برلين – محمد هاشم عبد السلام

 

على غير المعتاد، قرر القائمون على الدورة الخامسة والستين من مهرجان برلين هذا العام، أن يكون فيلم الافتتاح من ضمن الأفلام المشتركة في المسابقة الرسمية. وفيلم الافتتاح يحمل عنوان “لا أحد يريد الليل” من إخراج المكسيكية إيزابيل كوشيت، وبطولة النجمة العالمية جوليت بينوش، وتدور أحداثه في غرينلاند بالقطب الشمالي، عام 1909.

والفيلم الذي عُرض مساء أمس، عقب ختام حفل الافتتاح، هو الفيلم السابع في تاريخ المخرجة كوشيت الذي تشارك به في المهرجان، إذ سبق لها أن شاركت فيه بأفلامها داخل وخارج مسابقاته خلال الأعوام الاثنتي عشر الماضية. كما شاركت كواكسيت أيضًا في عضوية لجنة المسابقة الدولية للمهرجان في عام 2009. وإيزابيل كويكست، من مواليد إسبانيا عام 1960، وفي رصيدها ما يزيد عن عشرين فيلمًا بين الروائي والتسجيلي.

تقوم النجمة الفرنسية الكبيرة جوليت بينوش في الفيلم بشخصية “جوزفين بيري” أمام الممثلة اليابانية المتميزة رينكو كيكوتشي في شخصية “ألاكا”، والممثل الأيرلندي جابريل بايرن في شخصية “برام تريفور”. أما السيناريو فهو من تأليف كاتب السيناريو ميجيل باروس، والفيلم ناطق باللغة الإنجليزية وتبلغ مدته مائة وعشرين دقيقة. وهو من إنتاج إسباني فرنسي بلغاري مشترك، وتم تصويره في بلغاريا والنرويج وإسبانيا. وهو أول فيلم افتتاح على الإطلاق لمخرجة إسبانية.

يُصور الفيلم، الذي تدور أحداث الفيلم في منطقة جرينلاند القطبية خلال عام 1908، بورتريهًا مثيرًا للتأمل لامرأتين تكافحان بكل معنى الكلمة من أجل البقاء على قيد الحياة، في واحدة من أكثر المناطق صعوبة في العالم. والفيلم شخصياته مستلهمة من شخصيات حقيقية، كذلك فيما يتعلق بالأسماء والأماكن، مع اختلاف بسيط في سير الأحداث وتطوراتها.

يتناول الفيلم قصة امرأتان جمعهما الحب، على وجه التحديد، حبها لرجل واحد، ونشاهد فيه تطور العلاقة فيما بينهن من النقيض إلى النقيض، خصوصًا من جانب جوزفين، منذ التقاءهن وحتى افتراقهن. وذلك من دون أن يظهر هذا المحبوب في الفيلم، وهو المستكشف الأمريكي روبيرت إي. بيري، أحد أوائل مستكشفي القطب الشمالي، الذي لم يكن قد اكتشف بعد حتى ذلك التاريخ.

في بداية الفيلم نتعرف على المرأة الأولى، جوزفين، التي غادرت واشنطن من أجل الذهاب إلى زوجها الذي تغيب عنها طويلا في رحلته الاستكشافية إلى حيث القطب الشمالي. ونلمس منذ مطلع الفيلم مدى الحماس والإصرار لدي جوزفين على إتمام رحلتها أو بالأحرى مغامرتها، رغم الظروف المناخية القاسية غير المعتادة بالمرة. وكيف حاول العديد إبعادها عن تلك الرحلة منذ بدايتها وفي منتصفها وحتى ما بعد ذلك، من دون أدنى فائدة. “يجب على المرء دائمًا أن ينهي ما بدأه. وأنا سأنهي من هذه المهمة”، تقول جوزفين في مطلع الفيلم.

لقد أرادت جوزفين أن تفرض رأيها وقانونها الخاص، حتى على أعتى الظروف المناخية قسوة، والتي لها في تلك المنطقة من العالم الكلمة العاليا وقانونها، كما أخبرها قائد الرحلة. ومع رغبتها تلك في المواصلة واستمرارها في رحلتها، عاقبتها الحياة بقانونها الخاصة، لا سيما بعدما اكتشفت آخر ما يمكن لها أن تتصوره، لا سيما في تلك الأجواء، ومتعلق بزوجها الحبيبي الذي من أجله تحملت كل هذا.

والفيلم بالفعل مغامرة حقيقة، كذلك فيما يتعلق بموضوعه. لكن ليست بالمغامرات تصنع السينما الخالدة، التي طمحت إيزابيل كوشيت، دون شك، أن يكون فيلمها هذا من بينها. لكن الكثير من الأمور المتعلقة بفيلم “لا أحد يريد الليل” حالات بالطبع دون ذلك. فمثة، دون شك، عدة عيوب بارزة بالسيناريو، الذي كان من الممكن تعميقه أكثر من هذا.

كذلك بعض المشاهد غير المتقنة أو الضعيفة، أيضًا غير الضرورية. وحتى فيما يتعلق ببعض الوسائل التقنية التي لجأت إليها المخرجة في إخراج بعض مشاهد الفيلم. أما على مستوى الأداء، خاصة تمثيل البطلة جوليت بينوش، فبكل تأكيد لن يكن هذا الفيلم من أهم وأقوى أداءت هذه الممثلة الرائعة. ويرجع، بالطبع، قدر من هذا الأداء غير المتميز لبينوش، إلى مخرجة الفيلم، إيزابيل كوشيت.