محمد هاشم عبد السلام

 

الأربعاء 28 يناير 2015 

 

صدر ضمن سلسلة مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي كتاب بعنوان “حوارات سينمائية”، للكاتب الصحفي والناقد السينمائي نبيل فرج. وقد جاء الكتاب في نحو مائة وثلاثين صفحة من القطع الكبير، وهو عبارة عن مجموعة من الأحاديث المهمة والشيقة مع عدد من المخرجين والممثلين السينمائيين المصريين والعرب، كان الكاتب قد أجراها معهم في القاهرة على مدى ثلاثة عقود متتالية.

يضم الكتاب بين دفتيه حوارات مع نخبة من المخرجين المصريين، وقد جاءت عناوين الحوارات معهم على النحو التالي: “أحمد كامل مرسي… الجمعيات السينمائية في مصر”، و”الخطوط العريضة لتاريخ السينما المصرية”. ثم، “شادي عبد السلام… أفلامي تحكي مأساة حضارة دفنت في بلادها”، و”إخناتون: سبع سنوات تصوير و200 ألف جنيه”. ثم، “كمال الشيخ… السينما أداة توعية وتغيير”. ثم، “يوسف شاهين… الفكر في الفيلم، والحرية في الفن”، و”الوجود القومي والعالمي”، و”ضرورة التحرر من أسلوب الكوكبية في السينما”. ثم، “محمد خان… شباك التذاكر ليس مقياس السينما!”، و”لا سبيل أبدًا للقاء بين الفن والتجارة”. ثم، “محمد كامل القليوبي… حكاية الرجل الذي يقرأ صفحة الوفيات”.

وقد حملت حوارات الكاتب الصحفي والناقد السينمائي نبيل فرج مع المخرجين العرب العناوين التالية: من لبنان “برهان علويَّة… السينما الجديدة فرضية مخرج يعيش عصره”. ثم، من سوريا “صلاح ذهني… المضمون الجيد بلا بناء سليم مادة هلامية”، و”قدر الإنسان العربي في القرن العشرين”. ثم، من سوريا “محمد شاهين… التاريخ والواقع والطموح”. ثم، من سوريا “رفيق أتاسي… السينما العربية لم ترتفع إلى مستوى القضية”. ثم، من سوريا “رفيق الصبان… المسرح زوجتي والسينما عشيقتي”، و”البحث عن الدرب الصحيح في السينما العربية”. ثم، من العراق “قاسم حوَل… استخدام الرواية سينمائيًا عمل سليم جدًا”. ثم، من تونس “عبد الحفيظ بو عصيدة… التاريخ والأساطير من خلال نظرة سينمائية جديدة”. ثم، من المغرب “مؤمن السميحي… الانفصام النفسي للشخصية العربية تعبير عن الانفصام الثقافي”. ثم، من السعودية “عبد الله المحيسن… من الرياض إلى لبنان عبر التاريخ”. ثم، من السودان “جاد الله جبارة… أسئلة مطروحة على المخرجين العرب”.

أما في مجال التمثيل فقد تصدّرت الحوارت العناين التالية: “عبد الوارث عسر… السر المقدس في الفن التمثيلي”، و”عن فن التمثيل”. ثم، “أحمد مظهر… الفيلم المصري بنت فلاحة وجميلة!!”. ثم، “جميل راتب… الإحساس الفوري والتصاعد الدرامي في السينما”، و”الأعمال التجارية في الإطار الفني الرفيع”. ثم، “عزت العلايلي… إذن نقابي بالغناء”. ثم، “نادية لطفي… هناك رجال ونساء… عبيد!”. ثم، السوداني “علي مهدي… الفنان السوداني… والرؤية العربية”.

من بين الأمور المهمة المشتركة التي نستشفها من خلال تلك الحوارات المتنوعة والثرية، وعبر الإجابات عن الأسئلة أن الحدود بين الفنون الحديثة قد بدأت تذوب منذ فترة طويلة، وأن هذا الأمر يكاد يكون موضع اتفاق بين الجميع تقريبًا. في حين أننا سنلاحظ أيضًا عبر عدة حوارات مع أكثر من فنان أن التناقض في الآراء المطروحة حول الفن السينمائي قد بات جليًا، لا سيما فيما يتصل بالعلاقة بين الشكل والمضمون في صناعة الأفلام.

وبالرغم من أن جميع الحوارات تقريبًا جاءت على قدر من الأهمية البالغة، تفاوتت المساحة من حوار لآخر، وثمة مخرج أو ممثل أجرى الكاتب معه أكثر من حوار بالكتاب وليس حوارًا واحدًا، إلا إن هناك بعض الحوارات التي تعتبر فارقة عن حق. على سبيل المثال، أحد الحوارات الرائعة والعميقة الموجودة بالكتاب نجدها مع المخرج العظيم شادي عبد السلام، والذي تحدث فيه عن العمارة والهندسة المعمارية والفلسفة المعمارية، ثم انعكاس أو تطبيق هذا على السينما، وبخاصة فيلمه الرائع “المومياء”. وكيف أن العمارة على حد قول المخرج شادي عبد السلام: “العمارة فن تهذيب وترتيب الأفكار، وهي فن توظيف الأشياء فيما هو نفعي. ولهذا تعتمد على الاقتصاد في التعبير. وهذه هي المنطقة المشتركة بينها وبين السينما”.

كذلك من بين الحوارات المتميزة بالكتاب التي أجرها المؤلف والناقد نبيل فرج، حواره الجيد مع المخرج المخضرم يوسف شاهين، والذي تحدث فيه، من بين أمور أخرى، عن مشكلة النجوم الذين يعتبرون أنفسهم كواكب، وتعامل الجمهور معهم على هذا النحو، وتعوّده على أن يراهم هكذا.

أيضًا يخوض مؤلف الكتاب في حواره مع المخرج المتمرس محمد خان في العديد من القضايا السينمائية الشائكة في مجال صناعة السينما، ومن بين أهما ما قاله محمد خان عن الفرق بين المخرج المنفذ والمخرج الحرفي، وعن صدق الفنان مع نفسه وزمنه وإخلاصه لمبادئه وفنه.

ونلمس الأمر نفسه في أحد حوارات مؤلف الكتاب مع الممثل القدير عبد الوارث عسر، الذي تحدث فيه بصدق وعمق عن فن التمثيل، والمآخذ التي يأخذها على الممثلين السينمائيين والمسرحيين، وضرورة التنبه والالتفات جيدًا لما كتبه الفنان عبد الوارث عسر في ثنايا كتابه المهم “فن الإلقاء”، ومدى أهمية صوت الممثل الذي هو أداته الأولى قبل أي شيء لتوصيل الكثير من المعاني المرجوة.

وفي حواره مع الممثل السوداني المعروف على مهدي، تحدث على مهدي عن تجربته التمثيلية كبطل لفيلم “عرس الزين” المأخوذ عن رواية الكاتب والأديب السوداني الكبير الطيب صالح، وعن كيفية استفادة السينما من تحويل الروايات الأدبية إلى أعمال سينمائية رائعة وخالدة.