة، لا أصدقها فيما يتعلق بمعرفتي بما هو أفضل، لا أصدقها كي لا أضطر إلى الوقوف بجانبها، وهو ما لا أقدر على القيام به، لأنها تغضبني وتثيرني أيضًا.

خارجيًا أرى فقط تفاصيل قليلة من “إف.” على الأقل في بعض الأحيان، قليل جدًا يمكن عدها. من خلالها أضحت صورتها واضحة، ونقية، وأصلية، ومختلفة، ومتكبرة، في نفس الوقت.

8 ديسمبر. الأبنية أو التراكيب الصناعية في رواية “وايس”. القوة للقيام بإلغائها، الواجب لتنفيذ هذا. أنكر الخبرة تقريبًا. أريد سلامًا، خطوة خطوة أو عدوًا، لكن ليس وثبات مدبرة محسوبة عن طريق الجنادب.

9 ديسمبر. “جاليري” لـ “وايس”. إضعاف الأثر عندما تبدأ نهاية القصة. العالم تم إخضاعه وشاهدنا هذا بأعين مفتوحة. لذلك يمكننا الانصراف والعيش عليه بهدوء.

كراهية الاستيطان الفعال. تفسيرات لروح المرء، مثل: أمس كنت كذا، ولهذا السبب، أنا اليوم كذا، ولهذا السبب. إنه غير حقيقي، ليس لهذا السبب ولا لذاك السبب، ولذلك أيضًا ليس كذا وكذا. الصبر على أو تحمل النفس بهدوء، من دون عجلة أو اندفاع، تعيش كما يجب على المرء أن يعيش، لا أن يطارد المرء ذيله مثل الكلب.

نمت تحت الشجيرات النامية. أيقظتني ضوضاء. وجدت في يديّ كتابًا كنت أقرأ فيه سابقًا. ألقيت به بعيدًا وقفزت ناهضًا. كان بعد الظهيرة بقليل، أمام التل الذي وقفت عليه امتدت هناك على نطاق واسع أرض منخفضة كبيرة بها قرى وبرك وبينها تشكلت بطريقة منتظمة، أسيجة طويلة شبيهة بالبوص. وضعت يديّ على وركي، تفحصت بعيني كل شيء، واستمعت في نفس الوقت إلى الضوضاء.

10 ديسمبر. فرضت الاكتشافات نفسها على الناس.

الضحك الصبياني الماكر كشف عن وجه كبير المفتشين، وجه لم أره من قبل أبدًا حاملا إياه ولاحظته اليوم فقط في اللحظة التي كنت أقرأ له فيها تقريرًا من المدير وصدرت لمحه عنه. في نفس الوقت الذي غرز فيه ساعده الأيمن في جيب بنطاله أيضًا بهزة من كتفه كما لو كان شخصًا آخر.

من غير الممكن النظر بعين الاعتبار وتقييم كل الظروف التي تؤثر على مزاج اللحظة، حتى أثناء العمل عليها، وأخيرًا في أثناء العمل على التقييم، لذا فإنه من الخطأ القول إنني شعرت بالعزم والتصميم أمس، حيث إنني في يأس اليوم. مثل هذه الاختلافات أو التمايزات تثبت فقط أن المرء يرغب في التأثير في نفسه، و، إزالتها بعيدًا عن النفس بقدر الإمكان، الاختباء خلف الانحيازات والأوهام، لخلق حياة مصطنعة مؤقتة، كما يحجب بشكل كاف في بعض الأحيان شخص ما في ركن خان وراء كأس صغير من الويسكي، وحيد كلية مع نفسه، يمتع نفسه بلا شيء سوى تخيلات أو تصورات وأحلام خاطئة لا يمكن البرهنة عليها.

نحو منتصف الليل شاب في معطف ضيق، رمادي باهت، ذو مربعات منثور بالثلج جاء هابطًا السلالم إلى صالة منوعات صغيرة. دفع رسم دخوله إلى مكتب الكاشير الذي خلفه، نهضت سيدة صغيرة ناعسة ونظرت إليه مباشرة بعينين سوداوين واسعتين، ثم توقف للحظة لمعاينة الصالة التي تقع في الأسفل على مسافة ثلاث درجات.

