برلين – محمد هاشم عبد السلام
في إطار اليوم الثامن من فعاليات مهرجان برلين السينمائي الخامس والستين، عرض اليوم فيلمان من فيتنام واليابان. كان الأول بعنوان “أب كبير، أب صغير وقصص أخرى” للمخرج الفيتنامي فان دانج دي، والثاني بعنوان “رحلة تشاسوكي” للمخرج الياباني “سابو”. كما عرض في قسم أفلام خارج المسابقة الرسمية، فيلم بريطاني للمخرج الأيرلندي الشهير كينيث برانا بعنوان “سندريلا”.
أب كبير، أب صغير وقصص أخرى
قدم المخرج وكاتب السيناريو الفيتنامي فان دانج دي، فيلمه الرابع في مسيرته السينمائية، تسعة وثلاثين عامًا، وهو يحمل عنوان “أب كبير، أب صغير وقصص أخرى”، وقد امتد زمن عرض الفيلم لأكثر من ساعة ونصف الساعة تقريبًا. وتدور أحداث الفيلم في مدينة سايجون، في أواخر سنوات التسعينات من القرن الماضي.
يتناول الفيلم قصة الطالب، “فو” (لي كونج هوانج)، الذي يهوى التصوير الفوتوغرافي، ويقوم بتصوير البشر والأماكن والأشياء من حوله. يعيش فو في إحدى الشقق السكنية المستأجرة، وهناك يتعرف على صديقه، “تانج” (ترونج تي فينة)، ومجموعة من الشباب، أربعة على وجه التحديد، في نفس مرحلته العمرية، كل شاب منهم له حياته المختلفة، وتورطه الخاص.
هؤلاء الشباب، منهم من يعمل في تجارة المخدرات أو المقامرة أو يغشى حياة الليل أو يتعامل في تجارة ما مشبوهة أو يعزف الجيتار ويغني بالحانات وغيرها من الأماكن. بسبب إحدى الصفقات القذرة، يتعرض صديقهم المغني لملاحقة ضارية من جانب إحدى عصابات الشوارع. يهرع الأصدقاء لنجدة صديقهم، فتلاحقهم العصابة فيضطرون للفرار إلى قرية فو.
في قرية فو الواقعة على دلتا نهر ميكونج، حيث الصور والمناظر الطبيعية بالغابات والنهر والبرك الطينية، والحياة الفقيرة والعيش في المراكب الخشبية المتداعية، والمناخ المختلف كلية عن حياة المدينة، يعيش الشباب حياة التسكع. ويعلم فو من والده أنه بصدد الزواج من فتاة صغيرة في السن. يترك فو المراهق وولعه بالكاميرا والتصوير ويكتشف ولعًا آخر بصديقه تانج صاحب الكاريزما الطاغية عليه وعلى الأصدقاء والذي يهوى فتاة أخرى.
رحلة تشوسوكي
فيلم “رحلة تشاسوكي” كان آخر الأفلام التسعة عشر المشتركة في المسابقة الرسمية للمهرجان هذا العام. وهو فيلم ياباني، للمخرج وكاتب السيناريو “سابو”، في الحادية والخمسين من عمره، وهو مأخوذ عن رواية للمخرج نفسه تحمل نفس العنوان. ويعتبر الفيلم هو الحادي عشر في تاريخ مخرجه، وقد امتد زمن عرض الفيلم لما يزيد عن الساعة ونصف الساعة.
وهو فيلم تتخذ قصته من الفانتازيا طابعَا أساسيًا لها، وإن غلب على أحداثها الدرامية الحركة والمطاردات وحروب العصابات والرومانسية والتشويق. نجد في بداية الفيلم مجموعة من عشرات الخطاطين الذين يدونون في السماء قصص سكان كوكب الأرض. وفي إحدى القصص التي تكتب تظهر شخصية، الفتاة الجميلة “يوري” (إيتو أونوه)، التي تلقى مصرعها نتيجة لحادث سيارة.
