رلين – محمد هاشم عبد السلام

 

كاتب وناقد ومترجم مصري

 

 

يمتد شارع تحت أشجار الزيزفون “Unter den Linden”، أحد أهم وأشهر وأقدم شوارع العاصمة الألمانية برلين والواقع في الجزء التاريخي من حي ميتي، لمسافة تزيد عن كيلو متر ونصف تقريبًا ويبلغ عرضه 60 مترًا تقريبًا، وهو يعتبر من أكبر شوارع العاصمة من حيث العرض. ويحمل الشارع اسم الزيزفون، نسبة إلى أشجار الزيزفون المصطفة على جانبيه ومنتصفه بامتداد الشارع من طرفه الشرقي الذي يبدأ من نهاية جزيرة المتاحف الشهيرة عند نهر شبري ومتحف التاريخ الألماني وحتى طرفه الغربي حيث بوابة براندنبورج الشهيرة.

تفيد اللوحة التعريفية الموجودة بمنتصف الشارع أن تاريخه يرجع إلى نهاية القرن السادس عشر، وتحديدًا عام 1573، حيث أمر الأمير “يوهان جورج” بتدشينه في تلك المنطقة حتى يسهل عليه الوصول من قصره على ضفة النهر إلى منطقة حدائق الحيوانات “Tiergarten” بالطرف الشرقي من المدينة، التي يوجد بها الآن مبنى الرايخستاج وبيت الثقافات العالمية وغيرها من المباني والمتنزهات، حيث كان يقوم بممارسة الصيد. ولم يكن الشارع وقتها يحمل هذا الاسم، الذي أطلق عليه بعد عام 1647 عقب زراعته بأشجار الزيزفون والجوز بأمر من الملك الكبير “فريديريك ويليام”، الذي يوجد له في منتصف الشارع تمثالا كبيرًا من البرونز يصوره ممتطيًا صهوه جواده وتوجد تحت قاعدته مجموعة من التمثايل الصغيرة التي تصور بعض بطولاته وانتصاراته. وقد تبدلت أحوال هذا الشارع العريق على مدى قرون، وتعرضت أشجاره للكثير من التدمير والحرق والقطع بسبب الحروب وأعمال إعادة الأعمار والبناء. وترجع أشجار الزيزفون الموجودة به الآن إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي.

وتعزى أهمية الشارع ليس فقط لعراقته التاريخية، ولكن لأنه بات يحتوي الآن على العديد من المباني العصرية والتاريخية الهامة ومنها على سبيل المثال، مجموعة من مباني السفارات، السفارة البريطانية والمجرية والروسية. وكذلك متحف التاريخ الألماني بمعماره الذي يجمع بين العراقة والمعاصرة في العمارة، وموقع قصر الأمير الذي تهدم أثناء الحرب ويتم الآن إعادة بناءه بنفس التصميم الذي كان عليه، ودار أوبرا برلين البديعة التصميم والتي يطلق عليها البرلينيون أوبرا الزيزفون، وكاتدرائية سانت هدفيج بقبتها المتميزة، ومبنى يطلق عليه “دار الحراسة الجديدة” وهو نصب تذكاري لجميع ضحايا الحروب والمشردين واللاجئين وغيرهم وهو بديع في رمزيته وتمثاله الأمومي الموجود بالمنتصف في داخله وقد بني في عام 1817، وكذلك المبنى العريق الطراز للمكتبة القديمة، وقصر الأمير هينريخ وهو الآن مقر جامعة هومبولدت الشهيرة.