كل مساء تقريبًا أذهب إلى محطة السكة الحديد، اليوم، لأنها كانت تمطر، مشيت في جميع أرجاء الصالة هناك لنصف ساعة. الولد الذي ظل يأكل الحلوى من الآلة ذات شق إسقاط العملة. تمتد يده إلى جيبه، الذي يسحب منه كومة من الفكة، ويسقط بإهمال عملة في الشق، وهو يقرأ اللافتات بينما يأكل، مسقطًا بعض القطع التي يلتقطها من الباب القذر ويدسها مباشرة في فمه. الرجل، الذي يمضغ بهدوء، يتحدث سرًا في النافذة مع امرأة، قريب.

11 ديسمبر. في “قاعة توينبي” قرأت بداية “مايكل كوهلهاس”. إخفاق كلي وتام. اختيار سيئ، وتقديم سيئ، أخيرًا سباحة بلا معنى في النص. جمهور نموذجي. أولاد صغار جدًا في الصف الأمامي. يحاول أحدهم التغلب على ملله البريء بأن يلقي قبعته بعناية على الأرضية ثم يلتقطها بعناية، وهكذا مرة ثانية، مرارًا وتكرارًا. نظرًا لكونه صغيرًا جدًا للقيام بهذا من مقعده، فقد توجب عليه أن يواصل الانزلاق قليلا خارج الكرسي. أقرأ بانفعال وعلى نحو سيئ وبإهمال وبطريقة غير مفهومة. وبعد الظهر كنت أرتعش بالفعل بسبب اللهفة على القراءة، وأمكنني بصعوبة شديدة أن أبقي على فمي مغلقًا.

لست في حاجة بالفعل إلى أية دفعة، انسحاب القوة الأخيرة فقط وضع تحت تصرفي، وأنا أسقط في اليأس الذي يمزقني إلى قطع صغيرة. اليوم، عندما تخيلت أنني سوف أكون هادئًا بالتأكيد أثناء المحاضرة، سألت نفسي أي نوع من الهدوء سيكون هذا، على أي شيء سيتأسس، وفقط يمكن أن أقول إنه سيكون هدوءًا لأجله فحسب، رشاقة غير مفهومة، لا شيء آخر.

12 ديسمبر. وفي الصباح استقيظت منتعشًا إلى حد بعيد نسبيًا.

أمس، في طريقي إلى البيت، الولد الصغير في الثياب الرمادية كان يجري بمحاذاة مجموعة من الأولاد، يضرب نفسه على الفخذ، ممسكًا ولدًا آخر بيده الأخرى، وهو يصيح بذهول إلى حد ما، بما لا يجب أن أنساه – (إنجاز اليوم باعث بشدة على السرور).

الانتعاش الذي مشيت به، بعد تقسيم مغاير نوعًا ما لليوم، بطول الشارع في حوالي السادسة اليوم. الملاحظة السخيفة، متى سأتخلص من هذه العادة.

نظرت إلى نفسي بعناية في المرآة منذ فترة – برغم وجود ضوء صناعي فقط وبمساعدة ضوء يجيء من خلفي، حتى أن أطراف أذني السفلية فقط كانت مضاءة فعلا – ووجهي، حتى بعد الفحص القريب نوعًا ما، ظهر لي أفضل مما أعرف أنه عليه. صاف، حسن الهيئة، تقريبًا وجه مرسوم بشكل جميل. سواد الشعر، الحاجبان ومحجرا العين ينتصبان بحيوية إلى الأمام عن بقية الكتلة البليدة. النظرة السريعة مُجهَدة على أية حال، ليس هناك أثر لذلك، لكنها ليست بالطفولية، بل بالأحرى نشيطة بشكل يصعب تصديقه، لكن ربما فقط لأنها كانت تلاحظني، نظرًا لأنني كنت ألاحظ نفسي وقتئذ وأردت إخافة نفسي.

