كاتب ومترجم وناقد – مصري
تعتبر ساحة جيندأرمينماركت من أكبر وأجمل وأعرق الساحات في حي ميتي بالعاصمة الألمانية برلين. يقع بالضلع الشمالي من الساحة مبنى الكاتدرائية الفرنسية وبالضلع الجنوبي منها مبنى الكاتدرائية الألمانية، وبينهما في جهة الشرق مبنى بيت الكونسير الألماني، ويتوسط الساحة تمثال الشاعر الألماني الكبير “فريدريش شيلر”. وقد تم إنشاء الساحة بواسطة المهندس المعماري “يوهان أرنولد نرينج” في نهاية القرن السابع عشر لتكون بمثابة سوق للحي. وقد أعيد تنظيم وتخطيط الساحة بواسطة المعماري “جورج كريستيان أونجرين” في عام 1773. وقد أطلق على الساحة هذا الاسم بعدما انتشرت فرقة الخيالة الملكية المدرعة الفرنسية التي كانت تحمل اسم “جيند دي أرم” في الساحة واحتلتها في عام 1773. ويمتد من الجهة الغربية للساحة لمسافة ثلاثة كيلومترات تقريبًا شارع “فريدريش” أو “فريدريش شتراس” ويوجد به مجموعة من البنايات السكنية الرائعة القديمة والحديثة الطراز، وبه مجموعة من أشهر المولات التجارية، منها المبنى الزجاجي لجاليري لافاييت الشهير.
تعتبر الكاتدرائية الفرنسية هي الأقدم من حيث البناء، إذ يرجع تاريخ بناءها للفترة بين عام 1701 و1705. وقد تعرضت لقدر من التدمير بعد هذا التاريخ لكن أعيد ترميمها، وأضيف إليها البرج المُقبب الموجود حاليًا والأروقة الخاصة بها، وهي من تصميم “كارل فون جونتر”، وذلك في عام 1785. والكاتدرائية مفتوحة للزيارة كما أن بها متحف خاص صغير، وبالإمكان الصعود إلى سطحها لمشاهدة الساحة من أعلاه، كما أنه ملحق بجانبها مطعم أو كافيتيريا يمكن للزوار الجلوس بها.
تتميز الكاتدرائية الألمانية ببناء معماري خماسي الأضلاع، وقام بتصميمها المهندس “جونتر جرونبيرغ”، وبنيت في عام 1708، وأشرف على بناءها المعماري “جيوفاني سيمونيتي”. وفي عام 1785 تم إدخال بعض التعديلات عليها بواسطة “كارل فون جونتر”، الذي أضاف للمبنى البرج المُقبب الموجود حاليًا. وقد تعرضت الكاتدرائية الألمانية للتدمير بالكامل خلال الحرب العالمية الثانية أثناء القصف عام 1945. وبعد توحيد ألمانيا أعيد بناء الكاتدرائية، كما كانت عليه في السابق، وانتهى البناء في عام 1993، وأعيد افتتاحها عام 1996 كمتحف مُصغر للتاريخ الألماني.
تم بناء بيت الكونسير الألماني، كما يعرف الآن، في الفترة ما بين عام 1818 و1821 على يد المعماري الألماني الشهير “كارل فريدريش شينكل”، كدار للعرض المسرحي. وقد أقيم هذا المبنى على أنقاض المسرح الوطني الذي تعرض لحريق مدمر في عام 1817، ويحتوي المبنى الحالي على بعض الجدران والأعمدة الناجية أو المتبقية من مبنى المسرح الوطني. وقد تعرض المبنى أيضًا لدمار بالغ أثناء الحرب وانتهت عملية إعادة ترميمه في عام 1984، وفقًا للتصميم الأصلي الذي وضعه شينكل للمبنى على الطراز الكلاسيكي الجديد، كما أعيد ترميم ونحت تماثيل المؤلفين الموسقيين الموجودة خارج المبنى وإعادتها كما كانت عليه، كما أضيف للقاعة الرئيسية جهاز أرغن ضخم. وتحول المسرح منذ ذلك التاريخ إلى قاعة للحفلات والعروض الموسيقية، وهو الآن مقر أوكسترا برلين السيمفوني، ويعتبر بيت الكونسير، من حيث التجهيزات السمعية، من أفضل خمس أماكن في العالم لإقامة الحفلات الموسيقية والأوبرالية.
أما تمثال الشاعر “شيلر” الذي يتوسط الساحة فهو من تصميم النحات “رينهولد بيجاس”، وقد أزيح الستار عنه في العاشر من نوفمبر عام 1871، بمناسبة مرور الذكرى الـ112 على مولد الشاعر الكبير. وتعتبر ساحة جيندأرمينماركت من أكثر الساحات التي يقصدها الزوار وأهالي برلين في أعياد الكريسماس حيث يقعد بها أحد أهم أسواق الكريسماس شعبية في العاصمة الألمانية.