أحد كبار النساخ يجد أن تلك القصة غير مبتكرة ومملة، فيعيد ابتكار القصة بحيث يعيد إرسال “تشاسوكي” (كين إتشي ماتسوياما)، الذي كان من قبل ينتمي لإحدى العصابات الإجرامية، وذلك من أجل إنقاذ تلك الفتاة من مصيرها بأي طريقة من الطرق.
وهكذا يختلط تشاسوكي بسكان الأرض ويأخذ في التدخل في مصائرهم ويحاول إنقاذهم وشفائهم إلى آخره، ويتم التعامل معه على أنه ملاك حارس من السماء يصنع المعجزات، وبالطبع يقع تشاسوكي في حب الفتاة يوري، التي ينقذ حياتها في النهاية.
يحاول الفيلم التأكيد على فكرة أن حياة كل شخص مقدسة في حد ذاتها، ولها ما يميزها عن غيرها، وبالطبع يمكن تغييرها على نحو ما من حالة إلى أخرى أفضل وأحسن، وأنه من الصعب التنبؤ بمصير ومستقبل كل شخص وما هو مقدر له.
سندريلا
بعد فيلمي “السيد هولمز” للمخرج الأمريكي بيل كوندون و”كل شيء سيكون على ما يرام” للمخرج الألماني فيم فيندرز، عُرض اليوم في قسم خارج المسابقة الرسمية ثالث وآخر أفلام ذلك القسم، وهو للمخرج المسرحي والسينمائي والممثل وكاتب السيناريو الأيرلندي كينث برانا، خمسة وخمسين عامًا. وهو الفيلم الرابع عشر في مسيرة المخرج، وقد امتد زمن عرض الفيلم لأكثر من ساعة ونصف الساعة تقريبًا.
قدم كينث برانا في فيلمه الجديد قصة سندريلا المعروفة، التي كثيرًا ما ألهمت مخرجين السينما، وهي من تأليف الأخوين جريم، مع الاستعانة ببعض التغييرات الطفيفة وتوظيف تكنولوجيا الكمبيوتر الشديدة التطور في إخراج الكثير من المشاهد التي جاءت على نحو مبهر وبديع، ويتسم بقدر لا بأس به من الطرافة أيضًا، كذلك فيما يتعلق بتصميم المناظر والملابس.
يفتتح الفيلم بولادة الطفلة “إيلا” (ليلي جيمس) ويتتبعها على نحو سريع في عدة مراحل سنية مختلفة، نرى خلالها وفاة والدتها، ومدى الألم والمعاناة التي تكبدتها نتيجة هذا الفراق في ذلك السن الصغير، حتى تصل إلى مرحلة البلوغ، وعندئذ يتزوج والدها من الشمطاء (كيت بلانشيت)، التي تحضر إلى المنزل برفقة ابنتيها الدميمتين.
في إحدى رحلات عمله يتوفى والد إيلا، فتتحول حياتها إلى جحيم حيث تفرض زوجة والدها وابنتيها سطوتهم على المنزل وكل من فيه، وتبدد ثروة والدتها، وينتهي الأمر بها من نبيلة ذات خدم وحراس إلى خادمة في منزلها لزوجة والدها الراحل وابنتيها، اللاتي يذيقانها مر العذاب، ويطلقن عليها سندريلا.
في إحدى جولاتها بالغابة فوق حصانها، تلتقي سندريلا مصادفة بذلك الفارس الوسيم أثناء اصطياده في الغابة. يتضح بعد ذلك أن ذلك الفارس هو ابن الملك وبالطبع يتعلق قلبه بسندريلا، وهي نفس الشيء، وتمضي بقية أحداث الفيلم على نفس الوتيرة التي تمضي بها أحداث القصة المعروفة، حتى ينتهي الأمر بسندريلا وقد تزوجت الأميرة وصارت أميرة على عرش تلك المملكة.