12 ديسمبر. لم أنم أمس لفترة طويلة. قررت أنا أخيرًا أن أطلب من “وايس” – وبسبب هذا سقطت دون تأكيد في النوم – الذهاب إلى مكتب “إف. بي.” بخطاب، وعدم كتابة أي شيء آخر في هذا الخطاب بخلاف أنه يجب أن تكون لدي أخبار منها أو عنها وقد أرسلت “وايس” إلى هناك لهذا السبب حتى يمكنه أن يكتب لي عنها. في أثناء ذلك يجلس “وايس” بجانب مكتبها، ينتظر حتى تنتهي من قراءة الخطاب، ينحني، و – نظرًا لأنه ليست لديه أية توجيهات إضافية وأنه من المستبعد بدرجة كبيرة تلقيه إجابة – يرحل.

مناقشة المساء في نادي المسئولين. كنت الرئيس. مضحك، أي مصادر لاحترام الذات يمكن للمرء أن يعتمد عليها. جملتي الافتتاحية: “عليّ أن أبدأ المناقشة هذا المساء باعتذار يجب أن يحدث”. لأنه لم يتم تحذيري فيما يتعلق بالوقت وبناء عليه لم أستعد.

14 ديسمبر. محاضرة من قبل “بيرمان”. لا شيء، لكن قدمت برضا عن النفس ناقل للعدوى هنا وهناك. الوجه النسائي المصاب بتضخم الغدة الدرقية. قبل كل جملة تقريبًا نفس التقلص في عضلات الوجه كما لو في أثناء العطس. بيت شعري من مهرجان عيد الميلاد في عمود جريدته اليوم.

سيدي، اشتريه لصبيك الصغير

حتى يضحك ولا يحزن.

اقتباس من “شو”: “أنا مدني مستقر وجبان”.

كتابة خطاب إلى “إف.” في المكتب.

الخوف هذا الصباح في الطريق إلى المكتب عندما قابلت فتاة من السيمنار تشبه “إف.”، للحظة لم أعرف من كانت وببساطة رأيت أنها كانت تشبه “إف.”، لم تكن “إف.”، لكن كانت تمت إلى “إف.” بصلة بعيدة نوعًا ما، إلى جانب هذا، أقصد، أنه عند رؤيتها، في السيمنار، فكرت كثيرًا في “إف.”.

أقرأ الآن في دويستوفسكي الفقرة التي تذكرني كثيرًا بكوني “تعيسًا”.

عندما وضعت يدي اليسرى داخل بنطالي بينما كنت أقرأ وشعرت بفتور الجزء العلوي من فخذي.

15 ديسمبر. خطابات إلى الدكتور “وايس” و”العم ألفريد”. لم يأت أي تلغراف.

أقرأ “وير جنجين فون” 1870 – 1871. أقرأ ثانية بنشيج مكبوت على الانتصارات ومشاهد الحماس. أن تكون أبًا وتتكلم بهدوء إلى ابنك. لهذا، على أية حال، لا يجب على المرء أن يكون له مطرقة صغيرة لعبة بدلا من القلب.

“هل كتبت بعد إلى عمك؟” سألتني أمي، كما كنت أتوقع لبعض الوقت في خبث. كانت تراقبني بقلق من مدة طويلة، ولأسباب عديدة لم تجرؤ في المقام الأول على سؤالي، وفي المقام الثاني، لقلقها عندما رأت أنني كنت على وشك أن أغادر، ومع ذلك سألتني. عندما مررت خلف كرسيها رفعت بصرها عن بطاقاتها، وأدارت وجهها إليّ بحركة رقيقة اختفت منذ فترة طويلة وانتعشت بطريقة ما الآن، وسألتني، رافعة بصرها خلسة فقط، وابتسمت بخجل، وفي ذل بالفعل فيما يتعلق بالسؤال، قبل أن تتلقى أية إجابة.

