محمد هاشم عبد السلام/سين آرتس– 24
تباعًا، تواصل الإدارة الفنية لـ”مهرجان برلين السينمائي الدولي” الإعلان عن تفاصيل البرامج الفرعية والفعاليات والتكريمات المُتعلقة بالدورة الـ74، المُقرر انعقادها في العاصمة الألمانية برلين في الفترة من 15 وحتى 25 فبراير/ شباط القادم.
المهرجان البرليني، أول المهرجانات السينمائية الأوروبية الكبرى لهذا العام، الذي ستترأس المُمثلة لوبيتا نيونجو لجنة تحكيم مسابقته الرئيسية، سيُلعن يوم الأثنين القادم 22 يناير عن التفاصيل الكاملة والنهائية لاختيارته الرئيسية لدورة هذا العام، وعلى رأسها أفلام “المُسابقة الرئيسية” و”خارج المُسابقة” و”قسم لقاءات” و”العروض الخاصة”، وبقية أفلام قسمي “البانوراما” و”المُنتدى”، لتكتمل بهذا ملامح فعاليات الدورة الجديدة/ الأخيرة في عمر الإدارة الفنية والتنفيذية الحالية. وذلك بعد أن أعلنت الإدارة الفنية، على مدى شهر أو أكثر، عن الكثير من التفاصيل والأفلام في مُختلف الأقسام، وعن الأسماء المُكرمة هذا عام، وأبرز الأفلام الكلاسيكية المعروض والأفلام المُرممة والمعارض، وغيرها من التفاصيل الخاصة بسوق الفيلم.
دُب البرليناله الذهبي
قررت الإدارة التنفيذية والفنية للمهرجان، المُنوطة بتفاصيل كل ما يتعلق بفعاليات الدورة الرابعة والسبعين للمهرجان، مارييت ريسنبيك وكارلو شاتريان، تكريم المُبدع المُخضرم مارتن سكورسيزي أحد أهم وأبرز مُخرجي الأفلام عالميًا، منذ سبعينيات القرن العشرين، بجائزة “الدُب الذهبي” الفخرية. سيتسلم النجم الإيطالي الأميركي، مارتن سكورسيزي (81 عامًا)، الصقلي الأصل والأميركي النشأة، الجائزة العريقة في احتفال مهيب مُرتقب في الـ20 من فبراير/ شباط القادم، على مسرح “قصر المهرجان”. ويتبع حفل تسليم الجائزة عرض فيلمه “الراحلون”، الفائز عنه بجائزة “أوسكار” لـ”أحسن مخرج” لعام 2007. والفيلم بطولة جان نيكلسون وليوناردو دي كابرو.
وفي هذا الصدد قالت مارييت ريسنبيك وكارلو شاتريان، إنّ “مارتن سكورسيزي نموذج لا مثيل له لكل من يعتبر السينما فن ابتكار قصة شخصية وعالمية، في آن. لقد تأثرنا بأفلامه كمُشاهدين وكبشر، وبشخصيات أعماله، وأنه من دواعي سرورنا أن نستقبل مُجددًا صديقًا دائمًا ومُخلصًا للمهرجان، ومنحه أهم جائزة فخرية في المهرجان”.
اشتهر مارتن سكورسيزي بأفلامه الجادة العميقة، وتعاونه مرارًا مع مجموعة بعينها من أهم النجوم، بينهم روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو. في رصيد سكورسكيز أكثر من 70 فيلمًا، وفاز بجوائز عديدة، أهمها “السعفة” الذهبية” لـ”مهرجان كانّ السينمائي” عام 1976، عن رائعته “سائق التاكسي”.
يُذكر أنه في دور المهرجان الماضية الـ73، كانت جائزة “الدُب الذهبي” الفخرية من نصيب المُخرج الأميركي ستيفن سبيلبرج، وقد عرض المهرجان في تلك المُناسبة أحدث أفلام سبيلبيرج “آل فيبلمانز”. في حين أعلن البرليناله هذا العام عن تقديم العرض الأول للنسخة الحديثة من فيلم “بعد ساعات العمل” (1985) التي جرى ترميمها مُؤخرًا بواسطة عدة مُؤسسات، وتحت إشراف خاص من سكورسيزي نفسه على ترميم وتصحيح الألوان، وذلك ضمن قسم “كلاسيكيات البرليناله”.