16 ديسمبر. “الصرخة الكبيرة لبهجة سيرافيم”.

جلست في الكرسي الهزاز عند “ويلتش”، تحدثنا عن اضطراب حياتنا، إنه دائمًا على ثقة يقينية (“يجب أن يرغب المرء في المستحيل”)، أنا لست عليها، أرى أصابعي بشعور أنني كنت ممثلا لفراغي الداخلي، فراغ يحل محل كل شيء آخر وليس حتى عظيمًا جدًا.

17 ديسمبر. خطاب إلى “دبليو.” يكلفه “أن يفيض وفوق ذلك أن يكون فقط إبريقًا فوق موقد بارد”.

محاضرة من قبل “برجمان”، “موسى والحاضر”. انطباع نقي – على أية حال لا أمت له بصلة. الطرق الفظيعة حقًا بين الحرية والعبودية تقاطع بعضها البعض من دون أي دليل إلى الطريق نحو الأمام ومصحوبة بمحو فوري للطرق التي تم قطعها بالفعل. هناك عدد غير محدود من مثل هذه الطرق، أو واحد فقط، لا يمكنني أن أحدد، لأنه ليست هناك أرض مناسبة يمكن الملاحظة منها. أنا هناك. لا يمكنني أن أغادر. ليس لدي أي شيء لأشكو منه. لا أعاني بصورة مفرطة، ولأنني لا أعاني بنفس الاتساق، فإنه لا يتراكم، على الأقل لا أشعر به في الوقت الحاضر، ودرجة معاناتي أقل بكثير من المعاناة التي ربما في توقعي.

صورة ظلية (سيلويت) لرجل، ذراعاه نصف مرفوعين إلى مستويين مختلفين، يواجه الشبورة الكثيفة لكي يدخلها.

الطريقة الجيدة والقوية التي فيها تفصل بها اليهودية الأشياء. ثمة حجرة هناك لشخص. يرى المرء نفسه أفضل، يحكم المرء على نفسه بصورة أفضل.

18 ديسمبر. أنا ذاهب للنوم، أنا متعب. ربما كان قد تقرر بالفعل. أحلام كثيرة عنه.

19 ديسمبر. خطاب من “إف.” صباح جميل، دفء في دمي.

20 ديسمبر. لا خطاب.

الأثر الذي يتركه الوجه الهادئ، والكلام الهادئ، خصوصًا عندما يختبر من جانب شخص غريب لم يُر المرء من خلاله بعد. صوت الله من فم بشري.

رجل عجوز مشى خلال الشوارع في الشبورة مساء ليلة شتوية. كان الجو باردًا حتى التجمد. كانت الشوارع خالية. لم يمر أحد قربه، فقط من وقت إلى آخر كان يرى على مسافة، نصف مخفي بفعل الشبورة، رجل شرطة طويل أو امرأة تضع الفراء أو الشال. لا شيء أقلقه، اعتزم فقط زيارة صديق له في بيته، لم يكن قد ذهب إليه منذ فترة طويلة وكان قد أرسل إليه توًا بنت الخادم تطلب منه الحضور.

كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بمدة طويلة عندما جاءت طرقات رقيقة على باب حجرة التاجر “ميسنر”. لم يكن إيقاظه ضروريًا، فقد نام قرب الصباح فقط، وحتى ذلك الوقت اعتاد الاستلقاء مستيقظًا في السرير على بطنه، ووجه مضغوطًا في الوسادة، وذراعاه ممدودتين، ويداه مشبوكتان فوق رأسه. كان قد سمع الطرق على الفور. “من الطارق؟” سأل. تمتمة غير واضحة، أرق من الدق، أجابته. “الباب مفتوح”، قال، وأضاء المصباح الكهربائي. دخلت امرأة صغيرة رقيقة في شال رمادي كبير.

[1]  شعب مترحل يعيش على صيد الأسماك والثدييات البحرية في شمال أوروبا (متضمنًا شمال النرويج، والسويد، وفنلندا وكولا بنسولا شمال غرب روسيا) – المترجم.