وأشار البيان الرسمي للمهرجان إلى أن مارتن سكورسيزي “مُلتزم للغاية بالحفاظ على التراث السينمائي التاريخي، أيضًا”، وذلك في إشارة إلى دعمه وجهوده المُؤسسية في ترميم الأفلام القديمة، على أهميتها واختلافها.
كاميرا البرليناله
يحرص مهرجان برلين، سنويًا، وتحديدًا مُنذ عام 1986، على منح جائزة “كاميرا البرليناله” التكريمية للشخصيات المُهمة والمُؤثرة، وصاحبة الإسهامات الخاصة في صناعة وفنون السينما، أو المجالات المُرتبطة بها. وضمن هذا الإطار يُكرم المهرجان هذا العام المُخرج والمُؤلف الألماني المُخضرم إدجار رايتز، 91 عامًا. أحد أهم وأكثر صُناع الأفلام تأثيرًا في جيله. وذلك في احتفالية خاصة تُقام يوم الخميس 22 فبراير، وسيتبعها العرض العالمي الأول لأحدث أفلامه “23 ساعة سينما”، والمُشارك ضمن قسم “العروض الخاصة”.
قدَّم إدجار رايتز، المولود في مدينة مورباخ، أعمالاً ستظل علامة فارقة في تاريخ السينما الألمانية والأوروبية والعالمية. ولا يزال حتى الآن، في جديده “23 ساعة سينما”، يُثير تساؤلات عن الإنسان الفرد والبشر، وهويتنا، ومن أين أتينا، ومفهوم الوطن، كمكان حقيقي ومجازي وحنيني، وبالطبع، عن السينما وماهيتها.
وقد علق كارلو شاتريان ومارييت ريسنبيك على تكريم إدجار رايتز بقولهما: “يُسعدنا أن نرحب بفيلمه الجديد في مهرجان برلين السينمائي الدولي وأن نمنحه هذا التقدير الذي يستحقه فعلا”.
50 عملاً في قائمة إدجار رايتز
حصل إدجار رايتز على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة الفيلم الألماني عدة مرات، و”الأسد الفضي” في “مهرجان فينيسيا السينمائي”، بالإضافة إلى جائزة “بافتا” التلفزيونية.
تضم أعمال إدجار رايتز السينمائية أكثر من 50 عملاً، منها الأفلام الروائية الطويلة، والوثائقية، والتجريبية، والأعمال التلفزيونية. كما يعمل رايتز أيضًا في مجال الإنتاج السينمائي وله إسهامات لافتة، وكذلك في مجال الكتابة والتأليف. وقد نشر العديد من الكتب والنصوص الأدبية والشعرية، كما في نظرية السينما وعلم الجمال والفلسفة. وهو مُحاضر جامعي أيضًا.
بدأ رايتز مسيرته في مُنتصف الخمسينيات من القرن الماضي. وكان أحد الذين أعدوا ووقعوا بيان “أوبرهاوزن” الثوري الشهير، الذي دعا إلى “فيلم ألماني جديد”، في مهرجان أوبرهاوزن العريق والرائد للأفلام القصيرة عام 1962، تحت شعار “سينما الأب ماتت”. وفيه، طالب صُناع الأفلام الألمان الشباب بتثوير السينما، ونبذ السينما القديمة، والدعوة إلى أخرى جديدة. ما أسهم، لاحقًا، في بلورة مفهوم “سينما المُؤلف”، وإكسابه شعبية كبيرة في ألمانيا، تحديدًا.
ورغم أعمال رايتز الكثيرة إلا أن أشهرها لدى المغرمين به ثلاثيته، “هيمات” أو “الوطن”، التليفزيونية الشهيرة، وتُعتبر، حتى اللحظة، من علامة السينما الألمانية والأوروبية. إذ تكشف بصدق وعمق وفنية كيفية انعكاس الأحداث المفصلية في التاريخ الألماني الحديث على حياة البشر.